الأخبار نُشر

هل تخمد أزمة النحاس ثورة الذكاء الاصطناعي؟

تصطدم خطط العالم للتحول في الطاقة نحو القضاء على انبعاثات الكربون، إضافة إلى خطط التوسع في الذكاء الاصطناعي بأزمة حقيقية خلال السنوات المقبلة،

هل تخمد أزمة النحاس ثورة الذكاء الاصطناعي؟

مع ارتفاع أسعار النحاس وهذا ليس الخطر الأكبر بينما تراجع إنتاج المعدن الأحمر عالمياً يمثل خطراً آخر، في حين يمثل ذلك هاجساً أكثر خطورة للدول التي لديها توترات جيوسياسية مع الصين وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، إذ تعد بكين أكبر منتج ومستهلك للنحاس في العالم.

النحاس هو المعدن الجيد الذي يستخدم كموصل للكهرباء بدرجة عالية وبأسعار معقولة نسبياً، إذ يستخدم في الأسلاك منذ 200 عام، قبل أن يدخل حالياً في صناعة الكابلات والمحركات والبطاريات والمكونات الإلكترونية الضرورية للانتقال نحو الطاقة النظيفة وكذلك هو مكون أساس في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والشرائح الإلكترونية.

في تلك الأثناء قالت شركة "ترافيغورا" لتجارة السلع الأولية إن "الطلب على النحاس المرتبط بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات قد يزيد ما يصل إلى مليون طن بحلول عام 2030، مما يفاقم عجز المعروض قرب نهاية العقد".

السيارات الكهربائية

وتتوقع الشركة أن يؤدي التحول في الطاقة الذي يشمل السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة إلى زيادة استهلاك النحاس في السنوات المقبلة مع تحرك العالم نحو القضاء على انبعاثات الكربون.

وتعليقاً على ذلك، قال كبير الاقتصاديين في "ترافيغورا" ومقرها سويسرا، سعد رحيم، في قمة "فايننشال تايمز" العالمية للسلع الأولية في لوزان "إذا نظرنا إلى الطلب القادم من مراكز البيانات والمرتبط بالذكاء الاصطناعي فسنجد أن هذا النمو قد انتعش بشدة فجأة"، مضيفاً "المليون طن تضاف إلى فجوة العجز التي لدينا والتي تتراوح ما بين 4 و5 ملايين طن بحلول عام 2030"، موضحاً "على أي حال هذا شيء لم يأخذه أحد في الاعتبار بالفعل في كثير من أرصدة العرض والطلب".

وتشير التوقعات إلى بلوغ الطلب العالمي على النحاس نحو 26 مليون طن هذا العام، في حين أظهر مسح أجرته "رويترز" ونشر في يناير (كانون الثاني) الماضي أن التوقعات تشير إلى ارتفاع العجز في سوق النحاس إلى أكثر من 100 ألف طن في عام 2025 مقابل عجز يبلغ 35 ألف طن هذا العام.
تعد الصين هي أكبر منتج ومستهلك للنحاس في العالم، وتهيمن على الإمدادات العالمية لكثير من المعادن الصناعية الأخرى اللازمة لتحول الطاقة وهذا مصدر قلق لزعماء الغرب الذين يتعين عليهم الوصول بصافي الانبعاثات إلى الصفر.

وعن ذلك قالت كبيرة الاقتصاديين في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بياتا يافورسيك "أخشى أن يؤدي تصاعد التوتر الجيوسياسي إلى إبطاء التحول الأخضر"، مضيفة "تسيطر الصين على حصة كبيرة من إنتاج المواد الخام الحيوية بينما يسيطر الغرب وحلفاؤه على حصة صغيرة نسبياً في بعض من تلك المواد الخام الحيوية".

قالت إن "الصين تهيمن أيضاً على إنتاج عناصر التربة النادرة والجرافيت اللازم لبطاريات السيارات الكهربائية".

أسعار قياسية

في غضون ذلك سجلت أسعار النحاس في بورصة شنغهاي مستويات قياسية الإثنين الماضي، إذ وصلت أسعار المعدن الأحمر إلى أعلى مستوى على الإطلاق، لتلحق بالمكاسب التي شهدتها الأسعار في بورصة لندن للمعادن الأسبوع الماضي وسط آمال خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي).

وصعدت العقود الآجلة للنحاس تسليم مايو (أيار) المقبل في بورصة شنغهاي الإثنين الماضي بنسبة 2.1 في المئة ليصل إلى مستوى قياسي عند 75.17 ألف يوان (10.39 ألف دولار) للطن.

وجاءت الارتفاعات المشهودة في بورصة لندن التي طاولت بورصة "شنغهاى" هذا الأسبوع وسط آمال المستثمرين بخفض أسعار الفائدة من قبل "الفيدرالي"، كما أدى ضعف الدولار إلى دفع أسعار النحاس في بورصة لندن إلى أعلى مستوى منذ 14 شهراً الأسبوع الماضي.

في سياق متصل، وفي خضم تحول عالمي غير مسبوق في مجال الطاقة، يتوقع محللون ارتفاعاً كبيراً في أسعار النحاس، وهو سلعة محورية في البنية التحتية للطاقة المتجددة ولتحقيق أهداف المستدامة.

في الأسبوع الأول من الشهر الجاري توقعت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" أن ترتفع أسعار النحاس بأكثر من 75 في المئة خلال العامين المقبلين وسط اضطرابات إمدادات التعدين وارتفاع الطلب على المعدن، مدفوعاً بالتوجه نحو الطاقة المتجددة.

وأشارت إلى أن ارتفاع الطلب مرتبط بخطط التحول إلى الطاقة الخضراء والانخفاض المحتمل في الدولار الأميركي في النصف الثاني من عام 2024، مضيفة أنه "من المتوقع أن تؤدي عوامل مثل زيادة الطلب على السيارات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة والاتجاه الأوسع للكهرباء إلى دفع أسعار النحاس إلى 15 ألف دولار للطن".

في غضون ذلك وبحسب توقعات "ستاندرد أند بورز غلوبال" سيؤدي التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة إلى زيادة الطلب على النحاس بصورة كبيرة في السنوات المقبلة، مشيرة إلى إمكانية أن يزيد الطلب إلى 50 مليون طن بحلول عام 2035، قائلة "سيكون أقوى طلب من أميركا والصين وأوروبا والهند".

إلى ذلك فإن إمدادات النحاس لن تكون قادرة على مواكبة الطلب بدءاً من عام 2025، إذ كان نمو المعروض من النحاس بطيئاً في السنوات الأخيرة، وفقاً لمجموعة دراسة النحاس الدولية، وبلغ إنتاج النحاس المستخرج عالمياً 21.8 مليون طن عام 2022، وهو ما يمثل زيادة قدرها مليون طن فقط على مدى ثلاث سنوات.

لكن من جهتها أشارت أبحاث "غولدمان ساكس" إلى أن الموافقات التنظيمية لمناجم النحاس الجديدة تقل بعد أن انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاماً.

 

اندبندنت عربية


 

مواضيع ذات صلة :