اقتصاد يمني نُشر

الأزمة تزيد فئة العمالة غير الماهرة في الخليج

Imageذكرت دراسة بحرينية متخصصة في شوؤن اسواق العمل الخليجية ان الازمة الاقتصادية العالمية قد تزيد من تدفق العمالة الوافدة على دول مجلس التعاون الخليجي وفي الوقت الذي تحتدم فيه اثار الازمة الاقتصادية على دول العالم من بينها الخليجية.
واوضحت الدراسة التي قدمها الخبير البحريني المعتمد لدى منظمة العمل الدولية والمجلس الاقتصادي لدول جنوب شرق اسيا والباسيفيك محمد ديتو انه على الرغم من احتدام الازمة الاقتصادية الدولية الا ان دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت امتصاص اي اثار اولية لها، وهي ليست الدول الوحيدة في العالم الا ان الفارق الاساسي يكمن في ان تلك الدول اعتمدت في تجاوز ازمتها على بنية اقتصادية متنوعة ومتينة بينما الدول الخليجية اعتمدت بشكل اساسي على مدخراتها من فوائض النفط.
 وقال الخبير الدولي ديتو في دراسته انه «اذا اخذنا بعين الاعتبار حقيقة ان المؤشرات الاولية لاسواق النفط تشير الى ان اسعار النفط قد تتراجع او تستقر عند معدلاتها الحالية خلال العامين المقبلين فذلك يعني ان مستقبل هذه الدول سيعتمد بشكل كبير على انفاق المدخرات بدلا من استثمارها بصورة تعود المنفعة والربحية عليها».
وحول انعكاس الازمة على القطاع الخاص ودوره في سوق العمل، اشار الى ان القطاع الخاص في دول الخليج يعتمد بصورة رئيسة على الانفاق الحكومي وذلك عبر ارساء المناقصات عقودا حكومية ينتفع منها القطاع الخاص، وبالتالي فان نشاطه مرتبط بصورة كبيرة بحجم الانفاق الحكومي.
 تجاوز الأزمة واوضح انه اذا ما تم الاخذ بعين الاعتبار بان الحكومات الخليجية هي الملاذ حاليا لتجاوز الازمة فان الانفاق الذي ستخصصه سيرسم حجم مساهمة ونشاط القطاع الخاص واداءه المستقبلي.
وقال اما المسار المحتمل لحركة العمالة بين دول جنوب شرق اسيا ومجلس التعاون الخليجي « فستتشكل بصورة رئيسية وفقا لما تحتمه قوى الشد والجذب بين الجانبين، بمعنى اذا كان هناك قوة طرد كبيرة في الدول المرسلة للعمالة نتيجة لتنامي الفقر وعودة العمال وصاحب ذلك طلب متزايد من الدول المستوردة للعمالة فقد نشهد زيادة في عدد العمالة الوافدة».
واكد في هذا السياق اهمية «الا نبني توقعاتنا على سيناريو واحد»، مشيرا الى انه على الرغم من بروز طرح يشير الى انخفاض الطلب على العمالة الوافدة في المرحلة الراهنة الا ان الاحصائيات تبين عكس ذلك وهو دليل على انه قد يكون من المبكر الحكم على ذلك اذ ان المؤشرات الموجودة تشير الى تزايد الطلب كما هي الحال في دبي اذ ان حجم الزيادة في منح تراخيص العمل حتى اكتوبر 2008 زاد 38 في المائة مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الذي سبقه.
واضاف في هذا السياق ان هناك استمرارا في الطلب على العمالة السعودية بالمعدل نفسه وكذلك الحال في البحرين «وبناء على ذلك لا يوجد حاليا مؤشر واضح يبين ان هناك انخفاضا في الطلب على العمالة مما يعني ان الوضع القائم مستمر، وبالتالي فان العوائد المالية الناتجة عن التحويلات لم تتاثر على عكس ما يشاع».
وقال انه من الضروري الابتعاد عن اسقاطات ذات صيغ عامة تجري هنا وهناك في العالم على دول الخليج، داعيا الى «الا نتحول من قراءة الواقع الى القراءة وفقا لاحكام مسبقة».
يذكر ان مؤسسة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني اصدرت تقريرا بعنوان «دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا قد تعاني من تراجع التحويلات نتيجة الركود العالمي» جاء فيه انه في العام الماضي بلغ اجمالي التحويلات من العاملين المصريين واللبنانيين والاردنيين والتونسيين والمغاربة في الخارج اكثر من 27 مليار دولار، وذلك ثلاثة امثال تحويلات هؤلاء لبلادهم في مطلع القرن الحالي.
وبلغ نصيب تلك التحويلات من الناتج المحلي الاجمالي لتلك الدول ما بين خمسة في المائة في حالة مصر وتونس و20 في المائة في حالة لبنان. تصدير العمالة وبالنسبة لدول شمال افريقيا فان اغلبية العمالة المغتربة منها موجودة في دول الاتحاد الاوروبي، اما بقية الدول فعمالتها المغتربة موجودة في دول الخليج.    

