جدل وتحقيقات نُشر

الشركات الأمنية الخاصة في اليمن... بلا قانون.. بلا حقوق وبلا واجبات

يعمل في العاصمة صنعاء وعدد من المدن الرئيسية في اليمن آلاف الحراس المنتسبين للشركات الأمنية الخاصة التي بدأت نشاطها منذ تسعينيات القرن المنصرم, وتدور حول تلك الشركات عشرات التساؤلات المتصلة بعملها من النواحي القانونية والحقوقية والسياسية والاجتماعية, في هذا التحقيق نحاول الإجابة على تلك التساؤلات من خلال لقاءاتنا الحصرية مع عدد من المعنيين بالموضوع..وأنت تمشي في شارع “الزبيري” أحد أهم الأحياء الاقتصادية في صنعاء العاصمة, تشاهد عشرات الشبان المنتشرين على أبواب البنوك والشركات التجارية والعيادات والمطاعم والمراكز التجارية, تختلف الملابس التي يرتدونها وجلها تشبه ملابس رجال الشرطة اليمنية, بعض من هؤلاء الشبان يحملون العصي والهراوات والبعض الآخر يحمل مختلف الأسلحة بدءاً من الخناجر الحادة, مروراً بالمسدسات وحتى الرشاشات الكلاشينكوف وغيرها من الأسلحة.


راتب بـ«30000» ألف ريال
كان نقطة انطلاقتنا في هذا التحقيق شارع الزبيري وكانت البداية مع مسعد وهاس - 22عاماً وهو شاب يعمل في حراسة إحدى محلات الصرافة, الشاب وهاس الذي تبدو عليه آثار الإرهاق والتعب سألناه عدة أسئلة، فأجاب:
أعمل في إحدى شركات الأمن الخاصة ولي في هذه المهنة ثلاث سنوات براتب لا يزيد عن ثلاثين ألف ريال, وأنا مستأجر منزل متواضع في حي السنينة بمبلغ عشره آلاف ريال, أسكن فيه أنا وزوجتي ولدي 3أولاد, وكل شهر توعدني إدارة الشركة أنها ستزيد الراتب, وللأسف، فلا توجد حوافز ولا تأمين صحي ولا يحق لي أخذ إجازة فأنا أعمل اثنتي عشرة ساعة في اليوم و سبعة أيام في الأسبوع, ولكن الحاجة هي من أجبرتني على أن أصبر على هذه الوظيفة المرهقة.


مستقبل مجهول
معاناة مسعد وهاس, أحرجتنا من أن نطرح عليه أسئلة نوينا توجيهها له, ولكننا ارتأينا أن نوجه الأسئلة التي كانت تجوب بخاطرنا إلى شخص آخر يحرس أحد البنوك الموجودة على بعد أمتار من محل الصرافة الذي يحرسه وهاس.
التقينا يزيد الحافي32عاماً متمنطقاً سلاحاً نارياً «آلى», ومن خلال إجابته اتضح لنا أن وضعه يختلف عن وضع من التقيناه سابقا،يقول يزيد: لي في هذه المهنة خمسة عشر عاماً والحمد لله راتبي يصل إلى ستين ألف ريال ,وأحصل على الإجازات, فقط لا يوجد تأمين صحي ومستقبلي مجهول، فلا يوجد نظام للتقاعد في الشركة التي أعمل فيها وكل حلمي أن البنك الذي أقوم بحراسته ينقل عملي إليه وأتثبت فيه.


