حوارات نُشر

المنتصر : الماليزيون يرون مستقبل اليمن صناعي

المستثمرون الماليزيون قدموا إلى اليمن.. وبدأت ترسخ شراكة استثمارية.. ولكن هناك المزيد من الاستثمارات الماليزية تتهيأ للقدوم إلى البلاد..
الماليزيون يرون أن مستقبل اليمن يقوم على بناء الصناعات فيها.. وهناك اكثر من مجال بامكان الاستثمارات الماليزية أن تحدث فرقاً في تحريك هذا المشهد.. تحدث سعادة السفير عبد الله المنتصر سفير بلادنا في ماليزيا.. في هذا الحوار..

حاوره/محمد الحمادي

ترى كيف هي العلاقة بين اليمن وماليزيا استثمارياً وتجارياً؟
-أرى هذه فرصة مناسبة للتحدث واعطاء القارئ المهتم بالجوانب الاقتصادية والاستثمار بين اليمن وماليزيا.. صورة مختصرة وواضحة عن حجم العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين.. حجم الميزان التجاري بين اليمن وماليزيا يبلغ 312 مليون دولار.. ويميل الميزان التجاري لصالح ماليزيا حتى الان..
ونحن دورنا كسفارة في إطار خطة عمل البعثات الدبلوماسية وتوجيهات القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، نعمل جاهدين على إعطاء ملف الاستثمار اولوية خاصة..
في ماليزيا بدأت مهامي في السفارة في مطلع العام 2008م وكان ملف الشراكة الاستثمارية والتجارية بين البلدين، ودعوة المستثمرين الماليزيين الى اليمن في رأس برنامج عملي كسفير وقد التقيت بعدد كبير من رجال الاعمال في القطاع الخاص بماليزيا، وتمكنا - بفضل الله سبحانه وتعالى - من إنشاء علاقة خاصة مع الغرفة التجارية والصناعية الماليزية.. وأثمرت جهود السفارة خلال عام كامل في قيام وفد تجاري ماليزي كبير شارك في أعمال مؤتمر «الصناعة.. مستقبل اليمن» الذي عقد في حضرموت في شهر نوفمبر 2008م.. وتكون الوفد الماليزي من اكثر من 60 شخصية تمثل كل قطاعات التجارة والاقتصاد والتعليم.. وأيضاً وجهت دعوة من دولة رئيس مجلس الوزراء إلى الدكتور مهاتير محمد لرئاسة وفد ماليزيا.. وكان لزيارته لليمن صدى خاص، باعتباره مهندس التنمية في ماليزيا، ومن الشخصيات الاقتصادية العالمية.. حيث كان لحضوره مؤتمر «الصناعة.. مستقبل اليمن» أثر خاص.. إذ ألقى محاضرة عن تجربة ماليزيا الاقتصادية، وتحدث في المؤتمر في المكلا.. وتمكن رجال الاعمال الماليزيين في صنعاء من اقامة علاقة مباشرة مع نظرائهم في اليمن..
ونحن في العام 2009م بدأنا نلمس شيئاً من التواصل والتفاهم بين رجال الاعمال والمستثمرين في البلدين.

كسفارة.. ما الذي قدمتموه من تسهيلات للمستثمرين في البلدين سواء كانوا ماليزيين أو يمنيين؟
-قانون الاستثمار اليمني.. قانون جيد، والمزايا التي يعطيها القانون للمستثمر العربي والاجنبي واليمني، مزايا ممتازة.. ودور السفارة الاساسي هو الترويج للاستثمار في اليمن، الذي يتم عبر عدة وسائل.. هناك وسائل إقامة ندوات في البلد الذي معتمد فيه البعثة.. ونحن عملنا على إقامة اربع ندوات خلال العام 2008م والنصف الأول من العام 2009م حول الاستثمارات في اليمن.. تحدثنا أمام رجال الاعمال الماليزيين والمؤتمرات الاقليمية التي عقدت للترويج للاستثمار، تحدثنا عن مزايا الاستثمار، وما يقدمه قانون الاستثمار اليمني من مزايا للمستثمرين..
وتحدثنا عن حق المستثمر الاجنبي بامتلاك المشروع 100٪ والاعفاء من الضرائب، والتسهيلات التي تقدمها الهيئة العامة للاستثمار، من تسهيل اقامة المشاريع الاستثمارية للمستثمرين الاجانب.

