آراء وأقلام نُشر

الإعلام الموازي .. مرة أخرى!!

عبد القوي العديني

عبد القوي محمد العديني

"حفظه الله ، أوقعنا بمشكلة كبرى لا أدري كيف سنواجهها في قادم الأيام .."

بهذه الكلمات تلقيت حديث احد الزملاء الناشرين هاتفيا ، ومعها آهات ومخاوف زعم أن سببها توجيهات فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح إلى الحكومة لاعتماد الكادر الإعلامي للصحفيين والإعلاميين العاملين في المؤسسات الحكومية!
و لأن الأخ الرئيس قد انتصر للكادر الإعلامي للمؤسسات الحكومية وللوسائل الإعلامية الرسمية ، فإنه في ذات الوقت ، حسبما اعتقده هذا الزميل ، أدخل الصحف الأهلية في أزمة ستبدو نتائجها في قادم الأيام ، وإن استمرت الصحف على وضعها الراهن، فإن مصيرها سيكون حتماً الانهيار أو الموت .
إن تاريخ قرار فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح والخاص بإطلاق الكادر الإعلامي والموافقة عليه للصحف الرسمية والوسائل الحكومية ينبغي أن يكون يوماً مهما ومناسبة تاريخية لمجمل أشكال واتجاهات وألوان الصحافة اليمنية ؛ إذ ان القرار لطالما تطلع إليه الصحفيون والإعلاميون في بلادنا ..
غير ان القرار بقدر ما هو منجز بقدر ما يمثل تحدٍ حقيقي وأزمة عاصفة ستحل بالناشرين اليمنيين الذين ينبغي عليهم الآن تدارك أوضاعهم والشروع بتأسيس كيان يجمعهم وينظم شؤونهم و مستقبل إصداراتهم وحياتهم المهنية والعملية ..
أزمة حقيقية لا تقل عن هزيمة اللقاء المشترك وفشله الأسبوع الماضي في كيفية جمع نقاط الحوار بدلاً من التفريط بالفرص التي كانت قد حظيت بمتابعة دولية كان من الصعوبة التراجع عنها ..
أزمة الناشرين تتمثل في مطالب الصحفيين و المحررين الذين بدؤوا يقارنون مرتباتهم التي يحصلون عليها من الصحف الأهلية مقابل مرتبات زملائهم في الصحف والوسائل الحكومية حالياً ..
وبعد الكادر !! هل فكرت فخامة الرئيس في الصحافة القوية التي تساندك في مكافحة الفساد ؟ هل فكرت في الصحافة الاقتصادية المتخصصة ؛ كإعلام قوي وموازٍ للتنمية ؟
نثق بإبداعك وملكاتك التي وهبك الله إياها .. إذ أنك تدرك بأن الصحافة الأهلية محطة فخرنا كدولة ديمقراطية ، وان تسامحك مع الصحافة ودعمك لها سمة راقية وحضارية تجسدت بعهدك وغابت في فترات سابقة وقهرت في حقبة ولت وسقطت ، كما تلاشت في عهود بادت لأنها جانبت الحكمة ! فخامة الرئيس ..
إليك الرجاء والآمال فأنت رئيس الدولة ومدبر شؤونها ، وهذا واجبك ومسئوليتك .. وصحفنا مهددة بالموت .. فالأعباء تراكمت والجهود تتلاشى تبددت ، ولم يبق بمقدورنا الصمود .
وبالقطع سيكون لدعمك ولتوجيهك ما يساهم في بناء الصورة الحقيقية المطلوبة من وسائل الإعلام الأهلية ؛ ربما بإنشاء مدينة مجانية للإعلام .. أو برسوم رمزيه للخدمات وأجور العمل فيها ..بما يجعلنا نقدم صحافة تبني ولا تهدم .
للأسف اعترف ، ويقدر ويدرك ذلك الجميع وفي المقدمة الصحفيون والإعلاميون أنفسهم ، بأن بعض أصحاب ومسئولي الصحافة الأهلية و كثيراً ممن يتولون إصدارها وإداراتها همهم الأول المال و الأضواء ..، وفتح أبواباً جديدة وإن كانت غير مشروعة ؛ يساهمون في صناعة الأزمات داخل المجتمع وتعبئة الأحقاد والخلافات والتحريض على ما يفسد الحياة ويخل بالأمن والاستقرار ..