    

Image

الأزمة تسببت بعماله غير ماهرة


على صعيد متصل، قال الخبير ديتو في دراسته انه نتيجة لأن دول آسيا ذات كثافة سكانية عالية والعمالة المتوفرة، وبخاصة فئة العمالة غير الماهرة، فان الأزمة ستؤدي إلى نوع من زيادة العرض لفئة العمالة غير الماهرة، وبالتالي تدني اجورها وهذا الأمر قد يشجع على المزيد من استخدامها «لذا قد نجد انفسنا في ظل الأزمة ان الدوافع لاستقدام العمالة قد تزيد ولن تنخفض، وعلينا ان ننتبه من انه في خضم الأزمة فان اعتمادنا الكبير على العمالة الوافدة قد يتعمق ويتعزز بدلا من ان تكون فرصة لتصحيح الاوضاع».
وقال الخبير ديتو ان «الأزمة قد تشكل فرصة اذا ما تم التعامل معها بحكمة»، موضحا «انها فرصة لاعادة هيكلة اسواق العمل وبخاصة من جانب الطلب على العمالة من جانب ايجاد عمالة اكثر انتاجية».
 وأضاف انه «هناك معضلة مستمرة تتمثل طريقة التعامل مع اسواق العمل في الدول الخليجية، اذ انه في الوقت الذي تحاول هذه الدول وبشكل مفهوم تجسيد رغبتها في توطين العمالة، تجد ان التوطين التام امر صعب للغاية في ظل تركيبة اسواق العمل وطبيعة مجتمعاتنا التي تعتمد بشكل كبير على خدمات عمالة وافدة..
ولكن يجب ان نؤكد اهمية هذا المطلب، وهو يستجيب لاحتياجات الكثير من الشباب الداخلين لسوق العمل، ولكن الفيصل هو ان تكون العلاقة تكاملية بين العمالة الوافدة والوطنية وليس متناقضة كما يصورها البعض».
وقال ان طرح تسهيل انتقال العمالة العربية هو «طرح ايجابي في بعض نواحيه، ولكن يجب الا يكون ذلك مدعاة لتمييز قومية على قومية اخرى، لان اسواق العمل تعتمد على التكلفة والأجر والمهارات، وهذه المقاييس يصعب ان نحصرها في اطار جنسية او قومية معينة، وعلينا ان نعرف حدود هذا المطلب وكيف نتعامل معه».
وأوضح ان «ما يحصل الان في اسواق العمل في الخليج هو ما يطلق عليه الخبراء (اسيوة) الأسواق، أي غلبة العنصر الآسيوي نتيجة لرخصها والطلب القوي عليها ووجود سوق مخفي لا يعرف حجمه وهو سوق التأشيرات والمتاجرة برخص العمل يضاعف من هذا الأمر». وقدم اقتراحا من انه «بدلا من الدخول في صراع بشأن هوية سوق العمل فانه من المهم ان نذهب إلى ما هو ابعد من ذلك واضفاء الصبغة الانسانية عليها وتعزيز البعد الانساني عليها وذلك من منظور العمل اللائق الذي اعتمدته منظمة العمل الدولية».
وأضاف انه «في ظل هذه المعادلة لن تكون هناك مشكلة ما بين عامل مواطن ووافد، أي ان التمايز ليس على اساس الهوية التي ستحدد نوعية الحقوق وانما على اساس المهارات والانتاجية والكفاءة».
وأكد الخبير الدولي ديتو ضرورة تحديد ما هي الاولويات الحالية في سياسة العمالة المهاجرة في ظل الأزمة الاقتصادية، لان هناك مجموعة واسعة من المطالب والتحديات ما قبل الأزمة وقد تأتي الأزمة لتصفي عناصر جديدة، ولكي لا يكون هناك خلط للامور فان من الضروري تحديد ما هو المهم الذي يجب ان نركز عليه في الفترة المقبلة».
 وقال علينا المثابرة في الاستمرار بتحسين وضع سوق العمل وعدم الارجاء نتيجة للازمة، محذرا من ان النكوص على سياسة الاصلاح في سوق العمل «قد يكون خطرا محدقا في كثير من الامور المتعلقة بالعمالة المهاجرة».

المصدر : كونا


 

مواضيع ذات صلة :