كيف ترون أثر بعض الاشكاليات التي تعيق اليمن عن جذب الاستثمار إلى اليمن؟
-يجب أن نكون واقعيين.. نحن حقيقة عندما نتحدث مع المستثمرين الاجانب ونقدم لهم مزايا الاستثمار في اليمن، ونوضح لهم ان اليمن بلد بكر وفيه امكانات هائلة للاستثمار في مجالات عدة، منها الصناعة والتعليم، والسياحة، نلقى تجاوباً كبيراً منهم، وكثير من رجال الاعمال زاروا اليمن خلال العام 2008م ومطلع العام 2009م الزيارات كانت مكثفة، ولكن يجب أن نكون واقعيين بأن القضية الامنية تشكل عائقاً أمام الاستثمارات الاجنبية..
هؤلاء الذين يختطفون الأجانب والمأجورين في صعدة وغيرهم، يسببون خسائر اقتصادية كبيرة للبلاد.

الاوضاع الأمنية.. ومشكلة صعدة.. هل هزت ثقة المستثمرين الماليزيين؟
-سأعطيك مثالاً.. لدينا الان مشروع استثماري سياحي في المكلا ستقيمه الغرفة التجارية والصناعية الملاوية.. هذا المشروع كان يفترض ان يبدأ تدشين العمل فيه خلال العام 2010م.. أنا الآن قلق بسبب التأطير، لان وسائل الاعلام تتناقل كل ما يجري في العالم.. ووسائل الاعلام تنقل عن الحالة الأمنية في اليمن.. فهؤلاء عندما يتحدثون عن الحرب في صعدة، المستثمرون الماليزيون لا يعلمون أين هي صعدة، ودورنا في السفارة يتحدث بقيامنا بتوضيح الصورة للمستثمرين ونؤكد لهم أن هذه الحرب هي في أطراف اليمن، وهي محدودة وفي منطقة محصورة، ولكن في ذات الوقت الاستثمار والتجارة بحاجة الى بيئة آمنة.. نحن نتمنى، وندعو الله أن تنتهي هذه المشاكل الأمنية وأن يتم القضاء ودحر هذه الفتنة.

لكن أين هو دوركم كسفارة لاعطاء صورة ايجابية عن اليمن؟
-بالنسبة لنا في ماليزيا.. لنا علاقة مباشرة مع وزارة السياحة، ولدينا برنامج عمل مع الوزارة نفسها.. وحرصنا خلال الربع الاخير من العام 2009م وبدايةالعام 2010م أن يكون لدينا برنامج لجذب الاستثمار والسياحة من ماليزيا واندونيسيا وبروناي وسنغافورة الى اليمن..

هل معنى ان نشاط السفارة في ماليزيا يمتد الى بلدان أخرى.. هل يأتي في اطار التنسيق بين السفارات؟
-نحن نعمل.. ونتواصل مع سفارتنا في «جاكرتا» باعتبار أن اللغة التي تستخدمها هذه الدولة هي اللغة المالوية، لغة واحدة، والثقافة بينها مشتركة وهي الثقافة الاسلامية، ولذلك الحديث عن الترويج السياحي في ماليزيا وإلى سنغافورة وبروناي واندونيسيا.. نحن قمنا بترجمة المعالم الاسلامية السياحية في اليمن.. اعدته وزارة السياحة، وتولت السفارة في ماليزيا ترجمته، والآن سيطبع إن شاء الله من قبل وزارة السياحة، وسنقوم نحن في السفارة بالترويج وتوزيع هذا الكتيب.

ما الجديد في هذا الجانب؟
- لدينا برنامج طموح وهو استقدام عدد من الوكالات السياحية الماليزية ذات المستوى المتطور، لتقوم بالترويج للسياحة الاسلامية في اليمن من دول شرق آسيا..
نحن في هذا الجانب نوضح وهذا واجبنا كمبعوثين دبلوماسيين، إذ نؤكد للجميع أن اليمن آمنة وهي بيئة صديقة للاستثمار والسياحة.

ما هي طبيعة التساؤلات التي تصل اليكم في السفارة من المستثمرين الماليزيا عن الاوضاع في اليمن؟
-ربما أن الاخبار مبالغ فيها في الاطار العربي والمحيط الاقليمي لليمن، لكن بالنسبة لتجربتنا في شرق آسيا.. هم يسألون عن اليمن ويسألون عن الاخبار، ولكنهم يتقبلون ما نطرحه عليهم بشكل هادئ.. عندما توضح لهم أن كل دولة في هذا العصر.. فيها نقطة ساخنة.. فهناك مثلاً في جنوب الفلبين مشاكل، وحرب بين الدولة ومجموعة من المتطرفين، وفي جنوب تايلاند هنا جيوب للمتطرفين.. فنحن نطرح لهم امثلة بأن اليمن ليست خارج هذه الاشكاليات!!

