حوارات نُشر

رئيس حكومة مواجهـة التحديات الشائكة: ندرك مكامن الخلل تماماً.. وعلينا مواجهته

الحديث مع شخصية بحجم رئيس وزراء بحاجة إلى إلمام شامل بظروف  بلد  وتداعيات مرحلة.. خاصة عندما
يكون على رأس حكومة تقف أمام ملفات معقدة وتحديات صعبة..
الدكتور/علي محمد مجور-رئيس الوزراء- تحدث بحوار سريع في مكتبه رغم انشغاله المتواصل بأعمال وبرامج مسؤولياته التي تواجه الكثير من التحديات الشائكة.. عن ملفات حكومته.. وعن اختلالات هيكلية مزمنة تعيق برامجها الإصلاحية، ، وعن مهمة استيعاب ومعالجة عمالة فائضة وبطالة كثيفة ومحدودية موارد، إضافة إلى
هموم إعادة الهيكلة ، التقاعد، رفع الدعم؛ وقائمة طويلة تشكل في مجملها أولويات مرحلة.. تفاصيل:
حاوره/ عبد القوي العديني

----
في خطابكم أمام قيادات الوحدات الاقتصادية أكدتم أن التراجع في أداء ومخرجات هذه الوحدات يرجع إلى الاختلالات الهيكلية المزمنة.. ما مستوى خطورة هذه الاختلالات وتأثيرها على الإنتاج؟
-من أولى خطوات أية إصلاحات جادة معرفة طبيعة الاختلالات.. والوقوف دون تردد وبشفافية أمام تحديات ومتطلبات الإصلاحات، لذلك نحن نحرص في حكومتنا على تغليب مبدأ الشفافية في قراءة مكامن التعثر في عملنا.. والاعتراف بوجود اختلالات يأتي في هذا السياق، بالتأكيد فإن تلك الاختلالات تؤثر بصورة سلبية على الأداء الاقتصادي، وتكلف البلد خسائر كبيرة، وهي واحدة من أهم القضايا التي نعمل من اجل معالجتها وإنهائها.
نحن ندرك تماماً مكامن الخلل وعلينا مواجهته. لتصحيح المنظومة الإدارية والاقتصادية للبلد من أجل تحقيق تقدم اقتصادي، وتحسين مستوى معيشة المواطن اليمني. وتأسيساً على منظورنا هذا تجاه مستويات الأداء والإنجاز، وكذا تشخيص الإشكاليات أمام توجهاتنا الإنمائية والخدمية.. توصلنا إلى إدراك دقيق أن أكثر مهامنا إلحاحاً هي الإشكالية الاقتصادية، فضلاً عن الصعوبات والعوائق الأخرى، منها الاختلالات الهيكلية. لدينا وعي كامل بالمشكلة، وندرك الضرورة الملحة للوقوف بجدية أمام هذه الإشكالية وإيجاد الحلول لها.

في عهدكم بدأت الحكومة لأول مرة تنفيذ مشاريع لإعادة هيكلة الوحدات الاقتصادية، ما أهمية هذه المشاريع وما مستوى اهتمام الحكومة بمتابعة تنفيذها؟
- أريد التوضيح في هذا الجانب أن إعادة الهيكلة بدأت منذ وقت سابق للحكومة الحالية وذلك من خلال مشروع تحديث الخدمة المدنية، ومع ذلك فان تحديات المنظومة الإدارية في المؤسسات الحكومية تظل واحدة من المسائل الملحة أمام أية حكومة للخلاص من الإرباكات المعيقة لسير العملية التنموية.. ولذا عززنا جهودنا في مجال الهيكلة.. عدا عن المجالات الأخرى المدرجة ضمن برنامج الإصلاح المالي والإداري الذي تنتهجه الحكومة، ونحن ماضون قدماً في كل الإصلاحات، ويأتي أهمية هيكلة تلك الوحدات من أهمية حيوية الذي يمكن أن تحدثه هذه العملية من نقلة نوعية في أداء الوحدات وإنتاجها. والذي بدوره سينعكس بصورة ايجابية على التنمية.