«600» دولار «33» ألف ريال
من جانبه سند الحاضري - 36 عاماً يقول: أعمل حارس أمن في شركة خاصة لتحسين دخلي، فأنا أعمل جندي في احدى وحدات الأمن في العاصمة صباحاً وحارس أمن في شركة خاصة مساء, والموقع الذي أحرس فيه يدفع للشركة مبلغاً يقدر بـ(600) دولار والشركة تدفع لي 33 الف ريال وتأخذ بقية المبلغ, حاولت أن اقنع الشركة بضرورة زيادة راتبي ولكن لا جدوى من الاستجابة لمطالبي.
بعد أن أجريت لقاءات مع عدد من الحراس المنتسبين لشركات الأمن الخاصة وتلمس احتياجاتهم ومشكلاتهم وهمومهم لنقلها إلى مدرائهم, كانت وجهتي الأخرى في اليوم التالي هي إحدى شركات الأمن الخاصة، وأول ما علم العاملون في تلك الشركة أنني صحفي ,بادروني بعبارات تحمل معاني “لا مرحباً بك”.
اتجهت إلى شركة أخرى فكانت سمة “لا تعاون مع الصحافة” هي الغالبة على من كانوا متواجدين فيها.
تنقلت من شركة إلى أخرى وأنا في ذهول من الهلع والتخوف المسيطر على القائمين على بعض شركات الأمن الخاصة التي قمت بزيارتها فأول ما يعرفون أنني صحفي الا وتنهال عبارات الاعتذار والتلكؤ من الأدلاء بأي معلومة تخصهم, هذا السلوك الغريب دفعني للتساؤل حول قانونية عمل تلك الشركات؟ ومن هي الجهة التي تصرح لهم بمزاولة أنشطتهم وأعمالهم؟
فاتجهت صوب وزارة الداخلية، الجهة التي تبادر إلى ذهني أنها المعنية بالدرجة الأولى بهذا الموضوع, التقيت فيها بعدد من المسئولين، بدءاً بنائب وزير الداخلية, حتى وكيل الوزارة لقطاع الأمن، ومدير عام الشؤون القانونية, وخرجت بتقرير مبسط مفاده، أن وزارة الداخلية كانت عازمة على تنظيم عمل تلك الشركات، وفعلاً تم استدعاء مدراء بعض الشركات ,قبل بطولة خليجي20 التي أقيمت في عدن ولكن لم تكتمل الخطة التي وضعتها الوزارة فيما يخص تلك الشركات بسبب معارضة بعض النافذين من تحريك ملف “الشركات الأمنية” وذلك لمصالح خاصة.


مشروع قانون
يقول العميد سعيد الخامري – مدير عام الشؤون القانونية بالوزارة: وزارة الصناعة والتجارة هي الجهة الحكومية التي تمنح تلك الشركات رخصة مزاولة المهنة، والمفترض أن يكون هناك شروط، حيث يجب مراعاة الجوانب الأمنية وخصوصاً المتعلقة بحمل السلاح لأفراد بعض منتسبي تلك الشركات دون علم من وزارة الداخلية التي يفترض أنها الجهة الوحيدة التي تمنح تراخيص حمل السلاح, وقد قدمنا مشروع قانون ينظم عمل تلك الشركات ولكن مجلس النواب لم يناقش هذا المشروع حتى الآن.


