رمضانيات نُشر

قطر: أسعار الغذاء لا ترحم في شهر الرحمة!

Imageيسعى القطريون الى التعايش مع متطلبات رمضان المتنامية التي أخذت تثقل كاهلهم أكثر من أي وقت مضى في ظل أزمة اقتصادية طاحنة لم يسلم من تداعياتها أحد.
وعلى الرغم من أن قطر تبدو أقل الدول تأثرا بالأزمة العالمية، إلا أن الغلاء وارتفاع الأسعار يحمل المواطنين والمقيمين في قطر أعباء مالية كبيرة تفوق مقدراتهم المالية.
وتتركز أوجه الإنفاق بشكل رئيسي خلال شهر رمضان على المواد الغذائية، ووفقا لتجار قطريين، فإن حجم استهلاك السوق المحلي يقفز الى الضعف في هذا الشهر مقارنة مع أشهر السنة الأخرى.
 ويأتي رمضان هذا العام على المستهلكين في قطر في ظل موجة غلاء تجتاح أسعار أصناف السلع والبضائع كافة، وخصوصا الغذائية منها، ما أدى الى ارتفاع غير مسبوق لمعدلات التضخم، استنفر معه جهود الحكومة القطرية للحد من صعوده المستمر، والذي يصل حاليا الى أكثر من 10%.
يقول ناصر الشهواني، وهو تاجر مواد غذائية في قطر إن «قيمة استهلاك السوق القطري من السلع الغذائية تقفز في رمضان الى أكثر من 800 مليون ريال (219.7 مليون دولار) مقارنة مع 400 مليون ريال في باقي أشهر السنة.
ويرى الشهواني أن حجم الاستهلاك اليومي للسوق القطري من اللحوم والخضار والفواكه تحديدا يرتفع بمعدل الضعف. ومعظم مستوردات السوق المحلي القطري من الخضار والفواكه تأتي من أسواق لبنان والأردن.

معدلات الإستهلاك


وبالإضافة الى شهر رمضان المبارك، تعزى أسباب الزيادة الكبيرة التي تطرأ على معدلات استهلاك السوق القطري من المواد الغذائية الى الزيادة المضطردة للسكان والوافدين والعمالة التي تستوجبها المشروعات الضخمة.
يقول الشهواني «حتى الزوار والسياح القادمين الى البلاد يشهد عددهم ارتفاعا مستمرا.. لم يعد الحصول على غرف فندقية شاغرة بالأمر السهل».
ولا يعني قدوم شهر رمضان المبارك بالنسبة للكثير من القطريين سوى مزيد من الإنفاق، ما يعرضهم لضغوط مادية تدفع بالكثير منهم في بعض الأحيان الى الاقتراض من أجل الوفاء بمتطلبات الشهر الفضيل.

وبحسب إحصائيات حديثة أصدرها صندوق النقد الدولي، يبلغ معدل دخل المواطن القطري حاليا نحو 75 ألف دولار.
وتقول الدراسات إن معدل دخل الفرد في قطر يعد من أعلى معدلات الدخول، ليس على مستوى دول المنطقة فقط، وإنما على مستوى العالم كذلك، حيث يفوق معدل دخل الفرد في بريطانيا والسويد وأستراليا بأكثر من 10 آلاف دولار وأميركا بأكثر من 20 ألفا.

ورغم ذلك، يضطر المواطن القطري في مناسبات معينة مثل رمضان والأعياد الى اللجوء للاقتراض، بسبب تكاليف المعيشة في السوق المحلي الذي يشهد ارتفاعا مطردا منذ أعوام، وهو الذي يتأثر بمعدلات الأجور والتقلبات التي تشهدها أسعار العملة ونسبة التضخم في الاقتصاد المحلي التي تعتبر في أدنى مستوياتها حاليا.

ضغوط إضافية


تقول مصادر مصرفية إن حجم الإقراض في السوق المصرفي القطري يقدر بنحو 6 مليارات ريال خلال النصف الأول من العام الحالي، مقابل 3 مليارات ريال العام الفائت و1.8مليار ريال في عام 1997، وتشكل هذه القروض ما نسبته 30% من مجمل الإقراض الذي تقدمه البنوك القطرية.
ويرى مصرفي قطري أن هذه المستجدات تشكل ضغوطا إضافية على كاهل المواطنين، ما يجعلهم في حاجة متزايدة الى ميزانية خاصة بالشهر الكريم توجب زيادة مخصصات الإنفاق.

