اقتصاد يمني نُشر

تقرير يحدد سبل إنقاذ القطاع المالي الخليجي

Imageلاشك أن حماية البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت من أهم التحديات التي تواجه صناع السياسة في ظل أزمة مالية
طاحنة تجتاح كل بقاع المعمورة، وفي هذا الصدد أكد تقرير اقتصادي حديث أن حل المشاكل التي تواجه القطاع المالي في دول التعاون لن يكون مختلفاً عن النهج العالمي بالتدخل الحكومي للمعالجة الذي اتبعته أغلب دول العالم.
ويعرض التقرير الصادر عن شركة المركز المالي الكويتي "المركز" بعنوان "ملجأ وسط عاصفة" خيارات السياسة المختلفة المتاحة أمام القادة الماليين في دول المنطقة.
وحول المحفزات الاقتصادية ،يقول التقرير إن الاستجابة العالمية للأزمة المالية الحالية تجلت بالدرجة الأولى في مشاريع إنقاذ بادرت بها وأطلقتها وأدارتها بشكل مباشر الحكومات في خطوة منها لإنقاذ البنوك والمؤسسات المالية المحلية، ونالت قطاعات أخرى، عدا البنوك والمؤسسات المالية، نصيبها من جهود الإنقاذ هذه، ولا تزال مزايا ومساوئ مثل هذه الخطوة التي ستكون فيها الحكومة لاعباً رئيسياً بدلاً من حكم محط جدل.
 وفي هذا الشأن يقول التقرير إن تلك الظروف تكاد تكون طبيعية، وبالتالي بدلاً من إضاعة الوقت في الجدل، لا يوجد خيار أمام دول المنطقة أفضل من إتباع نهج دول العالم في معالجة الأزمات الحالية، غير أن التجربة في دول التعاون تختلف كثيراً؛ إذ أبدت الحكومات اهتماماً هامشياً في إطلاق وإدارة برنامج إنقاذ مباشر، باستثناء الكويت، التي أطلقت جهوداً لا تزال في مرحلة التقدم لإنقاذ الوضع الاقتصادي فيها، حيث تعمل الحكومة فيها بجدية على صياغة مشروع التحفيز الاقتصادي.
في أعقاب ذلك، كان قد صدر عن دول خليجية أخرى إجراءات لاحتواء الأزمة، ومنها على سبيل المثال، إصدار حكومة دبي برنامج سندات طويلة الأجل بقيمة 20 مليار دولار (تم الاكتتاب بالكامل على الإصدار الأول منه بقيمة عشرة مليارات دولار من قبل مصرف الإمارات المركزي)، وذلك بهدف دعم الشركات المتعثرة في الإمارة.
أيضاً استحوذت هيئة الاستثمار القطرية على 10 إلى 20% من أسهم المصارف القطرية المحلية. ونظراً إلى حجم الكارثة في دول التعاون، يرى التقرير بقوة أن أي مشروع تحفيز اقتصادي منفتح لم يعد خياراً سياسياً ، بل ضرورة لا بد منها.
أما الخيار السياسي الثاني، الذي يراه التقرير ضروريا في هذه المرحلة، فهو دعم خطط التحفيز المالي التي أعلن عنها أخيرا لعام 2009، أو الإعلان عن خطط في حال لم تكن موجودة.
 وذكر التقرير أن العوائد النفطية التي تشكل أغلب العوائد الحكومية لدول التعاون وتمثل تقريباً 80% قد تشهد انخفاضاً كبيراً في هذا العام، ورغم ذلك، أعلنت حكومات المنطقة أخيرا عن زيادة في حجم المصروفات الحكومية لتوفير المحفزات المالية لاقتصاداتها.
ومع أن المملكة العربية السعودية توقعت أن تشهد عوائدها هذا العام انخفاضاً بنسبة 9%، إلا أنها قالت إن مصروفاتها الحكومية ستزداد على نحو كبير هذا العام لتصل إلى 16%،أما دبي فقد كشفت هي الأخرى زيادة في حجم الإنفاق الحكومي يصل إلى 11%.
 كذلك، من المتوقع أن تواجه الميزانية السنوية للإمارة عجزاً للمرة الأولى في تاريخها، يصل إلى 1.3% من إجمالي الناتج المحلي لها، ومع ذلك، أعلنت الكويت على عكس الدولتين السابقتين تقليصا في حجم ميزانيتها على صعيد العوائد والإنفاق، فالإنفاق الحكومي كما ذكرت في الميزانية السنوية لعام 2009 بالتفصيل سينخفض بمعدل 36%، في حين ستنخفض العوائد بمعدل 39%.
