جدل وتحقيقات نُشر

يمثل العنصر الحاكم في محددات النمو الاقتصادي.. "الادخار" السياسة الغائبة

يعتبر معدل الادخار احد المحددات شديدة الأهمية في معدل نمو الاقتصاد.. ولأن النمو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة المدخرات لم يحقق  النمو الاقتصادي سوى 4٪ من النمو خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب تدني حجم الادخارات المحلية إلى جانب عدم كفاءة الجهاز المصرفي في استخدام الموارد المالية وتوجيه اغلبها نحو القطاع التجاري ولمجموعات تجارية محدودة، وهو ما يجعل ارتباط التمويلات بالأسواق ضعيفاً ويحرم معظمهم القطاعات الاقتصادية من الحصول على التمويلات المطلوبة وخاصة على صعيد المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تزيد مصادر الدخل وتنوعه وزيادة القيمة المضافة المحلية.

وتشير التقارير إلى أن تراجع الادخار القومي بمعدل (7.77 %) قد فاقم من حجم الاختلال في موازين الاقتصاد القومي، حيث قفزت نسبة الفجوة التمويلية السالبة من (10.63 %) عام 2005م، إلى (51.5 %) عام 2008م، وهذا ما يبرز الارتفاع الكبير في اعتماد عملية التنمية على العالم الخارجي، و حتى تنمو الدولة بمعدل مرتفع لابد وان ينمو معدل الادخار والاستثمار بمعدل يفوق الناتج القومي. .والتي يعول عليها القيام بدور أساسي في إحداث نقلة نوعية في حجم الإنتاج والقدرة الاقتصادية للاقتصاد الوطني. ولعدم وجود ادخار واستثمار، لان العنصر الحاكم هو الادخار في محددات النمو.. وقد يكون الادخار عاماً وخاصاً، والحكومة من الممكن إن ترشد الإنفاق الاستهلاكي لأنها تعاني من عجز كبير، وبالتالي أصبح هناك عجزاً كبيراً في المدخرات.
كما انها تستوعب جزءاً كبيراً من مدخرات الأفراد، فإذا أنفقت على البنية الأساسية فهي تساعد الاستثمار، إذاً الادخار يتوقف على سلوك الحكومة، ومشكلتنا الأساسية في اليمن تتمثل في اتجاه الحكومة إلى الإنفاق في المشروعات غير المنتجة ومنخفضة التكنولوجيا، وغير مرتبطة بالعائدات.

خلصت الدراسة أجريت مؤخرا إلى وجود سوق كبير للادخار في اليمن ويتبع الناس وسائل تقليدية لادخار أموالهم أما في شكل جمعيات وخاصة بين الناس أو بشكل اكتناز تلك الأموال عن طريق شراء الذهب والحبوب و الأرض وفئة قليليه من الفئة المستهدفة من يدخرون أموالهم في البنوك والمؤسسات المالية المزودة لخدمة الادخار خاصة إذا ما عرفنا أن قطاع الخدمات المصرفية في اليمن محدود جدا ولا يشكل المتعاملون معه أكثر من نسبة 4% من إجمالي عدد سكان اليمن والمقدر ب24 مليون نسمة وتغلب على القطاع المصرفي اليمني الطابع الحضري ويندر تواجده في الأرياف كما أن نسب النساء المستهدفة بسيطة جدا لا تتجاوز 0.5 % من إجمالي عدد السكان وتندر شريحة الأطفال بين الشرائح المتعاملة مع القطاع المصرفي اليمني.

ومن عوامل اجتذاب المدخرات البيئة التشريعية المشجعة على اجتذاب المدخرات وتتمثل البيئة التشريعية في مجموعة من الإجراءات التي يجب أن تقوم بها السلطة الرقابية والمتمثلة في البنوك المركزية ويأتي في مقدمه تلك الإجراءات فرض نسب متدنية للاحتياطي الإلزامي الذي تفرضه البنوك المركزية كنسبة من إجمالي المبالغ المدخرة لدى المؤسسة المالية وكذا السماح بتنويع منتجات ومنهجيات الادخار التي يمكن إن تقدم للجمهور والابتعاد عن تحديد سقوف محددة لأسعار الفوائد سواء على الودائع أو على القروض. وجود ميز تنافسية يمكن أن تقدمها مؤسسات التمويل لعملائها في ظل وجود مؤسسات ومصارف مالية ذات إمكانيات مادية وبشرية اكبر من الإمكانيات والمقدرات التي تمتلكها مؤسسة التمويل.

فالبنوك تمتلك إمكانيات مادية وخبرة مصرفية كبيرة تجعل مؤسسات التمويل الأصغر تنفق الكثير من الأموال في توفير ميزات تنافسية قادرة على اجتذاب شريحة من المدخرين وخاصة المدخرين الصغار ومن أهم الميزات التنافسية التي يمكن أن تقدمها مؤسسات التمويل الأصغر هو انخفاض الحد الأدنى المطلوب لفتح حسابات الادخار.. فعادة ما تتطلب المؤسسات المالية الكبيرة مبالغ كبيرة لفتح حسابات الادخار تحت مبرر الكلفة العالية مما يجعل الكثير من الفقراء النشطين اقتصادياً والذين يعتمدون على دخول يومية متدنية تجعلهم خارج اهتمام المصارف والمؤسسات المالية التقليدية وقد جرت العادة ألا يكون هنالك حد ادني لفتح حسابات الادخار في مؤسسات التمويل الأصغر أو القبول بفتحها بمبالغ رمزية والاعتماد بشكل رئيسي على تشجيع فئة صغار المدخرين على استمرار عملية الادخار وتنظيمها بما يتوافق مع دورية دخولهم والسعي بشكل كبير إلى رفع متوسط رصيد حساب الادخار عن طريق تحفيز عميل الادخار لمواصلة الانتظام على إيداع فائض دخله.

كما أن من أهم الميزات التنافسية التي يمكن إن تقدمها مؤسسات التمويل الأصغر التي تقدم خدمة الادخار هي ساعات العمل الطويلة التي تتطلبها عملية إصدار التمويلات واسترجاعها..

وعموما يتطلب أن تعمل مؤسسات التمويل الأصغر على ملائمة ساعات عملها مع تواجد عملائها وسرعة الوصول إليهم في أوقات مناسبة وهي أوقات تجعل صغار المودعين يعتبرون مؤسسات التمويل الأصغر مكاناً يمكن الوصول إليه بعد انتهائهم من إعمالهم اليومية.

مال وأعمال


 

مواضيع ذات صلة :