اقتصاد يمني نُشر

تحديات التنمية في اليمن

Imageالتنمية الاقتصادية في اليمن تواجه العديد من التحديات التي تعوق مسارها, وكان الدكتور محمد أحمد الحاوري, أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء ووكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لشؤون الدراسات والتوقعات الاقتصادية, قد ألقى محاضرة في منتدى "منارات" عن التنمية الاقتصادية في اليمن, وهنا ننشر التحديات التي تواجه التنمية في اليمن.هناك العديد من التحديات والعقبات التنموية التي تعيق مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية أهمها ضعف معدلات النمو الاقتصادي، وتزايد الاعتماد على النفط على الرغم من وجود مؤشرات لتراجع معدلات إنتاجه وتصديره وتدني ومحدودية استثمارات القطاع الخاص، ومحدودية فرص العمل التي يولدها الاقتصاد وتوسع البطالة، ونضوب المياه في العديد من الأحواض مع استمرار النمو السكاني المرتفع ،فضلاً عن الآثار المحتملة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وفيما يلي نورد أهم هذه التحديات على النحو التالي: .التحديات السكانية شهد اليمن في العقود الثلاثة الماضية نمواً متسارعاً في عدد السكان انعكس في ارتفاعه من حوالي 12.8 مليون في عام 1990 إلى 15.4 مليون نسمة في عام 1995 وإلى 19.7 مليون نسمة في عام 2004. ويتصف المجتمع اليمني بتركيب عمري فتي حيث يقدر السكان في الفئة العمرية 0-15 سنة و16-64 سنة بنحو 45% و55% من مجموع السكان على التوالي. ويمثل هذا التركيب عبئاً لتوفير الخدمات الاجتماعية بالإضافة إلى زيادة الضغوط على سوق العمل. كما يتوزع السكان بنسبة 26.5% في الحضر و73.5% في الريف ضمن مساحة إجمالية تقرب من 460 ألف كم² يغلب عليها التجمعات الصغيرة والمتناثرة الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة الوصول إلى كل تلك المناطق وتقديم الخدمات الضرورية لها. . السكان وسوق العمل أدى ارتفاع حجم السكان في سن العمــل (15 سنة فأكثر) من حوالي 7.6 ملايين في عام 1995 إلى نحو 10818 ملايين في عام 2004. بالإضافة إلى تزايد الخريجين وارتفاع نسبة غير الملتحقين بنظام التعليم والتدريب ونسبة التسرب، إلى زيادة أعداد الداخلين إلى سوق العمل وارتفاع معدلات المشاركة، بما يعد تحدياً أمام الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص على توفير فرص عمل كافية.الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة نتيجة ارتفاع معدل البطالة بمفهومها الشامل إلى حوالي 37% من قوة العمل والذي يضم البطالة السافرة (11.9%) والعمالة الناقصة (25.1%) كمحصلة لنمو قوة العمل بحوالي 4.3% سنوياً. التحديات الصحية يعاني القطاع الصحي من اختلال في توزيع المرافق والقوى العاملة، حيث وصلت تغطية الخدمات الصحية إلى 80% على مستوى الحضر مقابل 25% في الريف، إلى جانب معاناة السكان في الحصول على المياه الآمنة والصالحة للشرب (40% من السكان) ومن انخفاض التغطية من شبكة الصرف الصحي التي تغطي 6.2% من السكان، ومن بيئة تساعد على استيطان وتفشي الأمراض والأوبئة مثل الملا ريا والبلهارسيا.ويؤدي انتشار الأمية وتزايد معدلات الفقر إلى استفحال الأمراض والأوبئة وتدهور أوضاع البيئة. كما يعمل الفقر وسوء التغذية وانخفاض الوعي الصحي على استمرار ارتفاع معدل وفيات الأطفال الرضع (77.2 في الألف) ومعدل وفيات الأطفال دون الخامسة (94.1 في الألف) واستمرار معانات نسبة كبيرة منهم من نقص الوزن وقصر القامة. وأمام تزايد الفقر وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وغياب نظام التأمين أو الضمان الصحي، فإن تراجع قدرة المواطنين على تحمل تكلفة الرعاية الصحية يؤدي إلى زيادة حالات المراضة والإصابات بأنواعها المختلفة واشتداد مضاعفاتها. التحديات المائية لا يتجاوز نصيب الفرد في اليمن من الموارد المائية المتجددة 137 متراً مكعباً سنوياً مقابل 1250م3 في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و7500 م3 كمتوسط عالمي. ومنذ منتصف السبعينات ومع توفر التكنولوجيا الملائمة لأعمال الحفر واستخدام المضخات بدأ حفر الآبار العميقة مما سهل استخراج المياه بكميات كبيرة حتى الاستنزاف. ولم يواكب التوسع في حفر الآبار العميقة وضع تشريعات أو ضوابط لتنظيم عمليات ومناطق الحفر أو تحديد الكميات المستخرجة من كل بئر أو حوض. ويعاني القطاع من ضعف المؤسسات التي تنظم استغلال الموارد المائية فضلاً عن الازدواجية والتداخل في