إعادة هيكلة مؤسسات الدولة هل تتم وفق رؤية دولية بحتة أم في ضوء مشاركة يمنية؟
-الهيكلة.. إجراء تقييمي.. وأصبحت علماً إدارياً قائماً بذاته.. وتتولاه شركات عالمية متخصصة.. ودول عديدة استعانت بها، ولذا فالشراكة مطلوبة، والمشاركة اليمنية بالضرورة فاعلة، لأن لكل بلد ظروفه الخاصة. لكننا في نفس الوقت نحتاج للاستفادة من الخبرات الدولية.. وخبرات من سبقونا.. ومن أحدث ما تم التوصل إليه في هذا المجال.

ما هي النتائج المرجوة من مشروعات إعادة الهيكلة.. وكيف ستنعكس إيجابا في أداء ومخرجات الوحدات؟
- بكل تأكيد نحن ننتظر نتائج ايجابية، ومردودات ملموسة في تحسين وتجويد الأداء، ورفع نسبة الإنتاج.. لأن إعادة الهيكلة سيعيد الوحدات الاقتصادية في القطاع العام والمختلط، إلى المسار الصحيح، وسيحقق فعالية أكثر في أدائها وإنتاجها، وسيوفر للدولة موارد إضافية بالإضافة إلى التخلص من الفساد الإداري الذي يعيق ادائها.

رئيس الوزراء هو رئيس للجان مجالس إدارة في مؤسسات وهيئات كثيرة مع مسؤولياته الكبيرة والمتعددة.. هل يجد رئيس الوزراء الوقت للإطلاع على أوضاع هذه اللجان والمؤسسات وعقد اجتماعات منتظمة لها؟
-كل تلك المجالس عبارة عن ادوات فنية متخصصة مساعدة لمجلس الوزراء في اتخاذ القرارات المناسبة في المجالات التي تعنى بها كل من تلك المجالس..لذلك لا غرابة أن تجد رئيس الحكومة على رأس تلك المجالس واللجان لأنها بالتأكيد جزء من مسؤوليته الإطلاع على أعمال تلك الجهات وأوضاع المؤسسات، وعلى العموم فرئيس الحكومة يعتمد على منظومة إدارية متكاملة لإدارة تلك المؤسسات، التي هي معنية بإنجاز برامج عملها بكل تفصيلاتها.. ومسؤوليتي كرئيس حكومة تتركز على متابعة تنفيذ السياسات العامة والأساسية التي تتضمن خططاً رئيسية لكافة مهام تلك الجهات.
استيعاب العمالة
تقرير للاتحاد الأوروبي نصح اليمن في مساعيها لبناء الدولة بأن تستغني عن عمالة فائضة تشكل 60 ٪ من موظفي الدولة ما هي رؤيتكم للتعامل مع العمالة الفائضة؟
-نحن على إطلاع على إشكالية العمالة الفائضة ومدركون حجم المشكلة.. وهي واحدة من المشاكل الإدارية..التي نحرص على معالجتها، من خلال التخلص من العمالة الوهمية والمزدوجة التي استطعنا من خلالها شطب أكثر من ستين ألف شخص، وحالياً لجان البصمة والصورة تعمل في مجال السلك العسكري والمدني والتي نتوقع أن تكشف عن حالات وهمية وازدواج تفوق كثيرا ما تم اكتشافه في القطاع المدني..ونعي في الواقع انه برغم تلك النتيجة فان العمالة الفائضة ستظل مشكلة تواجهنا على المدى المنظور ولا سيما في ظل الاستيعاب المحدود للقطاع الخاص، والطلب المتنامي للوظيفة العامة من قبل خريجي الجامعات .. وهى المشكلة التي نسعى لمعالجتها من خلال تطوير قدرة التعليم الفني على استيعاب المزيد من الملتحقين فيه والعمل في نفس الوقت وبالشراكة مع القطاع الخاص على صياغة البرامج الحديث الملبية للمتطلبات النوعية للسوق المحلي والخليجي ،،يضاف إلى ذلك تعزيز محفزات الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة.

