آراء وأقلام نُشر

الرعاية السعودية أنضجت لقاء الأسد والحريري

استقبلت دمشق يومي السبت والأحد 19 و 20/12/2009 رئيس وزراء لبنان سعد الحريري بعد قطيعة بين الأكثرية في لبنان والنظام السوري دامت نحو خمس سنوات ، وقد خص الرئيس بشار الأسد ضيفة بحفاوة وعقد معه ثلاث جلسات تم فيها طرح كل المواضيع الخلافية ، وسبل التأسيس لمستقبل أفضل من العلاقات الثنائية على قاعدة التواصل الواضح بين بلدين مستقلين دون وصاية أو رعاية أو أي تبعية من أي نوع كانت لأحدهما على الأخر .
والفضل فيما تم تحقيقه يعود بالدرجة الأولى الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي مهد للقاء الرئيس السوري بشار الأسد مع رئيس وزراء لبنان سعد الحريري منذ قمة الكويت الأخيرة عندما بادر إلى عقد لقاء مع الرئيس الأسد رغبة منه بالتعالي فوق كل الخلافات وبتكريس المصالحات بين العرب لأن حجم التحديات المحدقة بالمنطقة تستوجب تناسي كل ما شأنه أضعاف الصف العربي .
وكما كانت تحية العاهل السعودي حارة فقد رد الرئيس السوري بمثلها حيث حرص على المشاركة فيما بعد في افتتاح جامعة الملك عبدالله للتكنولوجيا ، ومن ثم استقبل في دمشق العاهل السعودي ليؤكد الزعيمان من وراء ذلك عودة جريان المياه إلى طبيعتها .
ومن ثم كرت سبحة الموفدين بين دمشق والرياض لتسوية ما امكن من الملفات العالقة وعلى رأسها الملف اللبناني بعد إن أصبحت قضية اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري بين يدي القضاء الدولي الذي تعود اليه مهمة تحديد الجاني وكشف تفاصيل جريمة الاغتيال .
ويبدو ان الرئيس الحريري قد عاد مرتاحاً من دمشق خاصة وأن الأقدام على مثل ما اقدم عليه يستوجب الجرأة والثبات في الموقف والقدرة على المحاججة ان لجهة عرض وجهة نظره او لجهة الاستماع إلى ما قاله الرئيس الأسد بعد أن كانت الحروب الإعلامية بين قوى الأكثرية والسلطات السورية تفعل فعلها .
وليس من المنتظر ان تظهر عاجلاً نتائج هذه الزيارة الاستطلاعية التي قام بها الرئيس الحريري الى دمشق بل قد يأخذ تنفيذ نقاط التوافق بعض الوقت ريثما يتم اعداد الملفات العائدة لها وتشكيل اللجان المختصة التي ستتولى دراستها ومن ثم مناقشتها مع الطرف الأخر .
كما ليس من المنتظر إن تلقى زيارة الحريري الى دمشق كل الترحيب الذي تستحقه لأن هناك على الجانب اللبناني عدة تيارات منقسمة كالتالي :
- تيار مرحب بالزيارة وبما تمخض عنها كونها خطوة أولى على طريق اعادة تعبيد الطريق بين بيروت ودمشق .
- وتيار لا زال متوجساً من التقارب ومتخوف من عودة عهد الوصاية ولهذا يتردد في إعلان موقف واضح وصريح .
- وتيار ليس لمصلحته حصول اي تقارب لأن هذا التيار ينمو ويكبر كلما اتسعت رقعة الخلافات اللبنانية - السورية .
ولكن وأياً تكن مواقف التيارات المتعددة فمن المؤكد ان لبنان سيشهد فترة طويلة من الراحة والاستقرار وستتفرغ الحكومة للاهتمام بمطالب الناس الحياتية لطالما ان إسرائيل غير مستعدة لأسباب متعددة من خوض أي حرب ضد لبنان حالياً ، ولطالما ان اميركا منغمسة حتى أذنيها في معارك أفغانستان والعراق وفي الأزمة المالية التي انهكتها ، ولطالما ان لبنان ينعم بالرعاية من قوى إقليمية أساسية مثل سورية والسعودية اللتان تحرصان على الإمساك بيده لإيصاله الى بر الأمان.

*كتب التحليل السياسي : د. صالح بن بكر الطيار
رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي


 

مواضيع ذات صلة :