ماذا عن توجه الاستثمارات الماليزية في مجال النفط والطاقة في اليمن؟
-الماليزيون لديهم شركة تعمل في «بلحاف» في مشروع الغاز الطبيعي المسال، وأيضاً هناك الشركة الماليزية الوطنية لنقل البترول والغاز لها استثمارات في اليمن.
ونحن نعمل على تشجيع شركة النفط الوطنية الماليزية «بتروناس» للمجيء إلى اليمن والمشاركة في التنقيب والبحث عن النفط والغاز..

هل أبدى مستثمرون ماليزيون أخرون رغبتهم في الاستثمار في اليمن؟
-كنت قد التقيت بعدد من المدراء التنفيذيين لشركات ماليزية.. وعندهم استعداد للاستثمار في قطاع النفط.. ونحن في انتظار اعلان وزارة النفط والمعادن المناقصة الدولية الثالثة من أجل أن نبدأ بالترويج لها في ماليزيا، وتشجيع شركة «بتروناس» على المجيئ الى اليمن والمشاركة في هذه المناقصة..

ماذا عن رعايتكم للاستثمارات اليمنية في ماليزيا.. وكيف تقيمونها؟
-الاستثمارات اليمنية في ماليزيا كانت من اوائل استثمارات الشرق الاوسط في ماليزيا.. بدأت مجموعة هائل سعيد وهي المجموعة الرئيسية للاستثمارات في ماليزيا حيث بدأت منذ 19 سنة.. وهم الآن يملكون مجموعة كبيرة في «كوالالمبور».. وتقدر استثمارات المجموعة بمائتين وخمسين مليون دولار.. منها 75 مليون دولار في ماليزيا، و180 مليون دولار في اندونيسيا، واستثمارات المجموعة في زيت النخيل ولديهم مزارع واسعة وخدمات شحن ومصافي الزيت في ماليزيا واندونيسيا، لكن المركز لنشاط المجموعة في ماليزيا.. ويصدرون نحو 10٪ من صادرات ماليزيا من زيت النخيل ويغطون منطقة الشرق الاوسط وافريقيا..

ماذا عن الاستثمارات الماليزية الاخرى.. التي تسعى للدخول الى اليمن؟
-لدى الماليزيين الاستعداد للمشاركة في الصناعة وانشاء صناعات.. وقد تحدثنا مع رئيس الغرفة التجارية والصناعية في ماليزيا قبل فترة، الذي قال لنا بأن لديهم عدد من المستثمرين في الصناعات الخفيفة والمتوسطة وهم مستعدون للسفر الى اليمن والاستثمار فيها.. فالماليزيون يعتقدون أن مستقبل اليمن مستقبل صناعي، باعتبار ان اليمن تتوفر فيه المواد الخام.. وبلد واعد ويمتلك موارد بشرية..
ولدينا في اليمن شركة استشارية ماليزية تعمل الان مع وزارة الصناعة والتجارة.. وهذه الشركة تقوم الان بتحديد الصناعات والمناطق الصناعية في اليمن.. وتقوم بدراسات علمية لمساعدة البلاد للترويج للصناعة في اليمن.. وهناك برنامج تعاون ثنائي بين البلدين في هذا المجال، من خلال نتائج الدراسات العلمية الاستشارية لهذه المجموعة الماليزية سيتم تحديد الصناعات التي يمكن اقامتها في اليمن.. ومن هنا سيتم الترويج لها في ماليزيا وفي غيرها من البلدان.

في ختام الحوار معكم سعادة السفير.. ما هي رسائل العتب الهادى الذي تريد ان توجهه الى جهات يمنية؟
-لدينا في مارس 2010م المهرجان: «ماليزيا في اليمن».. العتب الذي نود أن نوجهه الى معرض «أبولو».. فقد سبق ان جاء فريق من الغرفة التجارية الماليزية للاطلاع على المعرض التجاري الذي ستشارك فيه حوالي 100 شركة ماليزية من ضمنها الجامعات الخاصة والترويج للسياحة والاستثمار والتجارة..

ما هو العتب؟
-العتب أن كلفة الايجار للمعرض يساوي سبعة أضعاف المعارض في «كوالالمبور».. وأنا كتبت رسالة لوزير الصناعة والتجارة بذلك..

لماذا لا يتم اختيار معارض اخرى؟
- الماليزيون عندما يتحدثون عن المعارض في اليمن ينظرون الى معرض «اكسبو» ويرون أنه جيد ومجهز..

هل يمكن أن تتسبب هذه الاشكالية في تأجيل هذا المهرجان؟
-حقيقة.. أنا في قلق، اذا لم تكن الاسعار معقولة فمن الصعب أن تقنع الآخرين أن يأتوا ويستأجروا في معارض اليمن بأسعار خيالية.. وهذه أول صدمة فوجئت بها.


 

مواضيع ذات صلة :