اقتصاد يمني نُشر

اليمن .. تحديات اقتصادية داخلية وخارجية شوهت اقتصاد دولة الوحدة

البنك المركزي اليمني

البنك المركزي اليمني

التحول الجديد الذي شهدته اليمن في عام 1990 المتمثل بدولة الوحدة اليمنية يمثل تحولاً مهماً في  تاريخ واقتصاد اليمن، كما أنه حمل في طياته عدداً من الاضطرابات والمعوقات الداخلية والخارجية ، فالاقتصاد الجديد الذي جاء انعكاساً لاقتصاديات الشطرين ولد محملاً بمشاكل وهموم أكثر تعقيداً كالبطالة والتضخم والركود الاقتصادي والديون الخارجية ، الأمر الذي حد من تحقيق النمو الاقتصادي المطلوب .
لم يكن الاقتصاد سواء في الشطر الشمالي أو الجنوبي لليمن أحسن حالاً قبل تحقيق الوحدة اليمنية الأمر الذي انعكس سلباً على اقتصاد دولة الوحدة لتتراكم الأعباء وتتنوع الضغوط سواء الداخلية أو الخارجية .

تعرض الاقتصاد لصدمات داخلية متعددة

 فعملية دمج اقتصاديين مختلفين يعد مسألة صعبة فالمحافظات الشمالية تعمل بنظام اقتصاد السوق الحر في حين كانت المحافظات الجنوبية تعمل بنظام اقتصاد مركزي ولم تقف المشكلات عند ذلك الحد فقط بل إن الاقتصاد الجديد تعرض لصدمات متعددة داخلية و خارجية ومن الصدمات الداخلية حدوث ازدواج في العمالة وظهور العمالة الفائضة جراء تشابه الأجهزة الحكومية، وواجهت اليمن أعباءً أخرى تتمثل بالكثافة السكانية واتساع حجم البطالة في سن العمل، خاصة أن هناك ضعف في التأهيل والتدريب لمن هم في سن العمل وعدم قدرة الحكومة على توفير فرص عمل كافية إضافة إلى عجزها عن تصدير هذه العمالة إلى الخارج جراء غياب التأهيل الكفء ، إضافة إلى نشوب العديد من الأحداث السلبية التي كبدت اليمن خسائر كبيرة جداً منها حرب صيف 1994 التي تراوحت خسائرها بين (11 - 13) مليار دولار ، ثم ظهور آفة الإرهاب التي أثرت بشكل كبير على سمعة اليمن خارجياً وأضرت بالسياحة اليمنية، إضافة إلى استهدافها للعديد من المنشآت العامة والخاصة مما استدعى من اليمن التوجه نحو مكافحة الإرهاب والذي كلفها الكثير من الأموال، ليواجه الاقتصاد اليمني بعد ذلك حرباً أخرى في محافظة صعدة أثرت بشكل كبير على عملية النمو الاقتصادي ،ومن الأحداث السلبية أيضاً ما يجري في بعض محافظات اليمن الجنوبية من أعمال تخريبية تستهدف العملية التنموية وتؤثر على سمعة اليمن وتعمل على إيقاف الجهود المبذولة لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والخارجية للاستثمار في اليمن إضافة إلى العديد من الأزمات والكوارث الطبيعية منها فيضانات الأمطار التي أصابت المنطقة الشرقية العام الماضي ، والتي قدرت خسائرها بمليار و300 مليون دولار .