المؤتمر الاقتصادي «عدن بوابة اليمن للعالم».. ترى ما الرسالة التي تحرص عليها الحكومة من انعقاده؟
- الأولوية أمام الحكومة «للاقتصاد» وللاستثمار، ولذا فإن انعقاد هذا المؤتمر الاقتصادي الاستثماري في عدن يلتقي مع أهداف الحكومة في تنشيط مكونات الاقتصاد.. ولعل المنطقة الحرة بعدن.. وميناء عدن الدولي.. وأيضاً الإمكانات الاستثمارية التي تميز بلادنا هي الرسالة التي يجب أن نعمل جميعاً من أجل أن تكون هي الصوت الأعلى..
وعدن.. كمدينة لها سمعتها العالمية، وكذا ميناءها ومنطقتها الحرة، تسير لبناء صورة اقتصادية واستثمارية نموذجية وجاذبة.. ليس لعدن وحدها، وإنما لبقية المناطق اليمنية.. واختيار شعار المؤتمر كان موفقاً ومثل بوابة حقيقية كما ينبغي أن تكون عليه عدن.
نحن نريد أن نوصل إلى كل شركائنا وإلى العالم أجمع رؤية واضحة أن عدن لم تعد تلك المدينة المغلقة، بل تم تهيئتها وإعدادها لتكون محوراً دولياً للتجارة الإقليمية والعالمية، وهذا ليس من قبيل الدعاية المجانية لمدينة تستحق الكثير، وإنما هي توضيح لحقيقة جديدة لعدن.. وللمشهد العام للاستثمارات في اليمن.. وأرى أن هذا توجهاً مهماً، بل ومطلوب تكثيفه، وهنا أؤكد لرجال الأعمال ولكل المشاركين بمؤتمر عدن أن الحكومة ستقُدم كل الدعم والتسهيلات لهم، وأن الحكومة تبذل جهود متواصلة لتحسين وتطوير بيئة الاستثمار في اليمن.