غير انك لو أوليت الإعلام والثقافة اهتمامك ، لأصلحت ما أفسده الدهر ، ولأكملت بذلك سلسلة منجزاتك العظيمة وأنت تنتصر للإعلاميين والصحفيين سواء كانوا في صحف الحكومة أو في صحف المعارضة .
وفي الغالب فكل الإعلاميين والأدباء والمثقفين والسياسيين في هذه البلاد لا يقبلون بظروف مقبولة أو معيشة متواضعة ، ولا يعتمدون على ما هو ممكن ؛ فكل أديب يتطلع إلى منصب ملحق ثقافي كأقل حق ينصف فرادته وتميزه !! وكل صحفي يريد لنفسه صحيفة ولا يقبل ان يعمل في إطار مجموعة صحفية يملكها زميل أو صحفي ، يوجب التصرف الذكي العمل معه واكتساب خبرته وتميزه .. وكل سياسي ينتظر منصب وزير أو يترقب الوقت المناسب لينقض على منصب الأمين العام للحزب الذي ينتمي إليه !! فخامة الرئيس : ربما لو أن الصحفيين والإعلاميين حصلوا على حياة مستقرة ،لأبدعوا بما هو خلاق .. ولقدموا ما يبني ،و بمقدور الأقلام ان تبني وأن توجه التوجيه الصحيح والسليم دون الوقوع في خندق التزييف و المكايدات والأكاذيب ، ولولوا هرباً من صحافة الجعجعة إلى غير رجعة .
ولنا فرصة التأمل والاطلاع على تجارب غيرنا في وسائل إعلام وشركات إعلامية كبرى غربية وأوربية في بلدان متقدمة من الحرية والديمقراطية ، لا ينتجون ما تقترفه في الغالب وبتعمد مسبق بعض الوسائل والصحف الأهلية والحزبية في هذا الوطن الغالي والعزيز ؟ إذ  ان الصحف في تلك الدول ترى فيما يمس قوميتها ودولها خطاً أحمر ، وخيانة عظيمة دونها الموت وأشد العقاب .. وعوداً على بدء .. فأن تحقيق مساواة عدالة للجميع سيكون لها اثر ينقل الجميع من المناكفات إلى الشراكة و المسؤولية الاجتماعية .
إن هذه الصحف الأهلية امتصت من العمالة الإعلامية ما يقدر بالآلاف .. لذلك ينبغي دعمها ومساندتها واعتماد مخصصات دعم معقولة من خلال وزارة الإعلام .. بدلاً عن مخصص مخجل قدره (50) الف ريال يصرف نهاية كل عام لصحف هزيلة لا تخجل من نفسها وهي تقبض مبلغاً هزيلاً بهذا القدر .
فخامة الأخ الرئيس .. ربما لو أنه تم تخصيص اعتماد مناسب للصحافة اليمنية من مخصصات الحكومة المرصود للترويج و والندوات والمؤتمرات والزيارات الخارجية التي غالباً ما تكون اعتبارية أو بتمثيل أكبر .
ومن شروط هذه الميزانية أو (برنامج الدولة ) لدعم الصحافة المسئولة .. التي يحق لها ان تمارس نشاطها وتحصل على نصيبها من هذا الدعم دون ان تتقيد بشروط ، باستثناء ضرورة الالتزام بقيم ومبادئ لا يجب تجاوزها ، وفي مقدمتها ، سيادة الوطن ووحدة الدولة وهيبتها وكرامتها وتقديس كل ما يجعل "اليمن أولاً "في حياتنا وأعمالنا وثقافتنا.. نطمح ان يحظى الصحفي ومجال الإعلام برعاية أكبر ؛ لا تقل شأناً عن رعايتك ورؤيتك الصائبة في دعم وتشجيع رجال المال والأعمال والشركات المستثمرة في تشيد المصانع والمنشآت ، ولأنك نجحت في هذا المجال ، وحققت منجزات عظيمة على أرض الواقع ..
نأمل فخامة الأخ الرئيس أن تولي صانعوا الإبداع الاهتمام الممكن لما يجعل بلادنا الأجمل ، ولما يعكس للعالم يمننا الحقيقي ؛ بروعته وحضارته ، وليبقى زعيمه الذي نفخر به بحق ، ونفخر بمنجزاته بكل أمانه وصدق .
شكراً فخامة الرئيس لصبرك ولسعة صدرك .. شكراً لأعمالك ، وشكراً لك وأنت توحد اليمن في مايو 1990 وتبني فيما بعد اقتصاده ، وتتابع تنميته وشؤونه بكفاءة وحرص ، وشكراً لك لأنك ستجعل من2009 عاماً لازدهار الصحافة .

abdulqwi@alestethmar.net


 

مواضيع ذات صلة :