حوارات نُشر

مدير عام الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية : تجار الأدوية سبـب إيجاد المهربين

سوق الدواء في اليمن يعيش تداخلات في الاختصاص وازدواجا في المسئولية وتكاد تطغي عملية تهريب الأدوية عليه ..
الدكتور عبد المنعم علي الحكمي-مستشار وزير الصحة العامة والسكان، المدير العام للهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية قبل بشجاعة أن يدخل هذا الحوار الجرئ.. مع «الاستثمار»:
الدكتور عبد المنعم علي الحكمي - مدير عام الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية:
هل يوجد تداخل في صلاحيات الهيئة وصلاحيات وزارة الصناعة والتجارة؟
-لا يوجد تداخل بين الهيئة وبين وزارة الصناعة والتجارة لأن وزارة الصناعة مختصة بالجوانب التجارية أي بعقد التوكيل، بينما الهيئة العليا مسؤولة عن الجوانب الفنية.
ماذا عن التنسيق بينكم وبين الوزارة؟
-نعم.. هناك تنسيق ما بين الهيئة ووزارة الصناعة والتجارة بشأن عدم تسجيل الشركة في الهيئة العليا إلا بناءً على توكيل صادر عن وزارة الصناعة والتجارة.
الهيئة العليا للأدوية مسؤولة عن الجوانب الفنية، مسؤولة عن مواصفات مصنع لشركة تقوم بتصنيع الأدوية.. وعن إتباع شروط التصنيع الجيد.. ومسؤولة عن أنواع الأدوية وفعاليتها وجودتها.
لماذا تتم بعثرة المسؤوليات.. ألم يكن من الأصلح أن توحد؟
-كل جهة معها قانون انشاء، ومحدد فيه مهام واختصاصات، هذا الموضوع لو يراجع سيكون أفضل.. وما أقصده أن هناك فرقاً كبيراً مابين مهام هيئة الأدوية، وبين مهام وزارة الصناعة والتجارة.. يعني عقود الشركات تسجيلها أو منحها السجل التجاري هذه من مهام وزارة الصناعة.. وهذا نعتبره جانباً تجارياً لا دخل لنا به!!.
وفي حال حدوث تنازع بين ممثلي ووكلاء الشركات في اليمن.. أين تقف مسؤوليتكم.. ودوركم؟
-ليس لنا دور في موضوع التنازع التجاري بين الوكلاء والشركات.. ونحن نعتمد ما صدر عن وزارة الصناعة والتجارة نعتمده من حيث التوكيل.. أما بشأن نقل التوكيل من وكيل إلى آخر فيتم في إطار وزارة الصناعة والتجارة.. نحن في الهيئة مسؤولون عن الجوانب الفنية، عندما تأتينا شركة للتسجيل نحرص على أن تكون الشروط أن تمتلك سجلاً تجارياً، وأن يكون عقد التوكيل مسجلاً بوزارة الصناعة.. أما يتبعها من اجراءات هي من اختصاص الهيئة.
ننتقل إلى جانب آخر.. عن سبب تراكم الأدوية المهربة والأدوية ضعيفة الجودة في السوق الدوائية ولماذا لا تعالج هذه المشكلة؟
-الهيئة هي مسؤولة عن المستوردين والمسجلين بصفة رسمية فقط.
ماذا عن حياة الناس وصحتهم؟
-حياة الناس مسؤوليتنا.. الأدوية التي تأتي بطريقة رسمية مسؤولية الهيئة، وكذا مسؤوليتها شروط نقل الأدوية وشروط التخزين، لكن مؤخراً ظهر وسطاء.. كما أن الصيدليات ليست من مهام الهيئة العليا. وهي في إطار السلطة المحلية تتبع مكاتب الصحة في المحافظات.
لكن ما الذي يمنع أن يكون لكم إشراف ولو من خلال التنسيق؟
- بعض الجهات تعتبر ذلك تدخلاً في مسؤوليتها ويعتبرون أننا نتعدى على اختصاصاتهم.. ومؤخراً جرى تنسيق عملية الاشراف والمتابعة فكثر المندوبون من أمانة العاصمة.. ومن المديريات وغيرها لا بد أن يكون في حملة التفتيش.
لو كانت مسؤولية جهة واحدة لكان أفضل.
لماذا لا يتم توحيد المسؤولية وتحديداً في مجال الإشراف على الدواء وخزنه وجودته وحصره بهيئة الدواء؟
-الحقيقة.. تم الرفع بمشروع قرار جمهوري لإعادة تنظيم الهيئة لاستيعاب المهام المتعلقة بالدواء، وللتفتيش على الدواء أينما وجد.. وهذا القانون الذي سلم إلى وزارة الشؤون القانونية منذ حوالي سنتين لم يبت فيه إلى اليوم.