ملفات حساسة
الخصخصة.. التقاعد.. رفع الدعم.. كثير من الإجراءات ضمن برنامج الإصلاح الإداري لها تأثيرات اجتماعية سلبية على حياة المواطنين كيف تتعامل الحكومة مع هكذا ملفات حساسة ومهمة؟
-بالفعل هذه القضايا حساسة خصوصاً فيما يتعلق بدعم المشتقات النفطية، بما لها من تأثيرات مباشرة على المواطنين، لكن استمرار دعم المشتقات النفطية له تأثير سلبي أكبر على الاقتصاد ومعيق للتنمية، وهناك نسبة كبيرة من ميزانية الدولة تذهب إلى دعم المشتقات النفطية على حساب مشاريع في التنمية والبنية التحتية التي تعاني من قصور واضح في شتى المجالات.. وفي الواقع فاتورة رفع المشتقات النفطية ستكون ثقيلة، على المدى القصير.. ولكن بالتوازي مع إجراءات عمل مساعدة يمكن أن توجد لها حلول على المدى البعيد، والمتوقع أن ينتج عنها تحسين في الوضع الاقتصادي.. إلا أنه ينبغي أن لا يغيب عن إدراك الجميع أن الاستمرار في دعم المشتقات النفطية قد يتسبب في مشكلات اقتصادية عديدة.. ويمكن أن يحدث هزة في مؤسساتنا المالية والمصرفية.
لا أحد يدرك مدى الصعوبات التي تواجهها الحكومة وهي تتحمل فاتورة الدعم الضخمة التي تتجاوز مئات المليارات سنوياً. كما أننا مطالبون بتحقيق استقرار للعملة الوطنية، وتحقيق نسبة نمو لردم الهوة التي نعاني منها في التنمية.
إضافة إلى أن نسبة ليست هينة من فاتورة الدعم لا تستفيد منه الشريحة المستهدفة .
مع ذلك فالحكومة تعاني في تحمل تكلفة الدعم الباهظة من أجل المواطن اليمني، وليس لديها أي نية باتخاذ إجراءات حادة قد تطال معيشة المواطنين.. ولكن ينبغي أن ندرك أن الحكومة والمواطن معاً يعانون بسبب فاتورة الدعم. وعلى المواطن أن يعي مدى التكلفة العالية.. والضرر الاقتصادي بسبب ارتفاع كلفة الدعم لهذه المشتقات النفطية.
أما مسألة التقاعد، فنحن نتعامل مع قانون الخدمة المدنية.
والإحالة للتقاعد لمن بلغ احد الأجلين تسير وفقاً للقانون بخلاف فترات زمنية سابقة وإذا ما عُدت إلى سجلات وزارة الخدمة المدنية والتأمينات فانك ستدرك البون الشاسع في هذا الجانب بالمقارنة مع الفترة السابقة لعملية الإصلاح الإداري .. ونحن نحرص على تأكيد العدالة في تطبيق القانون على الجميع .. رغم الاختلالات والتعقيدات الكثيرة التي ورثناها من فترات زمنية سابقة ولاحقة للوحدة المباركة ، ونشعر في هذا الجانب إننا قطعنا شوطا كبيرا في معالجتها.
هناك أكثر من 200 عائق أمام الاستثمار في اليمن اقتصادية ومؤسسية وأمنية وقضائية هل هناك رؤية واضحة لإزالة المعوقات وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار؟
-هناك فعلا معوقات متعددة تواجه العملية الاستثمارية ولكن ليس بهذا الحجم المبالغ فيه جدا والذي لا ادري من أين جاءت به تلك الآراء؟؟.. وإدراكنا لهذه المعوقات.. ليس وليد اللحظة.. نحن على مقربة وإطلاع على طبيعة تلك المعوقات، ولكن من المنصف أن تتم الرؤية إلى هذه المشكلات وكذا للخطوات الإجرائية المعالجة للمشكلات بشيءٍ من التفاؤل وبشيء من الواقعية.. والحكومة ومؤسساتها لم تقف في وضع المتفرج لتلك المعوقات، بل عملنا ونعمل على وضع الحلول اللازمة لتجاوزها، وحديثا أحالت الحكومة مجموعة من التشريعات المرتبطة بتعزيز البيئة الاستثمارية بما فيها المشروع الجديد لقانون الاستثمار.. وهى المنظومة التي تم إعدادها في إطار منظومة أجندة الإصلاحات الوطنية وبالتعاون مع البنك الدولي ووفقاً لأفضل الممارسات العالمية المتبعة.. هذا بالإضافة إلى إقرار خارطة الطريق لإنهاء مشكلة الأراضي التي تمثل احد ابرز المشكلات التي تواجه المستثمرين ..وهدفنا من ذلك كله هو تعزيز وتطوير البيئة الاستثمارية و تسهيل مجمل الإجراءات المرتبطة بها، علماً أن قانون الاستثمار الحالي يشتمل على الكثير من المزايا والتسهيلات. كما لا يفوتنا ونحن نتكلم عن هذا الموضوع الحيوي ان نشير إلى تفعيل نظام النافذة الواحدة الذي يجمع كل مؤسسات الدولة للمستثمر في نافذة واحدة لتسهيل إجراءاته.