لم يصل شيء
اتجهنا إلى مجلس النواب وسألنا مقرر لجنة الدفاع والأمن بالمجلس النائب أحمد شايع، لماذا لم يتم مناقشة مشروع قانون ينظم عمل شركات الأمن الخاصة حتى اليوم فكان رده: لم يصل لمجلس النواب أي شيء يخص الشركات الأمنية، سواء شكاوى أو تظلمات, وفي حال وصول أي مشروع قانون فسيتم مناقشته بالتأكيد.
أردنا أن نتعمق أكثر في الجانب الأمني والقانوني لعمل الشركات الأمنية الخاصة في اليمن لما له من أهمية وأبعاد خاصة تتعلق بالأمن القومي اليمني, فالتقينا بالباحث الاكاديمي والأمني الرائد معاذ الكامل, الذي سرد بداية عمل الشركات الأمنية الخاصة في اليمن والعالم العربي, والعالم قائلاً: للعلم أن بداية الشركات الأمنية كانت في بريطانيا ولم تكن تعمل داخل بريطانيا, وجميع العاملين في تلك الشركات كانوا من المتقاعدين وأصحاب الخبرة أو من الذين فصلوا من السلك العسكري وكانوا مهيئين للعمل في أي دولة أخرى, وبدأت الشركات الأمنية عام 1972م في الدول المستعمرة مثل بعض الدول العربية والدول الأفريقية، فعندما غادرت جيوش الدول الغازية الدول التي استعمرتها مثل بريطانيا وبعض دول أوروبا، قامت باستقدام شركات أمنية وكما أسلفت من متقاعدين ومجموعة لا يتحملون المسؤولية القانونية بموجب القانون الدولي لأنهم غير رسميين أي لا يتبعون أنظمة حكم معينة أو دولاً بصفة رسمية, وقد اسماهم البعض بـ«بالمرتزقة»، حيث كان الانقلابيون العملاء الذين يريدون الانقلاب على الحكام الأصليين لبلاد ما والسيطرة على حكم البلدان كانوا يتعاقدون مع شركات الأمن الخاصة الأجنبية ويستخدموهم كحماية شخصية لهم مقابل مبالغ مالية, وبعد بريطانيا حذت الولايات المتحدة الأمريكية نفس النهج حتى اشتهرت بشركاتها الأمنية مثل شركة “بي أر” وقد وصل عمل هذه الشركة إلى القيام بحماية بعض القصور الرئاسية في بعض الدول الأفريقية, وأيضاً وصل نطاق تواجدهم في مطابخ الحكام وحتى وصل تكليف بعضهم للقيام بأعمال أمنية سرية ,كما أن تلك الشركات تواجدت بشكل مكثف بعد الغزو الأمريكي للعراق .
ويضيف: وفي اليمن بدأ عمل أول شركة أمنية في التسعينيات، وكانت أول شركة مارست هذا النشاط الجديد في البلاد هي الشركة العالمية ودخلت باسم النادي اليمني للسياحة وكان عملها في البداية إصدار الرخص الدولية لقيادة السيارات، والترخيص للمركبات الداخلة عبر الحدود اليمنية البرية والبحرية, ثم تطورت لأنها شركة عالمية ومعترف فيها ومن بعدها انتشرت عشرات الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة, وفي اليمن اغلب الشركات الأمنية الكبيرة في الباطن هي جزء من شركات أجنبية كبرى, ومن الناحية القانونية والمهنية فإن هناك شركات من خلال ما تقوم به تمارس عملها في إطار غير قانوني, وإلى الآن لا يوجد قانون ولوائح تنظم أعمال تلك الشركات كما هو موجود في دبي وقطر، ففي الإمارات هناك 27 ألف حارس أمن يعملون في أكثر من 300 شركة أمن خاص وفق شروط ومعايير محددة لحراس الأمن، حيث يعتمد لهم منهج تدريبي وتأهيلي متكامل قبل الالتحاق بالعمل وهذا المنهج معتمد ومعترف به من منظمة سيتي إنجليش، وهي منظمة بريطانية للتدريب المهني تختص بجميع المهن الأمنية، حيث يتم إلحاق الحارس المتعاقد معه بمجرد وصوله بدورة تدريبية لمدة أسبوع تتضمن التدريب على مكافحة الحريق، والإسعافات الأولية، ثم يتم اختباره من قبل مختصين، وفي حالة النجاح يحصل على شهادة معتمدة، وثم يحصل على رخصة أمنية, ويتم تدريبه في أكاديمية شرطة دبي, أما في اليمن للأسف لا توجد معايير محددة لاختيار العامل بمهنة حارس أمن، فبعض الشركات تأخذ منتسبيها من الشوارع والحارات وتعطيه البذلة وتكلفه بحماية منشأة تجارية ومراكز تجارية ومستشفيات دون أي خبرة أو دراية، ودون أي تدريب سابق, كما أن بعض الشركات تستأجر مقرات مؤقتة وعادة ما تكون عناوينها غير معروفه، فهي تستأجر شقة سكنية في عمارة ما وتنتقل إلى أخرى ويسود عملها الغموض, حتى إن اختيار العاملين في تلك الشركات يكون عشوائياً، وللأسف الشركات الأمنية اهتمت بالأمور الشكلية وأغفلت المضمون اهتمت بطول وعرض العامل فيها واستعراضه للعضلات, وأغفلت المضمون والمتمثل بالسيرة الذاتية لمن يتقدم بعمل حارس أمن, والتأكد من أن صحيفة المتقدم نظيفة في الأدلة الجنائية، وهل على المتقدم أحكام قضائية أو مدان في قضايا مخلة بالشرف والأمانة.