صدمات خارجية

 كما أن الصدمات الخارجية تمثلت بالديون الخارجية التي تحملتها دولة الوحدة والمقدرة بـ«11» مليار دولار ، ثم التطورات التي شهدتها منطقة الخليج العربي والانتعاش الإستخراجي للبترول مما أحدث فجوة بين تلك الدول واليمن إضافة إلى حرب الخليج الثانية في عام 90م والتي نتج عنها انعكاسات محلية بعودة حوالي (800) ألف مغترب يمني من دول الخليج لينتج عن ذلك أزمات متعددة كالبطالة وأزمات السكن والتنافس على الناتج المحلي ليدخل الاقتصاد الجديد في منعطف حرج استوجب إجراء إصلاحات إقتصادية لتفادي الإختلالات الاقتصادية وتحقيق إستقرار نسبي في المؤشرات الاقتصادية ، حيث كان الوضع الاقتصادي والمالي مع نهاية 1994 ينذر بأزمة عجز في الموازنة ويسير في الاتجاه السالب ليصل إلى «48» مليار ريال ، حيث ارتفع ذلك العجز من (8.6 %) في العام 1990 إلى (17.1 %) من الناتج المحلي في العام 1994 ، وارتفعت المديونية الخارجية لنفس الفترة من (114 %) إلى (280 %) ، ووصل عجز الميزان التجاري إلى (20.2%) من الناتج المحلي صاحب ذلك تدهور في سعر صرف العملة الوطنية وعجز في ميزان المدفوعات، فكان برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري نقطة مهمة لإحداث إصلاحات اقتصادية وهيكلية تهدف إلى إيجاد قاعدة جديدة للنشاط الاقتصادي وفقاً للمتغيرات الدولية ومواكبة للتطورات الحاصلة في الاقتصاديات العالمية ينتج عنها اقتصاد يتمتع بالقوة والاستقرار.

استراتيجية بناء مؤسسات الدولة

ومع منتصف العام 1995 بادرت الحكومة بإعداد الخطة الخمسية 96-2001م ووضع إستراتيجية اقتصادية على كافة المستويات حيث ركزت الخطة على أهمية بناء مؤسسات الدولة وتحسين أدائها وفق العمل المؤسسي وما من شأنه تطوير النشاط الاقتصادي والتنموي، وحسب ما تشير التقارير الاقتصادية، فإن الحكومة اليمنية نجحت في تنفيذ عدد من الإصلاحات الضرورية خلال الفترة 1990-2001، وذلك في مجالات السياستين النقدية والمالية وسياسة سعر الصرف والأسعار والتجارة الخارجية، لتحقق في ذلك تقدماً ملموساً برز من خلال الاستقرار الاقتصادي الكلي ورفع معدلات النمو وتحرير الأسعار والتجارة الخارجية، وتوحيد وتحرير سعر الصرف، وفي ذلك يرى كثير من خبراء الاقتصاد بأن مشكلة تدهور سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية جاء إثر اعتماد اليمن بشكل كبير على الاستيراد من الخارج وعدم النظر إلى تحقيق الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي إضافة إلى العائدات من النفط والتي يتم التعامل بها عن طريق العملات الأجنبية، مؤكدين على أن غياب المعالجة طويلة الأجل لمشكلة سعر الصرف أدى إلى اتساعها حيث أن السياسة التي اتخذها البنك المركزي عن طريق ضخ الدولارات إلى السوق المحلية تعد حلاً آنياً وغير مجدياً في ظل التطورات الاقتصادية .

جهود في الإصلاحات المالية

كما أن الحكومة بذلت جهوداً من أجل تطبيق إصلاحات في المالية العامة والعمل بالأدوات غير المباشرة في الإدارة النقدية وتغذية الرقابة المصرفية ومن خلال هذه الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة استطاعت اليمن أن تحصل على منح من المجموعة الدولية تضمنت إعفاءها من ديونها الخارجية ، وحسب الإحصائيات الرسمية فإنه منذ بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في العام 1995م تراجع عجز الموازنة العامة من (17.1 %) عام 1994 إلى (6.7 %) من الناتج الإجمالي في عام 1998 وإلى (1.2%) عام 1999، ثم تحول هذا العجز إلى فائض يقدر بـ(2.5 %) عام 2001 و إلى (3 %) عام 2005م ، كما انخفض العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات ليحقق الميزان التجاري فائضا يتراوح بين (766.5) مليون دولار في العام 2001 و (2.2) مليار دولار في العام 2005 ، وحقق ميزان المدفوعات ما بين 2. 653 و 4. 584 مليون دولار خلال نفس الفترة وتشير هذه الإحصائيات إلى تقدم الحكومة في إطار برنامج الإصلاحات الذي أسهم في تخفيض إجمالي الدين العام الخارجي القائم من حوالي 11 مليار دولار الذي يمثل (206 %) من الناتج المحلي الإجمالي نهاية عام 1995م إلى(5.2) مليون دولار بنسبة (55 %) من الناتج المحلي الإجمالي نهاية عام 2005 ، كما انخفضت التزامات خدمة الدين العام الخارجي من (42 %) إلى (6 %) خلال نفس الفترة .