أعلنتم عن أولوية لمكافحة الفساد.. ماهي رؤيتكم لمواجهة الفساد من خلال خطوات عملية ملموسة؟
-اعتقد ان الدولة من خلال إصدار قانون مكافحة الفساد وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إضافة إلى إنشاء اللجنة العليا للمناقصات المستقلة عن الحكومة وأخيرا الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات نكون قد تجاوزنا الرؤية النظرية إلى التطبيق؟؟ فهي كلها أدوات عملية لمكافحة الفساد .. فهيئة مكافحة الفساد برغم الفترة القصيرة الماضية لها إلا انها نظرت وحققت في الكثير من ملفات الفساد وأحالت عدداً منها إلى النيابة العامة ..فيما استطاعت اللجنة العليا للمناقصات من تحقيق الشفافية المطلقة في عمل المناقصات وإحراز تقدم كبير في زمن البت للمناقصات .. وكما يعلم الجميع فان الفساد الأكبر يكمن في المناقصات,لذلك فان إصلاح آلية إقرار المناقصات يعني القضاء على بؤرة أساسية للفساد ..ومؤخراً كللت هذه العملية بانتخاب الإخوة رئيس وأعضاء الهيئة العليا للرقابة على العمليات المختلفة للمناقصات, بدءاً من إعداد المواصفات في الجهات الخاضعة لقانون المناقصات وحتى الانتهاء من المشروع أو أعمال التوريد سواء كانت على المستوى المحلي أو المستوى المركزي.. كما أن الحكومة تتعامل بجدية ومسؤولية مع كل تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.. وتحيلها إلى الأجهزة العدلية.

دعم الكهرباء
على هامش مؤتمر الفرص الاستثمارية أبدى مستثمرون مخاوف من وضع الكهرباء الذي لا يواكب إصلاح بيئة الاستثمار؟ متى نستطيع أن نمتلك طاقة كهربائية تواكب توجه الدولة لتشجيع الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية؟
-نحن دوماً نؤكد أن الكهرباء هي قاطرة التنمية وعماد الاستثمار ..وفي هذا المجال نستطيع القول ان الحكومة الحالية وبفضل الدعم الكبير من فخامة الأخ رئيس الجمهورية استطاعت ان تضع الحلول اللازمة لمعالجة مشكلة الكهرباء من خلال مجموعة من المشاريع الإستراتيجية لتوليد الطاقة النظيفة عبر استخدام الغاز.. وعملياً نحن نستعد حالياً لتدشين المحطة الغازية مأرب 1بقدرة 341ميجا وات ,فيما تم الإعلان مؤخرا عن المرحلة الثانية بقدرة «400م».وستليها مناقصة أخرى «لمأرب 3» بقدرة 400م.و أيضاً إضافة إلى مشاريع أخرى تتجاوز تكاليفها الاستثمارية الثلاثة مليارات دولار .. أي إننا ماضون في إجراءات ملموسة لتجاوز هذه المعضلة الرئيسة التي تواجهنا وتؤثر سلبا على التنمية والاستثمار فضلاً عن إقلاقها للسكان .. ، ونضع في اعتبارنا العديد من البدائل لأننا نعرف أن الطاقة الكهربائية ليست طاقة بيتية وإضاءة شوارع وأسواق. وإنما هي احتياج لطاقة توليدية لمواكبة التطورات المتسارعة في المشاريع التجارية والسياحية، والاستثمارية التي تشهدها اليمن.. وبالتالي نحن على المدى القريب سنعمل من أجل تعزيز الطاقة الكهربائية لسد العجز الذي يتصاعد عاماً بعد آخر.. وفي المقابل من كل ذلك هناك رؤية اقتصادية واستثمارية تتمثل في اتخاذ إجراءات للعمل على بناء سياسات وشراكة مع القطاع الخاص، إذ ننظر جدياً إلى فتح باب الاستثمار في الكهرباء للقطاع الخاص. وتحديداً تعزيز الاتجاه لإنتاج طاقة نظيفة ورخيصة.