شركات أمنية تمتلك المصفحات
وفي سياق رده حول كيفية معرفة الشركة الكبيرة والصغيرة, يقول الباحث الكامل: من خلال الإمكانيات المتوفرة لدى بعض الشركات نستطيع أن نفرق أنها كبيرة وممتازة أو أنها صغيرة، فبعض الشركات تمتلك أحواشاً مسورة خارج صنعاء يتم فيها التدريب على اطلاق النار، وهناك أندية رياضية تتبع تلك الشركات، وبعض تلك الشركات تمتلك سيارات مصفحة ومدرعة تكلفة السيارة الواحدة تصل إلى( 60) مليون ريال, ولدي معلومات خاصة أن بعض الشركات تمتلك ( 25) سيارة مدرعة دخلت عبر المنفذ البحري فالسيارات المدرعة الموجودة في تلك الشركات الأمنية تفوق ما تمتلكه وزارة الداخلية اليمنية, وأغلب تلك الشركات تتبع نافذين, لكن الأهم من ذلك وجوب أن تعمل تلك الشركات وفق تراخيص قانونية، فالترخيص الذي يمنح للعامل في الشركة الأمنية يمكن أن يستخدم لشيئين إما القتل أو القبض على متهم معين في حالة القبض عليه.
ويضيف: السؤال يكمن هنا هل لدى هؤلاء تفويض وتخويل من السلطة في التحقيق مع شخص ما أو أن عليهم تسليم أي مشيه به في أي جرم للأجهزة الأمنية المختصة؟ وهل القبض على أي مشتبه به من قبل الشركة الأمنية مشروع أو غير مشروع؟, هذه الأسئلة تقودنا لموضوع الرقابة على تلك الشركات، فالترخيص الذي يجب أن تمنحه وزارة الداخلية للشركة الأمنية يكون بمثابة عقد والعقد جزء من مهام الشركات الأمنية وجزء من عمل الأمن العام، فيجب على الدولة أن تضع شروطاً جزائية لها عواقب قانونية على الشركات في حالة مخالفة أي شركة للبنود التي سيتم تحديدها, مثلاً السلاح الذي يكون بحوزة أفراد تلك الشركات يجب أن يكون مرخصاً من وزارة الداخلية وأن يدفع مبلغاً مقابل ذلك للوزارة, ويحصل تفتيش دوري عليه, كذلك ضمان أصحاب الشركات انتماءاتهم السياسية والفئوية وأن لا يكون لهم ارتباط بجهات استخباراتية خارجية, فمسألة استخدام أفراد تلك الشركات للأسلحة النارية مسألة في غاية الحساسية، ونحن نخشى من أن تكون الشركات الأمنية عبارة عن مليشيات وجماعات مسلحة، وهذا يتعارض مع المبدأ الدستوري الذي يحدد الدولة فقط كجهة حاملة للسلاح, كما نخشى أن يكون لبعض تلك الشركات تشكيلات مسلحة, ففي الأساس لا يصح أن أعطي أي شركة أو شخصاً سلطة حمل السلاح بدون وجه حق ,لأن هذه الأمور إذا تركت هكذا فسيلجأ من لديه مال إلى إنشاء شركة أمنية أفرادها مسلحون ,كما أنه يجب معرفه ما للشركات الأمنية وما عليها من حقوق وواجبات فيجب مثلاً عدم تجاوز حدود حراسة المنشأة أو قطع الشارع أو منع الأشخاص في الأماكن العامة من الحركة لأن كل تلك الأشياء من اختصاصات رجال الشرطة, أيضاً يجب عدم السماح لتلك الشركات امتلاك تقنيات تشكل خطراً على الأمن القومي.
مخالفات
ويتابع: وللأسف هناك مخالفات تقوم بها بعض شركات الأمن الخاص تتمثل بتنقل أفرادها بين المدن والمناطق اليمنية وهؤلاء الأفراد يرافقون المسئولين الأجانب وهم مسلحون دون تنسيق مع الأجهزة الأمنية التابعة للدولة، وأنا أعلم أن بعض مرافقي المسئولين الأجانب العاملين في الشركات الأمنية يعملون أصلاً في الأجهزة الأمنية للدولة، فيجب عدم الخلط بين عمل الأمن العام والخاص, ودائماً ما نقول إنه يجب أن يكون30 %من منتسبي الشركات الأمنية من رجال الأمن التابعين للدولة, وفق ضوابط ومعايير وحتى يكون عمل الشركات الأمنية الخاصة مكملاً لعمل أجهزة أمن الدولة، فعمل الشركات الأمنية ذو طابع مزدوج أمني وتجاري ربحي, فإذا وجد الإخلاص من قبل أصحاب الشركات الأمنية وعدم وجود شركاء أجانب معهم وعدم تعاقد الشركة نفسها مع شركة أجنبية