الاختصاصات فيما بينها. كما تضرر القطاع من الآثار السلبية لدعم سعر الديزل التي حفزت الاستغلال الجائر للمياه الجوفية. الاختلال في الموارد المائية تعكس الدراسات ارتفاع فجوة الموارد المائية إلى 900 مليون م3 في عام 2000. وتصبح المشكلة واضحة عندما يتبين أن أكثر من 90% من استهلاك المياه يستخدم في الزراعة وأن جزءاً كبيراً منها يعكس كفاءة ري دون 40%. ويقدر نمو الاحتياج من الموارد المائية إلى 3,521 مليون م3 في عام 2010 مع انخفاض نصيب الزراعة إلى 2,869 مليون م3 نتيجة تحسن كفاءة الري إلى 75%، مقابل زيادة نصيب الاستخدامات المنزلية ولأغراض أخرى إلى 563 مليون م3 و89 مليون م3، على التوالي، مما يوسع الفجوة لتصل إلى 921 مليون م3 سنوياً.ويقدر المخزون الجوفي الذي يمكن استخدامه في كافة الأحواض بحوالي 20,000 مليون م3. وعند احتساب الفجوة السنوية المقدرة بـ700 مليون م3 في عام 1995 والمتوقع زيادتها إلى 921 مليون م3 في سنة 2010، فإن ذلك يشير إلى استنزاف حوالي 12,157 مليون م3 من المخزون الجوفي حتى سنة 2010. ولا تعكس الفجوة والاستنـزاف أثراً متساوياً ومنتظماً بين كافة الأحواض والمناطق المائية، حيث تتعرض بعض المناطق لدرجة أكبر من الاستنزاف تصل إلى ما بين 250-400%، مثل أحواض تعز وصعده وصنعاء وأبين-تبن. القات وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية انتشر تناول القات بشكل واسع منذ بداية السبعينيات واستفحل انتشار هذه العادة لتشمل فئات جديدة من السكان مثل النساء وطلاب المدارس. وقد أدت زيادة استهلاك القات ونمو الطلب عليه في العقود القليلة الماضية إلى توسع المساحات المزروعة به. كذلك، عزز من التوسع في زراعة القات عوامل أخرى مثل ارتفاع العائد لوحدة المساحة مقارنة بالمحاصيل الأخرى وتوفر أسواق لتصريفه على مدار العام، فضلاً عن تحمله للجفاف. وتبين الإحصاءات تزايد المساحات المزروعة بالقات حيث تشكل حوالي 9% من إجمالي المساحة المزروعة في عام 2006 بزيادة 35.3% عن عام 1989. وتشير الدراسات إلى أنه في حين ترتفع تكلفة إنتاج هكتار القات المروي بنسبة 1.4 عن البن، و1.1 عن العنب و2.3 للذرة الشامية، فإن العائد الصافي لهكتار القات يعادل 16.2، 13.1، 74.4 ضعفاً وعلى التوالي العائد على تلك المحاصيل. وتقدر زراعة القات بحوالي 58 مليار ريال في عام 2000 بما يعادل 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي و30% من ناتج قطاع الزراعة.ويقدر الاحتياج المائي للهكتار الواحد بين 600 متراً مكعبا في السنة إلى حوالي 12 ألف متر مكعب. ويرتبط تأثير القات على البيئة من خلال الإفراط في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية والذي يؤدي إلى تراكم متبقيات المبيدات والأسمدة في التربة والمياه السطحية والتأثير على الكائنات الحية. تحديات الأمن الغذائي بالرغم من صعوبة تقييم وضع البلاد من حيث الأمن الغذائي بسبب عدم توفر المؤشرات اللازمة لذلك، إلا أن الخبراء يقولون أن اليمن يواجه العديد من التحديات في هذا المجال. وتشمل هذه التحديات تدهور الأراضي الزراعية ونقص المياه وانخفاض الاستثمار في القطاع الزراعي وزيادة زراعة القات وتزايد النمو السكاني. وكان برنامج الأغذية العالمي صنف اليمن من بين ثلاثين دولة أخرى تعتبر الأكثر تضرراً بأزمة ارتفاع أسعار الغذاء على المستوى العالمي. كما جاء اليمن في الرتبة 153 من بين 177 دولة يغطيها تقرير التنمية البشرية لعام 2007-2008 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مما يجعله واحداً من أفقر دول العالم. و أفاد برنامج الأغذية العالمي أن اليمن شهد أزمة حادة في الحبوب بسبب ارتفاع الأسعار في نهاية عام 2007 وبداية 2008. "مما تسبب في زعزعة أهم دعامات الأمن الغذائي المتمثلة في توفر الغذاء وبالتالي وقوع اليمن في خانة الدول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي". أضف إلى ذلك أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية تفاقم نتيجة ارتفاع تكاليف التوصيل، حيث أن سعر نقل القمح من الولايات المتحدة إلى اليمن مثلاً ارتفع من 58 دولار للطن الواحد إلى 140 دولار للطن الواحد خلال عام 2007. وكان اليمن قد أنتج 149 إلف طن من القمح واستورد 2.8 مليون طن آخر خلال عام 2007، مقارنة باستيراده لحوالي 1.7 مليون طن من القمح خلال عام 2001، كما ارتفعت واردات البلاد من الأرز خلال عام 2007 إلى 860 ألف طن مقارنة بـ194 ألف طن في عام 2005.

 

مواضيع ذات صلة :