شراكة
تتحدث الحكومة عن قطاع خاص متخلف يتهرب من التزاماته ويطالب بما ليس له من حقوق.. ويتحدث القطاع الخاص عن حكومة متعسفة لا تدرك أهمية الدور الذي يقوم به، كيف يمكن الحديث عن شراكة الحكومة والقطاع الخاص في ظل هكذا وضع؟ وما هي رؤيتكم لتحقيق شراكة فاعلة تخدم مسيرة التنمية؟
-الشراكة الاقتصادية والتنموية والاستثمارية بين الحكومة وبين القطاع الخاص قضية محورية لا يمكن للحكومة أن تغفلها، وكذا ليس بمقدور القطاع الخاص أن يغض الطرف عنها.. لأنها الجسر الذي سيحقق للتنمية عوامل تطورها. وبالطبع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تتطلب أولاً أن يعي كل طرف التزاماته، إذ ينبغي على القطاع الخاص الالتزام بدفع حق الدولة من الضرائب والرسوم.. وبالمقابل من ذلك لابد من إتاحة الفرص المتاحة والمحفزة لمنح القطاع الخاص البيئة المناسبة للعمل والتزام الحكومة بمسؤولياتها وواجباتها تجاه نجاح الشراكة. لأن هناك واجبات مشتركة من أجل نجاح أي شراكة بناءة ومثمرة.
وما أود الإشارة إليه هناك مسألة مهمة، تعمل على إزالة العراقيل بين الحكومة والقطاع الخاص وتحقق الشراكة المنشودة.. فجميعنا حتى الآن لم نعتد على تقاليد الشراكة، والجميع يتفهمها من زاوية ذاتية للغاية، واعتقد أننا نحتاج إلى رؤية واضحة من أجل الشراكة ترتكز على القيم الدستورية وسيادة القانون ومبدأ الحقوق والواجبات . الشراكة تعني أن يتحمل القطاع الخاص دوره في البناء والتنمية ، هذا ما تقوله مبادئ العمل الحر، وفي الوقت نفسه على الدولة أن تهيئ المناخات الملائمة لنجاح هذا القطاع بدءاً من إعداد تشريعات وإيجاد بيئة مناسبة يعمل بها، ووصولاً إلى إقامة بنى تحتية متكاملة.

التعديــــن
في عهدكم تحرك قطاع المعادن من جبل صلب لكن هذا القطاع يعاني من تعثر كبير ومعوقات يرجعها البعض إلى آلية العمل والإدارة المتبعة في الوقت الراهن داخل الهيئة ما رؤيتكم لتحريك هذا القطاع؟
-هذا القطاع مازال في بدايته، وندرك مدى أهميته، ونحن نعمل على تعزيز وتطوير هذا القطاع لما تمتلكه اليمن من مخزون هائل بإمكانه أن يشكل مصدر دخل كبير ويعزز من النمو. ونحن نعول كثيراً على هذا القطاع، وعملنا بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية لتنفيذ حزمة من الإصلاحات التشريعية والقانونية في قطاع التعدين. وهذا المشروع تمخض عنه مشروع قانون ونظام ضريبي جديد للتعدين، سيسهل من إقامة استثمارات في مجال المعادن، وسيساعد في جذب الاستثمارات المحلية والعربية والدولية إلى اليمن. بالتأكيد ينتظرنا عمل كثير وجهود مضنية من أجل تطوير هذا القطاع وتحسين أدائه . الاعتماد على النفط صار أحد مشاكلنا الاقتصادية، وضمن التزاماتنا العمل المتسارع لإرساء قاعدة عمل تسهم في تنويع مصادر الدخل، ومن المتوقع أن يشكل قطاع المعادن مصدراً مهماً لتطوير مكونات الاقتصاد اليمني..وهيئة المساحة الجيولوجية كانت ومازالت تقوم بدور محوري للاستفادة من هذا القطاع الحيوي الواعد.

