حوارات نُشر

الصابونى:مشروعات الربط السككى بين الدول العربية تكلفتة تتجاوز 25 مليار دولار

Imageأكد المهندس مرهف الصابوني الأمين العام للاتحاد العربي للسكك الحديدية ضرورة العمل على استكمال مشروعات الربط السككي بالدول العربية وصولا الى الربط بين كل دول المنطقة مع ضرورة إسهام القطاع الخاص العربي في دعم وتمويل الدراسات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
ودعا الى إنجاز هذا الربط في أسرع وقت لما له من فائدة اقتصادية ستنعكس بشكل كبير على حجم التجارة العربية حيث الارتفاع بنسبتها التي لا تتجاوز 11% حالياً وزيادة حركة السياحة بين دول المنطقة.
واستعرض الصابوني في حواره ل الراية أوضاع السكك الحديدية في المنطقة وخريطة ربطها وأهم الصعوبات التي تواجهها لافتا الى أن تكلفة استكمال مشروع الربط السككي العربي تصل الى حوالي 25 مليار دولار وأوضح أهمية الاستفادة في هذا الصدد من نموذج الربط السككي بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتطرق الصابوني الى تأثيرات الأزمة المالية العالمية على قطاع النقل العربية وسبل تفعيل الشراكة بين
الحكومات والقطاع الخاص في قطاع النقل.. وإلى سياق الحوار:
في البداية نود إلقاء الضوء على أوضاع قطاع السكك الحديدية في المنطقة العربية؟
في الحقيقة قطاع النقل السككي العربي لم يأخذ حقه من الرعاية والاهتمام في العقود السابقة من قبل الحكومات العربية لأنه كان ينظر إليه على انه قطاع غير مجد وخاسر وغير مفيد للمنطقة وهذا رأي خاطىء لأن العالم يعتبر أن القطاع السككي يأتي في صدارة منظومة النقل حيث يحقق مزايا عديدة لا يمكن حصرها ، وانطلاقا من أهمية هذا القطاع دعا مجلس الوحدة الاقتصادية العربية إلى عقد اجتماع تأسيسي لاتحاد عربي نوعي متخصص في السكك الحديدية وتم عقد الاجتماع في عمان وبموجبه تم تشكيل الاتحاد الذي أشرف برئاسته منذ عام 1979 ، وأحد أهم أهداف الاتحاد العمل على ربط أقطار الوطن العربى بمحاور وطرق من خلال السكك الحديدية ، ولهذا الغرض كرسنا جهودنا للسعي نحو تحقيق هذا الهدف الذي تم وضعه على قائمة أولويات الاتحاد ونقوم بالتشاور مع كل الدول العربية للتعرف عن قرب على الشبكات الحديدية القائمة فيها حيث إنه كما هو معلوم أن شبكات السكك الحديد غير موجودة إلا فى 11 دولة عربية من أصل 22 دولة هذا بالإضافة إلى أن الأقطار العربية التي لديها شبكات فهي شبكات منفردة غير مرتبطة ببعضها البعض أي أنها تعمل داخليا ولا ترتبط بشبكات الدول المجاورة وذلك لعدم وجود وصلات تربط هذه الشبكات لذا قمنا في الاتحاد بعرض هذا الموضوع على مجلس وزراء النقل العرب العامل فى نطاق الجامعة العربية لعمل دراسة لربط أقطار الوطن العربي بمحاور وطرق سككية وأكد وزراء النقل أهمية الاتجاه نحو تحقيق ذلك وإزاء ذلك تم اتخاذ القرار عام 1991 بإعداد الدراسة كما تم تكليف الاتحاد بوضع تصورات حول الربط دون الدخول في تفاصيل الشبكات الداخلية لأن هذا من حق الدول فقط وسيادتها على أراضيها في اختيار الشبكات التي تغطي طرقها ومدنها الرئيسية ومراكز الإنتاج والتصدير وتم وضع تصور للربط السككي للدول الموجود بها شبكات بالفعل ثم انتقلنا إلى الدول التي ليس لديها شبكات وفي عام 1992 تم تقديم هذه الدراسة لمجلس وزراء النقل العرب مدعومة بخريطة للوطن العربي تبين المحاور التي يمكن من خلالها ربط الدول وهي عبارة عن عشرة محاور لربط المنافذ الحدودية للوطن العربي .
وما أبرز هذه المحاور؟