انتقادات النقد الدولي

إلا أن تقرير صندوق النقد العربي لعام 2008 أشار إلى إنه مع بداية العقد الحالي شهد النصف الأول منه تباطؤ في مسيرة الإصلاح الاقتصادي جراء ارتفاع عائدات النفط الذي صاحبه تخفيف القيد المالي على الحكومة إضافة إلى ظهور معارضة داخلية لبعض جهود الإصلاح الاقتصادي تسببت كل تلك في عدم إحراز تقدم كافٍ في مجالات إصلاح حيوية مثل تخفيض دعم الوقود وتطبيق الضريبة العامة على المبيعات وإصلاح الخدمة المدنية وإدارة الإنفاق العام ، وأضاف التقرير: لقد أدركت الحكومة اليمنية أهمية مواصلة وتعميق الإصلاحات لتهيئة البيئة المناسبة والمشجعة للاستثمار وتحقيق النمو المستدام وتخفيض البطالة لتزيد من مضاعفة الجهود لتسريع وتيرة الإصلاحات التي خلصت بتبني أجندة توعية للإصلاحات في بداية 2006م بدعم من شركاء التنمية الدوليين استهدفت تحسين المناخ الاستثماري وتحسين الشفافية ومحاربة الفساد بصورة تتكامل مع أهداف الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشمل الفترة 2006-2010.

الإصلاحات بحاجة إلى تقييم

حيث استطاعت اليمن أن تحظى بدعم ومساندة المانحين من الدول الشقيقة والصديقة ومن المؤسسات الدولية والإقليمية جراء نجاحاتها في الإصلاحات التي قامت بها لينتج عن ذلك عقد مؤتمر المانحين لليمن في نهاية 2006 وتوفير دعم ميسر يفوق «4.7» مليار دولار أي ما يقلص الفجوة التمويلية لبرنامج الاستثمار خلال الفترة 2007-2010 بنسبة «86 ٪» .

Image

الدكتور . طه الفسيل


من جانبه الدكتور/ طه الفسيل-أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء-أشار إلى أن اليمن منذ عام 1990 وبعد تحقيق الوحدة اليمنية شهدت جملة من الانجازات في مسار التنمية والتحولات السياسية، إضافة إلى الإصلاحات التي أتت للوقوف عند مشاكل داخلية وتطورات خارجية وهذه الإصلاحات ليست على اليمن فقط وإنما على كثير من الدول .
مضيفاً: هذه الإصلاحات حققت جوانب ايجابية رغم أن هناك أسباباً وعراقيل فنية ومالية واقتصادية داخلية أعاقتها عن تحقيق أهدافها بالشكل الكامل، ومثل هذه الأشياء هي بحاجة إلى تقييم موضوعي تندرج فيه كثير من القضايا .
أما بالنسبة للأوضاع الاقتصادية التي تلت فترة ما قبل الإصلاحات من 91 إلى 1995 تختلف كثيراً فمنذ 1996 إلى الآن ظهرت فوارق كبيرة من حيث الاستقرار الاقتصادي والنمو والاستقرار المالي وأشياء كثيرة عن تلك الفترة التي سبقت عملية الإصلاحات ،مؤكداً أن الإصلاحات أخذت فترة طويلة جداً إلا أنها لم تتمكن إلى الآن من تحقيق النمو في كافة القطاعات غير النفطية بالشكل المطلوب، وهذا له أسباب مالية وفنية واقتصادية ، لكن هناك العامل الأهم هو الاستقرار السياسي بمعنى أن ما تحقق خلال الفترة من 95 إلى 2000 من استقرار سياسي وتوجه القيادة السياسية والمساندة الشعبية للتحولات الديمقراطية التي شهدتها اليمن كان لذلك الأثر الأكبر في تحقيق الاستقرار السياسي والنجاحات الواسعة.