منذ زمن تحدثتم عن منطقة حرة في عدن.. لكن تم الاكتفاء بمناقشة مستقبلها بين قاعة مجلس النواب وطاولة الحكومة.. ماهي رؤيتكم لتطوير منطقة عدن الحرة؟
-المنطقة الحرة بعدن.. مثلت في مطلع التسعينات قيمة اقتصادية كان يعول عليها أن تحقق لليمن انتقاله تنموية نوعية وكبيرة، ولكنها جوبهت بعثرات عديدة، وكان الأجدر أن لا نكتفي كإعلام واقتصاديين في تقييمنا لها، بأن نتجه بنظرنا صوب التحديات فقط لنقيم أثرها، بل علينا أن نرى إلى نصف كأس الماء المملوء.. ولذا فإن انجاز ميناء الحاويات، وتحديث ميناء المعلا، وتطوير هيكلية الميناء، وتنفيذ ما تبقى من مشروعات المنطقة الحرة مسألة يجب أن لا تغفل.. وما تحقق على أرض الواقع كان الأولى أن نراها ملامح وسمات لنجاح منتظر وقادم وواعد بإذن الله.
وفي تقديري أن المنطقة الحرة بعدن إحدى البدائل الاقتصادية للنفط، بالنسبة لليمن. عدن بحاجة إلى بيئة تحتية متينة تقدمها كمكان مناسب للاستثمارات، ونحن بصدد استكمال تجهيز البنية التحتية فيما يخص المنطقة الصناعية، كما أننا نقدم تسهيلات
للمستثمرين، ونقدم للمستثمرين أراضي جاهزة ومخدومة بالخدمات الأساسية، ليبدأ المستثمر مشروعه الاستثماري.. نحن أمام مسؤوليات راهنة ومستقبلية وأولى هذه المسؤوليات العمل على تفعيل مكونات المنطقة الحرة كواحدة من أهدافنا الرئيسية، حيث ستشكل مصدر دخل مهم، وفي الوقت نفسه ستخلق فرص عمل للمواطنين، وإزاء كل الجهود المخلصة لتطوير المنطقة الحرة بعدن، لا يمكن أن يعفى من وزر تعثرها أولئك الذين يتعمدون -بعدائية وكره لعدن- أن يصطنعوا المشكلات ويثيروا الشوشرات، كون ضررها يصل إلى حلقات عديدة تتسبب في تكالب العثرات وفي إضاعة العديد من الفرص الاستثمارية وتنفير المستثمرين الجادين.

تجانس
هل فريق الحكومة متجانس الآن؟ وهل تعتقد أن لديك فريقاً تستطيع معه تحقيق النجاح والأعمال المميزة.. وهل أنت راض عن أداء الوزراء؟
-نحن في الحكومة نعمل كفريق واحد بما يخدم مصلحة الوطن، لكن هذا التجانس لا يمنع حدوث بعض التباينات في وجهات النظر. ومثل هذا التباين من وجهة نظري، عامل ايجابي في عملنا. نحن نعرف أننا مسئولون أمام الله وأمام الشعب.. وأمام ضمائرنا ونعمل بأقصى إمكانياتنا للوصول إلى مراتب متقدمة في تحقيق النجاحات.. وفي ترسيخ الأمن والاستقرار وترسيخ المكتسبات الإنمائية والخدمية في مختلف المحافظات والمناطق. ونحظى في سبيل ذلك بكل الدعم من فخامة الرئيس علي عبد الله صالح.
أما بخصوص وجود بعض التباينات، وأيضاً الاجتهادات في تنفيذ البرامج والخطط في أعمال المؤسسات والهيئات، فإنها مسألة نراها صحية، لأنها تسعى إلى تحقيق أهداف عامة، وتحرص على اختزال الجهد والوقت والتمويل لترجمة واقعية للأعمال، وكلها تسير تحت مظلة اللوائح والقوانين وتصب في خدمة المصالح العليا للشعب والوطن.