بالنسبة للمشرق العربي على سبيل المثال المحور الأول: شمال - جنوب يصل أول موقع من سوريا على الحدود التركية نزولا إلى الجنوب مرورا بالأردن والمملكة العربية السعودية وينتهي فى عدن باليمن أي إيصال الشمال بالجنوب في المشرق العربي ، أو من البحر الأبيض المتوسط من الموانىء السورية واللبنانية والاتجاه شرقا نحو العراق عند ميناء البصرة ومن ميناء البصرة أخذنا تفريعة منه للربط بإيران حيث يفتح وسط وشرق آسيا على الشبكة العربية وبذلك أصبحنا مرتبطين من خلال سوريا بالحدود التركية ومن خلال العراق بالحدود مع إيران ومنها الى وسط وشرق آسيا، كما انتقلت الدراسة ايضا الى محاور تخدم الأقطار العربية وعددها عشرة محاور: ستة منها فى المشرق وأربعة في المغرب العربى ووادي النيل والقرن الأفريقي حيث تم ربط القرن الأفريقي جيبوتي بميناء عدن حتى نربط المشرق العربي ومن جيبوتي يتم الربط بالصومال ومن جدة الى بورسودان عن طريق العبارات وربط المملكة العربية السعودية بميناء ضبا إلى السويس بمصر، باعتبار المحور الرئيسي في المغرب العربي يبدأ من كوبري الفردان بمصر ليصل الى القاهرة ومن القاهرة يتجه غربا ليصل الى الحدود الليبية وهنا الوصل بين قبرص والسلوم وبعدها ليبيا ليس لديها شبكة حديدية وبالتالي الخط مقطوع تم إيصاله بمحور على الساحل الأبيض المتوسط ليصل شرق ليبيا بغربها على الحدود القبرصية ثم يدخل الى تونس ومن تونس هناك شبكة حديدية مرتبطة بالجزائر والمغرب يصل الى مراكش ومن مراكش يقف الخط والدراسة أكملته الى العيون ومن العيون إلى موريتانيا حيث وجود خط حديدي في موريتانيا يصل الى المناجم وهذا محور ربط مهم في الشمال الافريقي يصل من مصر الى موريتانيا بداية من كوبري الفردان ثم الى المشرق العربي ثم الى رفح بعدها يمتد على شعبتي البحر الأحمر حتى يصل الى العقبة ومن العقبة يصير هناك جسر إما علوي أو نفق حتى يربط الشبكة الموجودة في المشرق العربي معه.
وبالنسبة لدول المغرب العربي هناك بعض الدول تم إيصالها بدول افريقيا لربط الشبكة العربية بشبكة القارة الإفريقية وبهذا التصور وهذه المحاور تكون الشبكة العربية مربوطة مع الشبكة الآسيوية والشبكة الأوروبية.
كما تم حصر الوصلات اللازمة لربطها وتوصلنا الى ضرورة وجود أربع أو خمس وصلات ضرورية لربط الشبكات القائمة.
وهل هناك عقبات تحول دون عملية الربط السككي العربي؟
بالفعل هناك صعوبات عديدة وأهمها اختلاف المواصفات الفنية بين الشبكات القائمة في الدول العربية فهذه المواصفات غير موحدة وعلى سبيل المثال الخط الحديدي في الشبكة المصرية عرضه كبير بينما في الشبكة السودانية عرضه ضيق وبالتالي فالقطار لا يستطيع أن يستمر من مصر الى السودان وإنما الخطوط الحديدية المصرية نهايتها في أسوان ويتم استكمال الطريق برا وطوله حوالي 500 كيلومتر حتى يصل الى الحدود السودانية ، ولكن هذا الموضوع تم معالجته بطرق مختلفة مثلا إنه بوصول القطار الى السودان يمكن أن تكون هناك محطة تبادلية تقوم ببعض العمليات التوافقية لنقل معدات القطار من خط عريض الى خط ضيق.
وما التكلفة التي تتطلبها عملية الربط السككي؟
لا شك أن مشاريع الربط السككي العربي مكلفة للغاية وقد تعجز بعض الحكومات العربية عن تغطية تكاليف إنشاء مشاريع للسكك الحديد في بلدانها لذلك لابد من البحث عن مصادر للتمويل مثل مؤسسات التمويل العربية أو دخول القطاع الخاص كشريك لتنفيذ هذه المشاريع. وعن حجم الاستثمارات المطلوبة لهذا الربط فلا يمكن تحديدها بشكل قاطع لأن المسألة تتعلق بديموجرافية المنطقة وبشكل عام تم تقدير متوسط التكلفة بأن كل كيلومتر يتكلف ما يتراوح بين مليون الى مليون ونصف دولار لإنشائه كاملا بما فيها المحطات والإشارات والاتصالات ، والمنطقة العربية طول الخطوط الحديدية بها يصل الى 25 ألف كيلومتر وتحتاج الى تطوير لأنها متهالكة ومن الضروري ايضا إنشاء 25 ألف كيلومتر أخرى لاستكمال عملية الربط.
                                                                                  تنفيذ مشروع الربط
ومتى سيتم اتخاذ خطوات حقيقية لتنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع؟