ما الذي اعاق إصدار القانون إلى الآن.. وهل تمت متابعته منكم؟
-لا.. لا.. قصدي هناك «بعض المعوقات».. لا مجال لذكرها هنا.
هل الموانع من وزارة الشؤون القانونية؟
-لا.. لا ليس من وزارة الشؤون القانونية.. كما ذكرت لك أن تضارب الاختصاصات يجعل الناس يظنون.
معنى كلامك أن هناك أموراً خفية.. تيسر تهريب الأدوية دون مراعاة لحياة الناس؟
-لا.. لا.. ليس هناك أمور خفية كما تتصور.
هناك من يرى أن مهربي الأدوية يسرحون كما يشاؤون في السوق الدوائية؟
-هذه الأمور غير صحيحة.. أي نعم إذا قلنا أن هناك نسبة من الأدوية المهربة.. وهذه مشكلة عالمية، وإن وجدت في السوق الدوائية اليمنية فهي بكمية محدودة!!، لكن لا يمكن أن يسمح بأن يمارس لتهريب الأدوية كما يشاء المهربون.. وهي ظاهرة محدودة جداً.
يشتكي مدراء شركات دوائية تهريب من كثافة التهريب؟
-هؤلاء تجار الأدوية مع احترامي الشديد لهم، هم من تسببوا في ايجاد هذه الشريحة.. الموجودون في السوق الدوائية ليسو مهربين، وإنما تجار جملة للأدوية.. هؤلاء التجار يشترون الأدوية من المستوردين الرسميين.. ويمكن أن نقول أن بعضهم مصدر بيع أدوية مهربة أو مزورة أو دون وضوح.. لكن أساس وسبب وجود تجار الجملة للأدوية.. هم المستوردون الرسميون.
أنتم كهيئة أين تقف مسؤوليتكم من هذا؟
-مسؤولية الهيئة هي أولاً تسجيل شركة الأدوية والتأكد من مواصفات الأدوية ومن فعاليتها وجودتها، وتحديداً الأدوية الرسمية المسجلة لدينا كهيئة.. كما تتحدد مسؤوليتنا في الرقابة على شروط الخزن للأدوية.
أين يكمن الخلل في تسرب الأدوية المهربة؟
-الخلل أولاً في وجود أكثر من شريحة مسؤولة على الإشراف على سوق الدواء.. لأن هناك ازدواج في المهام، وفي اختصاصات بعض الجهات الرقابية.
كم جهة رقابية على الدواء؟
-فيما يخص الدواء.. لدينا الإدارة العامة للصيدليات بوزارة الصحة، ومعنا مكاتب الصحة في الأمانة والمحافظات، ومكاتب الصحة في المديريات.. هؤلاء هم أطراف المسؤولية الجماعية فيما يخص الإشراف على سوق الدواء.
أما مسؤولية الهيئة العليا للأدوية فهي محدودة ونحن نقوم بواجبنا فيما يخص تسجيل الأدوية والسماح بإستيرادها بالطريقة الرسمية، لكن الأدوية التي تدخل البلاد بطريقة غير رسمية.. عبر منافذ غير رسمية.. مواجهتها هي مسؤولية جماعية.. مسؤولية الناس كلهم، يدخل فيها الأمن والجيش.
وضع الصيدليات لا يسر.. وخاصة الكثافة في المدن.. هل يرضيكم ذلك؟
-أنت الآن تجرنا إلى موضوع ثانٍ، نحن في انتظار صدور قانون الصيدلة والدواء.. لأنه في حال صدوره سينظم شروط مزاولة مهنة الصيدلة، وسوف ينظم شروط فتح المنشآت الطبية ومصانع الأدوية والمكاتب العلمية.. القانون لو صدر سوف يحل لنا مشاكل مزاولة المهنة وفتح المنشآت الصيدلانية.
بالنسبة لمصانع الأدوية في اليمن.. وتنظيمها والحفاظ على البيئة كيف تتعاملون معها؟
-هذا الموضوع عام.. وكان المفروض أن توجهه إلى هيئة حماية البيئة.. والمشكلة لا تقتصر على مخلفات مصانع الأدوية، فقط وإنما يجب أن تكون هناك طرق للتخلص من النفايات الخاصة بالمستشفيات، وكذلك مخلفات منتجات المبيدات الحشرية، وغيرها.
