اقتصاد يمني نُشر

أزمــة حماية.. خلاف جديد يحتدم بين الحكومة والقطاع الخاص

Image فيما لايزال ملف قانون ضريبة المبيعات في إنتظار الحسم بقرار قضائي: خلاف جديد يحتدم بين الحكومة والقطاع الخاص
مطلع فبراير الماضي أطلقت هيئة المواصفات اليمنية، البرنامج الدولي لشهادة المطابقة في بلد المنشأ، وقالت إنه حدث اقتصادي مهم للغاية بالنسبة لليمن، لكن الحدث سرعان ماتحول إلى أزمة بين الحكومة والقطاع الخاص.

لم تكن الحكومة في أسوأ الاحتمالات تتوقع ردة فعل التجار. لقد جاء رد القطاع التجاري غاضباً وساخطاً ومستاءً وينظر إلى البرنامج على أنه «كارثة» وتدخل في السيادة اليمنية، وأن هيئة المواصفات تنازلت عن دورها لشركات أجنبية.
ظل القطاع على مدى 6 سنوات سابقة يهاجم الحكومة ويرفض تطبيق قانون ضريبة المبيعات، واليوم يشن هجمات جديدة على هيئة المواصفات بسبب برنامج «حماية».
يسخر محمد محمد صلاح-نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية من ضعف دور هيئة المواصفات أو إلغاء دورها لشركات وهمية ويبدي استعداد قطاع الأعمال لدعم الهيئة ودورها الوطني بكل الامكانيات، واصفاً برنامج «حماية» بأنه «صفقةً مشبوهة»، تورطت الهيئة الوطنية من خلالها، ويؤكد أن القانون ينص على فحص السلع الواردة في المنافذ وليس في بلد المنشأ، إذ يهدد باللجوء إلى القضاء في حال استمرار البرنامج، ويلمح صلاح إلى حدوث «كارثة» على كل البلاد، إذا اتخذت اجراءات لمنع دخول المنتجات، أو إذا وصل الأمر إلى حجز البضائع بدون نص قانوني.
مصدر حكومي أفاد لـ«الاستثمار» بأن التجار المعترضين هم أصلاً ممثلون لشركة «scs» لفحص المنتجات والتي رفضت هيئة المواصفات عرضها، ووافقت على عرض شركتي «كوتكنا» و«بيفاك»، واللتين لهما تواجد محلي في اليمن عن طريق ممثلهما التاجر حميد الأحمر.
يوضح المصدر أن مايحدث هو صراع بين التجار أنفسهم من أجل الربح، وليس من أجل الوطن، بينما يتحدث القطاع التجاري عن أيادٍ خفية تلعب من وراء الستار، وتقف وراء إصرار المواصفات على المضي قدماً في تنفيذ البرنامج.
وبينما تدخل الأزمة بين الحكومة والتجار مرحلة أشد سخونة، يوجه رجل الأعمال حسن الكبوس انتقاداً شرساً إلى برنامج «حماية» واصفاً شركتي «كوتكنا» و«بيفاك»، بأنهما «وهميتان» و«فاشلتان»، وذواتا «أهداف مشبوهة»، والغرض من دخولهما اليمن خدمة مصالح فئة من الفاسدين الذين يعملون لجني الأموال على حساب المواطنين وقوتهم.
ويؤكد الكبوس بلهجة شديدة: «هذا لن يتم، والقطاع التجاري لن يسمح مطلقاً بحدوثه، والقانون سيحمينا من هذا الإبتزاز العبثي وغير الشرعي». بدا الكبوس منزعجاً للغاية، ومعظم رجال الأعمال والتجار منزعجون.
وعدا أن البرنامج مجحف بحق البلد والمواطنين ويسيء إلى الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، فإن التجار يشكون من اجراءات مجحفة بحقهم، تتمثل في قيام الشركة بفرض مبلغ ألف دولار عن كل حاوية، ويلمحون إلى أن هذه المبالغ المفروضة عليهم، سوف تنعكس في ارتفاع الأسعار على المستهلك.
انتقادات القطاع التجاري تتضمن افتقار نظام الفحص لبرنامج «حماية» للموضوعية والشفافية والسرية والحيادية، فضلاً عن كونه يضع كافة المعلومات والبيانات الخاصة بالقطاع التجاري والصناعي اليمني بيد طرف أجنبي يبحث عن الربح، وقد يستخدمها لخدمة مصالحه.
ويوضح أحمد سالم شماخ-عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالحديدة أن تطبيق هذا البرنامج يحجم الصادرات اليمنية، وسيقضي على أية فرصة ممكنة لها لمنافسة صادرات دول العالم المتقدمة.
وفي رسالتها إلى دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، تؤكد الغرفة التجارية بأمانة العاصمة أن هيئة المواصفات بهذا البرنامج تخضع أفراد القطاع الخاص والعام للإبتزاز من قبل الشركة الأجنبية، وتعدد الرسالة مساوئ «حماية» منها: «أن قيام مثل تلك الشركات بعملية التفتيش والفحص سوف يؤدي إلى الإضرار بأفراد المجتمع وفتح باب المساومة والرشاوى وخضوع القطاع الخاص لتطبيق شروط ومبادئ أجنبية خارجة عن الدستور والقانون».
وأكثر من ذلك ترى أن تسليم مهمة الفحص لشركات أجنبية معناه التخلي عن سيادة البلد واستقلاله، لتتحول إلى مستعمرة تدير شؤونها إقطاعيات وشركات أجنبية تضع مصالحها الإقتصادية وأرباحها التجارية فوق كل اعتبار.
مقابل انتقادات شرسة من القطاع الخاص، لاترى الحكومة في برنامج «حماية» سوى إجراءً مهماً لحماية المواطن من الغش والتزوير، ويؤكد المسؤولون أن التراجع عن هذه الاتفاقية الدولية ومدتها سنتان، يعد أمراً مستحيلاً وغير وارد.
وبرؤية فاحصة إلى معارك الحكومة والقطاع الخاص، نجد أن الحكومة دائماً تتراجع عن وعودها وقراراتها لصالح تعزيز مسيرة الشراكة مع القطاع الخاص لتشجيع الاستثمارات.
وكمثال، فإن الحكومة على مدى أكثر من 6 سنوات ظلت تؤجل تنفيذ قانون ضريبة المبيعات، وتذعن في كل مرة لطلبات قطاع الأعمال، الذي يستمر في اتهام الحكومة بانها تضع العراقيل، وبأنها غير جادة بالشراكة.. وتواصل الحكومة في كيل انتقادات للقطاع الخاص كونه يتهرب من دفع الضرائب، ويرفض تنفيذ القوانين، وأنه دائم التذمر والشكوى ويبالغ في مخاوفه، ولايخدم التنمية بإخلاص قدر سعيه إلى تحقيق الأرباح وجني الأموال.
وفي آخر جولات الصراع لجأ الطرفان إلى القضاء، والحكومة تؤكد أنه قد طفح الكيل.
وهذه المرة تبدو المعارك أشد سخونة ولايمكن التكهن بالنتائج، وهل يلتقيان في منتصف الطريق أم سيكون القضاء هو الحكم؟.


نقلا عن مجلة الاستثمار


 

مواضيع ذات صلة :