لدي تفاؤل من القرار الذي اتخذ في قمة الكويت الاقتصادية التي عقدت في شهر يناير الماضي والخاص بضرورة الربط السككي بين الدول العربية ومن هنا لا بد للجامعة العربية أن تقوم بدورها في تفعيل هذا القرار ولابد من وضع خطوات ومسودة مشروع للخطوات التنفيذية للبدء في هذا المشروع ، ووزراء النقل العرب قرروا تكليف جهة استشارية بإعداد دراسة حول متطلبات تفعيل الربط السككي العربي على أن تمول من قبل الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وأن يشارك القطاع الخاص العربي في المساهمة في المشروع لزيادة الاستثمار في مجال النقل مع الاستفادة من نموذج الربط السككي بين دول مجلس التعاون الخليجي كمرجعية للربط السككي العربي.
وماذا عن الربط السككي بالدول العربية الواقعة تحت الاحتلال كفلسطين والعراق هل تم وضع تصور لكيفية الربط معها؟
بالنسبة لفلسطين كان هناك خط سككي بها يمتد الى المشرق العربي والى مصر ولكن بوجود الاحتلال الاسرائيلي خرب ودمر هذا الخط الحديدي وتوقفت عملية التطوير ونأمل عمل شبكة في الأراضى الفلسطينية وربطها مع الدول العربية المجاورة لأن إسرائيل تحاول ربط الأراضى المحتلة بشبكتها لتحقيق مآربها، لكن يهمنا ربط الأقطار العربية بفلسطين وتأمين النقل بين أقطارنا العربية، أما عن العراق فهناك دراسات حول عملية الربط السككي معها.
برأيك ما الذي يمكن أن يحققه مشروع الربط السككي العربي؟
منظومة النقل كما هو معروف في دول العالم تلعب دوراً كبيراً في تنمية حجم التجارة بين الدول المتجاورة وكذلك زيادة السياحة البينية وبالتالي فالشبكة السككية العربية حال تحقيقها يمكن أن تساهم في رفع معدلات التجارة العربية البينية وإحياء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي ورفع معدلات السياحة العربية البينية.
                                                                                   الأزمة المالية والنقل
الأزمة العالمية هل أثرت على القطاع السككي بالوطن العربي؟