عندما تستدعون للإشراف على اتلاف الأدوية المنتهية أو المهربة والمصادرة.. يتم إتلافها بالطريقة التقليدية.. وهذه الطريقة ألا تترك أثرها السلبي على البيئة؟
-بالتأكيد تترك أثراً سلبياً على البيئة وعلى التربة.. لكن نأمل من الهيئة العامة لحماية البيئة أن يضعوا مثل هذه الأمور في عين الإعتبار، وأن يقوموا بوضع الآليات المناسبة لإتلاف جميع المخلفات، منها مخلفات المستشفيات والمعامل، ومصانع المواد البلاستيكية، ومصانع الجلود وغيرها.
هل ترى أن مختبرات الهيئة العليا للأدوية مكتملة وتفي بالغرض؟
-نحن بصدد إنشاء مختبر مرجعي بمواصفات عالمية يستوعب جميع التحاليل.. لأن المختبر القديم بقدرته الاستيعابية لا يستطيع استيعاب تحاليل الأمصال ومشتقات الدم.. وخلال سنة سنكون قد أكملنا إنشاء المختبر الجديد.
هل يتعاون القضاء مع الهيئة؟
-القضاء.. والجانب التشريعي جانب مهم جداً.. ويجب أن يكون هناك قانون يجرم مثل هذه الأعمال.. يعني عندما نضبط أدوية مهربة أو مزورة، ونسلمها إلى السلطة القضائية هيئة الدواء تدخل المحاكم مع المهربين كطرف، ولكن بسبب عدم وجود تشريع قانوني يجرم هذه الأعمال، فلا يتم تنفيذ الأحكام الصادرة ضد عمليات تهريب الأدوية.
كم عدد القضايا المنظورة أمام القضاء؟
-هناك قضية في عدن لها أكثر من سنة.. وأخرى في الحديدة وصدر الحكم فيها ولم يتم تنفيذ الحكم حتى الآن، وقضية أخرى في أمانة العاصمة.
من الملوم والمسؤول عن ذلك؟
-القضاء هو المعني بمتابعة تنفيذ الأحكام.. لأن الهيئة ليست طرفاً في تنفيذ الحكم.. الهيئة جهة فنية تقوم بضبط الأدوية المهربة والمزورة وتحيلها إلى السلطة القضائية.. والمفروض أن الجهات المختصة تقوم بتنفيذ القوانين بحقها.
هل تم تسريب تلك الأدوية مثلاً؟
-لم تسرب.. لكن لم ينفذ الحكم ضدها.. الآن هناك قضية تهريب أدوية موجودة في أمانة العاصمة لم يتم البت فيها حتى اليوم.. ولها في القضاء حوالى سنة.. وكلما تحجز القضية للنطق يتغير القاضي.. ثم تعود من البدء ومن جديد في مقاضاتها.. أقصد أن هناك خللاً في الجانب التشريعي.. لأنه لا توجد هناك نصوص قانونية واضحة لتجريم التهريب والتزوير للأدوية.
إذاً.. لماذا لا تقوموا بإعداد مثل هذه التشريعات؟
-نحن قمنا بإعداد قانون الصيدلة والدواء ولم يصدر حتى الآن من وزارة الشؤون القانونية.
هل قمتم بتعقيب إلى وزارة الشؤون القانونية لاستكمال مراجعة وإصدار القانون؟
-نعم.. قمنا بذلك.. وخاطبنا وزارة الشؤون القانونية أكثر من ثلاث مرات.. وهم الآن بصدد مراجعة القانون وإصداره.
ختاماً.. لمن توجه رسائل عتاب؟
-أولاً أدعو السلطة القضائية إلى التعامل مع مهربي ومزوري الأدوية بإعتبارهم مع قتلة.
العتاب الثاني.. لمستوردي الأدوية نطالبهم ونقول لهم أن ضمان جودة الدواء تمر عبر منظومة متكاملة بدءاً من النقل والتخزين حتى يصل إلى المستهلك، أيضاً أنبه مستهلكي الأدوية بأنه يجب أن يكون مصدر الدواء لهم يبدأ من الشركة ثم الوكيل، ثم الصيدلية ثم المستهلك، لأن وجود وسطاء هو السبب في وجود بعض الأدوية المزورة والمهربة.
العتاب الثالث: ادعو أصحاب الصيدليات والعاملين فيها إلى عدم التعامل مع الأدوية المهربة أو المزورة، وأن يشتروا الدواء من الوكلاء الرسميين.

 

مواضيع ذات صلة :