 كذلك من المتوقع أن تسير قطر على النهج ذاته، على أن تكون الإنفاقات مشابهة لتلك في عام 2008 كما هو متوقع، إلى هذا، يعتقد التقرير أن الحوافز المالية المدعومة ضرورية في السيناريو الحالي، ولا بد من النظر فيها إلى جانب تخفيف السياسة النقدية.
 أما عن خيار خفض معدلات الفائدة على القروض وعلى الرغم من أن هذا المعيار النقدي هو الأكثر شيوعاً وإتباعا في هذه الظروف الراهنة، إلا أن التقرير يرى أن هناك مجالا أكبر لتخفيض معدلات الفائدة، ورغم أن معظم دول التعاون لجأت إلى خفض معدل الفائدة لديها تماشياً مع قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض الفائدة، إلا أن مقدار الخفض لم يكن متطابقاً، ففي بداية العام الماضي، بلغ معدل الفائدة في السعودية 5.5%، لكنه انخفض مع نهاية 2008 إلى 2.5% فقط.
ولم يتخذ البنك المركزي السعودي هذه الخطوة إلا في أكتوبر من العام الماضي، في الوقت الذي خفض فيه "الفيدرالي" معدله الإسنادي من 4.25% إلى 1.5%. كما أشار التقرير إلى أن غالبية دول التعاون باستثناء الكويت، خفضت من معدلات الفائدة على الودائع لديها، وكانت الكويت البلد الوحيد في دول التعاون الذي شهد زيادة في معدل الودائع في 2008.
وكانت دول التعاون قد تعمدت خفض معدلات الودائع بشكل رئيسي لثني المضاربين عن الاستفادة من الفرق بين معدلات الفائدة بين الدولار الأمريكي والعملات الخليجية.
ويقول التقرير: رغم أن هذا الأمر قد يبدو صحيحاً، بالنظر إلى أن معظم دول التعاون تربط عملاتها بالدولار، إلا أن العامل الأكثر أهمية يجب أن يكون تحويل الأموال من البنوك لاستثمارها في فئات أصول مختلفة، إذ إن جميع فئات الأصول تُسعَّر حالياً وفق أسعارها المنخفضة تاريخياً، وقد يثني انخفاض معدلات الفائدة على الودائع المستثمرين من اختيار الودائع البنكية كأفضل وجهة للاستثمار.
وعن خيار إقراض المشاريع ذات الأمد الطويل يقول تقرير "المركز" إن إجمالي قيمة المشاريع التي ألغيت أو أوقفت في 2008 في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت 25.4 مليار دولار ومع ذلك، تغير هذا السيناريو في الربعين الأخيرين بقوة، حيث هبطت أسعار السلع الخاصة بالمشاريع وتكاليف أخرى خاصة بالمدخلات بشكل كبير جداً.
 ويرى التقرير أن على المؤسسات المالية الاستفادة من هذا السيناريو بالبدء بعمليات إقراض المشاريع ذات الأمد البعيد.
كما تحدث التقرير عن زيادة الودائع الحكومية في البنوك ،قائلا :تبعاً للانخفاض في معدلات الفائدة في المصارف، باتت عملية جذب المستثمرين من المؤسسات والتجزئة نحو الودائع المصرفية تشكل تحدياً. ويقول التقرير إن الأدلة الحالية تشير إلى وجود انخفاض في أنشطة الإقراض من البنوك ناتج عن إحجام البنوك عن أخذ الودائع المحددة بمدة زمنية، (تكلفة أعلى من الودائع تحت الطلب).
ويرى التقرير أنه في مثل هذه الحالة، يجب على الحكومات زيادة مساهمتها في القطاع المصرفي عبر زيادة الودائع في المصارف. ولطالما أسهمت بعض حكومات دول التعاون بفاعلية في بعض البنوك مثل بنك قطر الوطني، حيث تشكل الودائع الحكومة القطرية غالبية الودائع في هذا البنك.



المصدر : وكالات


 

مواضيع ذات صلة :