الأزمة المالية أثرت على كل القطاعات الاقتصادية ومن بينها مجال النقل بكل أنواعه حيث تأثر بشكل كبير ولذلك نحاول قدر الإمكان حماية شبكاتنا الحدودية من الأزمات حتى لا تتفاقم نسبة البطالة او تتقلص حركة القطارات وبالتالي تعرض حركة النقل السككي في المنطقة العربية لشلل تام.
وهل من الممكن خصخصة القطاع السككي بالدول العربية؟
عملية الخصخصة لقطاع السكك الحديدية تم تجربتها في أوروبا وثبت فشلها ولم تنجح والحقيقة أن الخصخصة الكاملة لهذا القطاع أمر صعب وقيادته من قبل القطاع الخاص مغامرة كبيرة لأن السكك الحديدية لها نظام خاص وعملية تامين السير لابد أن تكون خاضعة لجهة حكومية تشرف عليها وهذا ما يميز النقل السككي أنه نقل آمن. لكن يمكن خصخصة بعض الخدمات مثل بيع التذاكر او استئجار بعض العربات او قطارات سياحية لصالح بعض شركات القطاع الخاص دون أن تسيطر على القطاع.
وماذا عن أوضاع العاملين بالنقل السككي وكيف يتصدي الاتحاد لمشكلاتهم؟
أوضاع العمالة العربية في هذا القطاع تختلف من دولة عربية لأخرى فبعض الخطوط الحديدية العمالة بها مستقرة وتحصل على مكافآت وحوافز، وهناك بعض العمالة في دول أخرى تواجه صعوبات وهذا يختلف حسب الأوضاع الاقتصادية والمالية التي تمر بها كل دولة لذلك نرى المظاهرات والاعتصامات من فترة لأخرى، والمعروف عن العمالة السككية إنها تعتمد على الخبرة ولا توجد كليات أو معاهد لتخريج فنيين لها لذلك لا يمكن استيراد عمالة جاهزة للسكك الحديدية وإنما لا بد من أن تهيئتها داخل القطاع.
وما ذا عن الدور القطري تجاه الاتحاد العربي للنقل السككي؟
نأمل أن تقدم قطر المزيد من الدعم والمعاونة للاتحاد لنشر السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي وفي المنطقة العربية كلها فنحن نرى أن دولة قطر تهتم بهذا الأمر وتوليه اهتماما كبيرا ونحن على اتصالات دائمة مع الجهات القطرية لتمهيد الطريق أمام المشروع السككي القطري أيضا.
نموذج الربط السككي بين دول مجلس التعاون الخليجي أكدت الكثير من الاجتماعات ضرورة الاستفادة منه كمرجعية نموذجية.. كيف يمكن تحقيق ذلك؟
دول الخليج وضعت تصورا للربط بينها وقد استفدت في هذا الإطار من دراسة انجليزية لترانس مارك للاطلاع على طبيعة المنطقة ونوافذها وإمكانية ربطها ببعضها البعض ولذلك قمت بربط الكويت بالمملكة العربية السعودية وبتفريعة من هذا الطريق يتم الربط بالدوحة تم يمتد الى الإمارات وينتهي في سلطنة عمان، وهناك أحد المحاور تبدأ من الكويت على الحدود العراقية - الكويتية من أم القصر حتى يتنهي الى سلطنة عمان ومنها تم وضع محور آخر مواز للبحر يصل الى اليمن عند عدن ومن هنا يتم الربط بين حلقة دول مجلس التعاون الخليجي مع دول المشرق العربي والانفتاح ايضا على الشبكة الأوروبية وهذا الربط أرى أنه كان متواضعا مقارنة بالحركة التنموية التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي، والآن أصبح هناك توجه نحو تطوير هذه السكك والإسراع نحو إنجازها للربط بينها بين دول الخليج وتحقيق التكامل فيما بينها.

                                                                                                                                                       المصدر : الراية القطرية

 

مواضيع ذات صلة :