الطرقات
المجلس الأعلى للطرق الذي تم تشكيله مؤخراً برئاستكم كيف تقيمون دوره في معالجة قضايا مشاريع الطرقات المتعثرة.. وماذا عن اتجاهات المجلس في وضع الخطط لاحتياجات اليمن من الطرق الإستراتيجية المستقبلية التي تساعد على جذب الاستثمارات؟
-إنشاء مجلس أعلى للطرق يشير إلى أن التوجهات الاقتصادية مسألة تحظى بحقها من الاهتمام من القيادة السياسية، ومن الحكومة، ولحداثة المجلس فإن ما شهده من عمل ينصب في مستهل النشاط في وضع إطار يستوعب كل ما أنجز، ويدرس أية إشكاليات تكون قد نشأت، وبالتالي الاتجاه إلى وضع سياسات محورية لتعزيز هذا المجال ولذلك المجلس بدأ بداية جيدة، وقد وضع كثيراً من الحلول لمشاريع الطرق المتعثرة. كما يضع المجلس باعتباره في مشاريع الطرق، قيمة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لمشاريع الطرق وللمناطق والمحافظات. على سبيل المثال حجم السكان الذين سيستفيدون منها، أي أعطاء أولوية للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، والحيوية في نفس الوقت. وهناك رؤية تدرك الأهمية الاقتصادية والتنموية للطرق التي تساعد على جذب الاستثمارات وعلى الدفع بعملية التنمية في البلاد.

الزراعــة
مجال الزراعة وبناء الحواجز المائية والارتقاء بجودة المنتجات الزراعية المتنوعة وخلق التنافس من أجل التوسع في عملية التصدير الخارجي أين هو من اهتمام الحكومة؟
-الزراعة.. هي منطلق تطور وأمن واستقرار اليمن وقد حظيت بعناية خاصة من القيادة السياسية ومن برنامج الحكومة.. كما أن الجميع يعرف أن البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح من بين أبرز ما تضمنه التأكيد على بناء الحواجز المائية والسدود، وتطوير الزراعة ، وكما تعلم أن اليمن بلد زراعي عبر التاريخ، لكن دون سدود أو حواجز مائية ومنظومة ري متطورة وحديثة ودون سياسات مائية فعالة.. فالخوف أن تتسرب من بين أيدينا هذه المكانة.. لذلك كواحدة من أولوياتنا نعمل على توفير جزء كبير من احتياجاتنا الغذائية محلياً، وكذا نعمل على تحسين الطرق الزراعية وفق آليات حديثة، ووسائل علمية. ولا يخفى على أي متتبع أن هناك حزمة من الخطوات الإجرائية لتطوير الجانب الزراعي وتحديداً تنفيذ السياسات الزراعية سواء من حيث الاهتمام بإنشاء السدود والحواجز المائية، وشبكات الري، أو الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية، وكذا إيلاء الاهتمام المناسب للبحوث الزراعية، وبناء شراكة مع الأشقاء والأصدقاء لتعزيز جوانب الأمن الغذائي لليمن وهي مسألة غاية في الأهمية والحيوية.

الإعــــــلام
كيف تنظر إلى وضع الإعلام..؟ هل أنتم على استعداد لفتح الباب أمام الاستثمارات في إنشاء قنوات فضائية وإذاعات محلية؟
-الإعلام كمعطى متكامل في اليمن مازال يفتقر إلى كثير من التقاليد الإعلامية المحفزة، ويحتاج إلى الالتزام بالمعايير الضامنة لتطوره.. ومع ذلك توجب الحقيقة أن نشير إلى أن هذا المجال شهد تطوراً خلال السنوات الماضية بفضل سياسة التعدد ومساحة الحريات المتاحة مقارنة بالماضي، رغم أن هناك بعض المآخذ على الإعلام والصحافة تحديدا ، وكما قلت بسبب الافتقار للتقاليد والعراقة المهنية. لكننا نأمل تحري الكلمة المسئولية والدقة والابتعاد عن شخصنه القضايا.. هناك فهم خاطئ للحريات أحياناً. لكن أنا متفائل أن يشهد الإعلام تطوراً كبيراً وهناك صحف جسدت المهنية وقدمت صورة مشرفة للصحافة المسئولة والملتزمة. أما فيما يخص الاستثمارات في إنشاء قنوات فضائية وإذاعات محلية. فنحن بصدد إصدار قانون جديد للإعلام ينظم إنشاء قنوات فضائية وإذاعات محلية.


 

مواضيع ذات صلة :