غير واضحة، فذلك شيء جيد، لذا يجب أن يكون الاتصال والتواصل بين الشركات وأمن الدولة مستمر، فوجود العشوائية يؤدي لانعدام الأمن، لذا يجب على أمانة العاصمة والسلطات المحلية للمحافظات متابعة الشركات الأمنية أولاً بأول، ونحن نقول إن وجود تلك الشركات أفضل من وجود مليشيات قبلية مسلحة, بل إن لبعض الشركات الأمنية دور إيجابي في حماية المنشآت والبضائع التجارية خلال أحداث 2011م, كما كان لها دور إيجابي في حماية المنشآت النفطية وغيرها من المنشآت الحساسة ,لذا يجب أن تكون هناك رقابة على عمل تلك الشركات وأقصد بالرقابة الإيجابية التي تكمل العمل ولا تنفر الاستثمار في هذا المجال. . حديث الباحث الأمني والاكاديمي الرائد معاذ الكامل فتح شهيتنا للبحث أكثر في الموضوع وحتى يكتمل ملف البحث عن الشركات الأمنية من كافة النواحي في هذا التحقيق، ولذا قمنا بزيارة إلى وزارة الصناعة والتجارة والتقينا بمراقب الشركات ومدير عام الشركات في الوزارة - عبد الرزاق السروري الذي اكد لنا وجود أكثر من شركة أمنية مرخص بها من وزارة التجارة والصناعة, ويستطرد السروري حديثه: من يأت إلينا للحصول على ترخيص بمزاولة المهنة نطالبه أولاً بتقديم ترخيص من وزارة الداخلية ووزارة الداخلية تحدد بالضبط مجال عمله والأمر متروك للداخلية في التحري عن الأشخاص المالكين لتلك الشركات ,كما أننا مرتبطين بجهازي الأمن القومي والسياسي الذين يوفدون مندوبين إلينا للتحري عن تلك الشركات أولاً بأول ,وبالنسبة لنا في وزارة التجارة والصناعة فإن الشركات الأمنية الخاصة شأنها شأن أي جهة تطلب ترخيص مزاولة نشاط تجاري, وعملنا مستند إلى أحكام القانون رقم22لسنة1970بشأن الشركات التجارية وتعديلاته ولائحته التنفيذية, حيث يتم منح الترخيص وتسجيل الشركات ذات المسئولية المحدودة وفقا لاسم الشركة وأغراضها ومركزها الرئيسي ورأس مالها والنظر في أن شركة التي تطلب الترخيص تتقيد بمزاولة نشاطها المحدد، ونحن بدورنا نشجع أي شركة طالما إنها تؤسس وفقاً للقوانين النافذة، ولا تمارس أي نشاط تجاري محضور في الدستور اليمني, ولمن لا يعرف أن الاستثمار في هذا المجال يعد استثماراً حيوياً ومهماً قد بلغ إجمالي معاملات سوق خدمات الأمن علي المستوى الدولي أكثر من 100 مليار دولار.. ويضيف: ومن الملاحظ أن شركات الأمن الخاص الخدمية وظفت آلاف الشباب اليمني العاطل، أما مسألة حمل بعض منتسبي تلك الشركات للسلاح فأغلب من نلاحظهم نرى أنهم يحملون العصي والهراوات فقط دون السلاح ,وهناك قلة من يحملون السلاح خصوصاً الذين يحرسون السفارات وبعض مقرات البعثات الدبلوماسية في صنعاء، وبالنسبة لموضوع السلاح فهو يخص وزارة الداخلية فقط ونحن في وزارة الصناعة والتجارة لا علاقة لنا به, وفي اعتقادي أنه يمكن لوزارة الداخلية أن تستفيد من تلك الشركات والقيام بتدريب منتسبيهاً وغيرها من الأنشطة والمهام ,ومن خلالكم ندعو الشركات التي ليس لديها ترخيص من وزارة الصناعة والتجارة سرعة إصدار الترخيص مالم فسيتم إيقاف عملها وتعرض مالكيها لعقوبات خاصة.
عند مغادرتنا لوزارة التجارة والصناعة، صادفنا حارساً يعمل في شركة أمن خاص جاء ليتقدم بشكوى ضد إحدى الشركات التي يقول أنها استغلته وظلمته وصادرت حقوقه, وإذ بالقائمين على الوزارة يوجهونه إلى مكتب العمل بأمانة العاصمة ,المكان المناسب لتقديم شكاوى العاملين في القطاعين العام والخاص, يقول هذا الحارس إنه تم فصله من إحدى شركات الأمن التي يعمل فيها منذ 13عاماً دون وجه حق وبسبب وقوع خلاف بينه وبين أحد الأشخاص المقربين من المدير العام حول موقع الخدمة الذي أجبر على تركه، لأن المنشأة التي كان يخدم فيها كانت تقدم له مبلغ (50)دولار شهرياً بجانب راتب الشركة الأمنية التي أوفدته والذي يصل إلى الألف دولار... فضل الحارس الذي التقينا به عدم ذكر اسمه حتى لايتهم انه قام بتشهير بالشركة أمام الصحافة على أمل أن تنتصر الدولة لحقة.