العمليات الإرهابية أدخلت اليمن في مأزق اقتصادي

ومن ذلك فلابد أن يكون هناك توجه إلى المجال الاقتصادي لينال دوراً أكبر في المرحلة القادمة لأنه أساس أي نجاحات سواء اقتصادية أو سياسية ،منوهاً إلى أن هناك عدداً من التحديات واجهتها اليمن خلال مسيرة الإصلاحات كالعمليات الإرهابية التي استهدفت المدمرة الأمريكية «كول» في عدن، وما تعرضت له الناقلة الفرنسية في سواحل حضرموت، وهذه العمليات أدخلت اليمن في مأزق اقتصادي ضيق ثم بعد ذلك الالتزامات بعد أحداث 11/سبتمبر 2001 وتبني برامج مكافحة الإرهاب لتتحمل اليمن أعباء دون أن تتمكن من تلقي مساعدات لتجاوز هذه الأعباء وقال الفسيل : ما نأمله أن يكون في المرحلة القادمة تنشيط للقطاعات الاقتصادية غير النفطية وأن تنال حقها من أجل تحقيق النهوض الاقتصادي .

تعزيز جاذبية المناخ الاستثماري

 وبحسب التقارير الرسمية فإن عملية الإصلاحات الاقتصادية أسهمت في تعزيز جاذبية المناخ الاستثماري، حيث زاد حجم الاستثمارات الإجمالية من519.9 مليار ريال عام 2004 إلى 2 تريليون و413 مليار ريال عام 2008، و بلغ قيمة المشاريع المنفذة منها فعليا حتى نهاية العام 2008 تريليون و441 مليار ريال.. الأمر الذي جعل اليمن تحتل مرتبة متقدمة في مؤشر بدء الأنشطة والأعمال التجارية والخدمية إلى المرتبة 50 عالمياً بعد أن كانت في المرتبة 178 وفقا لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2009 الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية ، وذلك من حيث تنفيذ أكبر عدد من الإصلاحات في بدء النشاط التجاري ، وفي الآونة الأخيرة واجه الاقتصاد اليمني مشكلة الأزمة المالية العالمية التي أثرت عليه بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال تراجع أسعار النفط الخام عالمياً، فاليمن تعتمد عليه بنسبة «75 ٪» في موازنتها العامة الأمر الذي يدلل على أن اليمن أمام مشكلة خطيرة قد تتسبب في عرقلة العديد من المشاريع التنموية خاصة وأن هناك غياب كبير للقطاعات الإنتاجية غير النفطية في اليمن،حسب ما يراه خبراء الاقتصاد ، مؤكدين على أهمية الإهتمام من قبل الحكومة بالغاز الطبيعي المسال كحل بديل يمكن أن يساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني ويمنح اليمن فرصة حقيقية لتحقيق النمو الاقتصادي، إضافة إلى تنشيط القطاعات الإنتاجية الأخرى كالزراعة والصناعة والتعدين والسياحة وغيرها ومنحها الاهتمام الكامل كونها قادرة على رسم الخارطة التنموية لليمن وتحقيق الرفاهية الاقتصادية للمواطن. الاصلاحات بحاجة إلى تقييم الإصلاحات أخذت فترة طويلة جداً، وهي بحاجة إلى تقييم موضوعي، إلا أنها لم تتمكن إلى الآن من تحقيق النمو في كافة القطاعات غير النفطية بالشكل المطلوب، وهذا له أسباب مالية وفنية واقتصادية ، لكن هناك العامل الأهم هو الاستقرار السياسي بمعنى أن ما تحقق خلال الفترة من 95 إلى 2000 من استقرار سياسي وتوجه القيادة السياسية والمساندة الشعبية للتحولات الديمقراطية التي شهدتها اليمن كان لذلك الأثر الأكبر في تحقيق الاستقرار السياسي والنجاحات الواسعة وما نأمله أن يكون في المرحلة القادمة تنشيط للقطاعات الاقتصادية غير النفطية وأن تنال حقها من أجل تحقيق النهوض الاقتصادي.