تابعنا قضية هذا الحارس الذي التقينا به في اليوم التالي في مكتب العمل بمنطقة التحرير بصنعاء وكانت الإجراءات الروتينية المتبعة عند تقديم الشكاوى... في ذات المبنى التقينا بتوفيق ذمران – مدير عام التفتيش بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وسألناه أسئلة متصلة بالشكاوى التي تقدم من قبل العاملين في الشركات الأمنية فأجاب:
كثيراً ما تأتي إلينا شكاوى من أشخاص كانوا يعملون في شركات الأمن الخاصة ,وبدورنا نتخاطب مع تلك الشركات ونستدعيها ونطبق القانون في حل كثير من المشكلات ,وأكثر الشكاوى المقدمة انتقاص للحقوق بما فيها الأجور والتي تختلف مع الامتيازات التي يحصل عليها حارس الأمن من شركة إلى أخرى، والأصل أن هذه الشركات جديدة وجاءت خارج اطار قانون العمل لكنها الآن أخضعت للقانون، فقد ظهرت تلك الشركات في فترة التسعينيات وبالتحديد بعد 94، وكانت على أساس قيامها بتوظيف بعض الأشخاص في حراسة بعض السفارات والمنشآت، والبعثات الدبلوماسية، والتجارية الأجنبية، وكانت تلك الشركات حصراً وحكراً على بعض الأشخاص الذين لهم علاقة بالنظام السابق, ثم زاد عدد تلك الشركات وانتشر موظفوها في المراكز التجارية والمستشفيات الحكومية والخاصة والفنادق والمطاعم وغيرها من المنشآت, وكما أسلفت هناك عشرات الشركات مثل (ستاليون، وجروب فور، والفهد، والخيول، والعالمية، والمتميزة، والفرسان، وسياج، والكون، وأنتراكس، ويوجي أس، والأمان، وتراست، وبا ور يمن، وجارد جروب، والجزيرة) وغيرها من الشركات.
ويضيف: وفي الفترة الأخيرة لوحظ أن المرتبات التي يتقاضاها حراس الأمن زهيدة جداً ولا تراعي تلك الشركات أبسط الحقوق أو القوانين خصوصاً في تطبيق الحد الأدنى للأجور، فوفقاً للخدمة المدنية فإن وظيفة حارس الأمن تعتبر ضمن المستوى الأدنى في مستويات التقييم لوظائف الخدمة العامة، وهذا لا يعنى هضم الحقوق، فالحد الأدنى لأجر حارس الأمن وفق القانون يبلغ عشرين الف ريال مع إضافة البدلات الأخرى، صحيح أن هناك شركات تعطي أكثر ولكن أغلب الشركات تعطي أقل من هذا دون مراعاة الإجازات وغيرها من الحقوق, ولو قارنا الحد الأدنى لأجر حارس الأمن في السعودية فهو ثلاثة آلاف ريال سعودي, كما أن ما يتقاضاه شهرياً حارس الأمن في مصر يبلغ ألفاً ومائتي جنيه مصري لوجدنا أن المقارنة ظالمة، ومع مراعاة فوارق الاقتصاد بين كلا البلدين واليمن، نجد أنه من المفترض أن يكون دخل الفرد العامل في الشركة الأمنية الخاصة مرتفعاً عن ما هو عليه حالياً, وقد قمنا بالنزول الميداني لبعض الشركات فوجدنا أن عناوين بعض الشركات غير معروفة ولا ثابتة ولا مستقرة, البعض يستأجر شقة في عمارة ما وينقل إلى شقة أخرى في مكان آخر, وهذا بسبب عدم وجود جهة معنية تقوم بتنظيم العمل في تلك الشركات, لذا يجب على وزارة الداخلية أن تضطلع بدورها هي ووزارة الصناعة والتجارة ونشدد على الداخلية لأن نجاح المهام الأمنية لتلك الشركات نجاح لوزارة الداخلية.. وعبركم أقول لأي شخص يتعرض لانتقاص من حقوقه ويشعر أنها منتقصة، أن يتقدم ونحن نطالب أصحاب تلك الشركات في مراعاة الظروف التي يعيشها الشباب اليمني وعدم استغلالهم.

*الجمهورية نت

 


 

مواضيع ذات صلة :