 اصلاح القطاع المصرفي

يوصف الوضع الاقتصادي الذي ورثته دولة الوحدة بأنه وضع صعب جداً ويحتاج إلى الكثير من المعالجات سواء طويلة الأجل أو قصيرة الأجل، ليتحمل البنك المركزي اليمني جزءاً مهماً من هذه المعالجات، وخلال الفترة 90-1994 أي قبل تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي كانت مهمة البنك المركزي تتمثل في طبع كميات كبيرة من أوراق النقد وضخها للاقتصاد، وظل خلال تلك الفترة يقوم بأعمال الخزينة ولم يستخدم أية أداة من أدوات السياسة النقدية لامتصاص السيولة والسيطرة على التضخم، وحسب دراسة حديثة للاستاذ/أحمد عبدالرحمن السماوي-محافظ البنك المركزي اليمني حول «تجربة السياسة النقدية واصلاح القطاع المصرفي في الجمهورية اليمنية» أوضحت بأن الفترة من 90-1994 وصلت فيها الفوائد على التسهيلات والقروض إلى «17 ٪» والفوائد على الودائع تراوحت مابين «10-15 ٪» وبمقارنتها بالتضخم الذي وصل إلى مابين «73-100 ٪» فقد كانت سالبة بكل المقاييس كما أشارت الدراسة إلى أن العجز في الموازنة لنفس الفترة تراوح مابين «17-22 ٪» من الناتج المحلي ليمول ذلك كاملاً من البنك المركزي، وتراوح التضخم بين «73-100 ٪» سنوياً، صاحب ذلك تذبذب في أسعار الصرف إذ كان يصل الفرق بين سعر الصرف في الصباح والمساء لليوم الواحد إلى عدة ريالات مما أدى إلى الكثير من المضاربات في العملات الأجنبية والتوجه نحو شراء الأراضي والعقارات وتخزين السلع، كما كان نمو الناتج المحلي الاجمالي في بعض السنوات لنفس الفترة سالباً وفي أحسن الأحوال لم يتعد «1-2 ٪». Image
وتطرقت الدراسة إلى الاصلاحات التي بدأت منذ العام 1995 وشملت مجال السياسة النقدية والتي نجم عنها ارتفاع الودائع لدى البنوك التجارية من «50» مليار ريال نهاية عام 1994 إلى «98» مليار ريال نهاية عام 1995، وإلى «120» مليار ريال نهاية عام 1996، الأمر الذي يعكس الثقة لدى المتعاملين مع البنوك التجارية، كما ارتفعت القروض من «17» مليار ريال نهاية 1994 إلى «35» مليار ريال في نهاية 1995، إلا أنها انخفضت إلى «31» مليار ريال في نهاية 1996 بسبب ارتفاع أسعار فائدة الإقراض، وبالنسبة للتضخم فقد انخفض من حوالي «73 ٪» نهاية 1994 إلى «57 ٪» في نهاية 1995، وإلى «27 ٪» في 1996 بسبب عجز الموازنة وتمويله بطريقة غير تضخمية «أذون الخزانة».
ونوهت الدراسة إلى استقرار سعر الصرف في السوق مابين «125-130» ريالاً للدولار في الفترة السابقة، وخلال الفترة من «97-1999» انخفض سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار من حوالي «128» ريالاً للدولار نهاية 1996 إلى «156» ريالاً للدولار في نهاية 1999، وصاحب ذلك انخفاض في التضخم من «27 ٪» إلى «10 ٪» خلال نفس الفترة وانخفض العجز في الموازنة العامة للدولة من «4 ٪» من الناتج المحلي إلى «1.1 ٪» كما انخفض الدين الرسمي الخارجي من «11» مليار دولار أواخر عام 1996 إلى «5.5» مليار دولار في أواخر 1999، وأكدت الدراسة بأ الفترة من 2000 إلى 2008 شهد الريال اليمني خلالاها استقراراً نسبياً في أسعار الصرف، حيث بلغ سعر الصرف في العام 1996 «161.73» ريالاً للدولار الواحد وتدرجت قيمة الريال بالانخفاض لتستقر عند «199.78» ريالاً للدولار الواحد في العام 2008 وأرجعت الدراسة أسباب ذلك الاستقرار النسبي في أسعار الصرف إلى تدخلات البنك المركزي لتغطية الطلب في السوق المصرفية اليمنية للدولار وذلك عن طريق ضخ الدولارات إلى السوق من أجل معالجة اضطرابات أسعار الصرف كونه يعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية، وخلال الفترة من 97-2004م بلغت نسبة نمو الناتج المحلي الحقيقي «4 ٪» سنوياً، وتراوح التضخم خلال سنوات الاصلاح مابين «4-13 ٪»، وبلغت نسبته في العام 2008 «11 ٪» ونمو العرض النقدي العريض لنفس العام «14 ٪» بعد أن كان في العام 1994م حوالي 35 ٪، وأسهمت هذه السياسات في محاصرة عجز الموازنة إلى حوالي «3 ٪» سنوياً من «GDP».

 

مواضيع ذات صلة :