يقول المصرفي، الذي طلب إغفال اسمه، إن انفتاح السوق القطري على العالم يفيد كثيرا المستهلكين ويوفر خيارات عديدة أمامهم، سواء من حيث الجودة والأصناف أو من حيث مستويات الأسعار، مضيفا «هذا الأمر يعزز عملية المنافسة في السوق بما يدفع العديد من التجار في كثير من الأحيان الى تخفيض الأسعار، وهو ما يصب في نهاية المطاف في مصلحة المستهلك».
ويعتقد المصرفي أن أي زيادة قد تشهدها الأسعار خلال رمضان قد تكون زيادة طبيعية وليست استغلالية، وذلك بحكم الطلب الكبير الذي يشهده السوق خلال أول أسبوع من الشهر الفضيل، والذي قد ينتج عنه نقص طفيف في مدى توافر السلع، وخصوصا من المواد الغذائية.

قرارات لرمضان فقط


يضيف أن «هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المستهلكين عموما في تحقيق استقرار الأسعار والذي يؤدي بالتالي الى تخفيض معدلات الإنفاق». وشدد على «ضرورة ترك الأمور للعرض والطلب حتى تبقى الأسعار معتدلة والسلع متوافرة».
وقامت وزارة الاعمال والتجارة القطرية اخيرا -ولأول مرة- باصدار قرار ملزم للتجار بتعيين اسعار بعض السلع والمواد الغذائية خلال شهر رمضان. ويأتي هذا القرار من اجل توفير الاحتياجات الضرورية من المواد الغذائية بأسعار مناسبة قد لا تتعدى في بعض منها اسعار التكلفة.
 
ويشمل القرار 104 سلعا وموادَّ غذائيةً متنوعة تعتبر من الاحتياجات الاساسية للمستهلك في الشهر الفضيل، من بينها الارز والسكر والطحين ومشتقاته والالبان ومشتقاتها والزيوت النباتية والجريش والهريس والمعجنات والمكرونة والدجاج، بالاضافة الى العصائر.
 Image
والقرار ملزم للشركات الموردة والمجمعات التجارية الاستهلاكية ومحال السوبر ماركت والبقالات وغيرها من المحال التي تقوم ببيع تلك السلع والمواد لتوفير احتياجات المستهلكين منها وبأسعار لا تتجاوز الاسعار المبينة في القرار.
 
واكثر ما يلفت الانتباه في شوارع قطر لدى حلول موعد الافطار، هو انتشار ظاهرة الوجبات السريعة التي تقوم اكثر من جهة خيرية في البلاد بتوزيعها على الصائمين سواء كانوا مترجلين او في سياراتهم الى حين وصولهم الى بيوتهم، بعد ان ادركهم اذان المغرب.

وجبات للصائمين


يتم يوميا توزيع نحو 100 الف وجبة من هذا النوع تتألف اساسا من الماء واللبن والتمر، في حين يتحمل تكاليف هذه الوجبات التي تصل قيمتها الى مليون ريال يتبرع بها اغنياء وتجار قطريون.
ومن المنتظر ان تشهد قطر خلال الشهر الفضيل تنظيم اكثر من 100 مائدة افطار صائم في مختلف انحاء البلاد، وذلك ارتفاعا من 82 مائدة خلال العام الفائت، وقفز عدد سكان قطر في السنوات القليلة الفائتة الى اكثر من 105 ملايين نسمة، معظمهم من العمالة الآسيوية.
 وتقدر تكاليف موائد الافطار بأكثر من 25 مليون ريال.
ويقوم على هذه الموائد كل من صندوق الزكاة ومؤسسة الشيخ عيد الخيرية وجمعية قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري ومؤسسة الشيخ جاسم جبر الخيرية. ويتوقع ان يتم تقديم اكثر من 102 مليون وجبة على جميع موائد الافطار طيلة الشهر الفضيل.
ويثير حضور غير المسلمين لهذه الموائد ردود افعال متباينة، حيث يستنكر عدد من المراقبين وجود غير المسلمين على موائد الافطار التي تنظمها جهات اسلامية للصائمين المسلمين، بينما اعتبر عدد من المؤيدين لوجود غير المسلمين على موائد الافطار بمنزلة اظهار لسماحة المسلمين والتكافل الاجتماعي الذي يجب ان يسود المجتمع المسلم، خصوصا في شهر رمضان، نظرا لما له من فضل وبركة، موضحين ان وجودهم يعد فرصة دعوية مهمة، تستطيع من خلالها الجهات المنظمة لموائد الافطار تقديم صورة طيبة عن الاسلام واخلاق المسلمين.

ويقول مسؤولون ان نسبة هؤلاء لا تتعدى 5%، وان موائد الافطار اماكن مفتوحة، يستفيد منها من حضر، ولا يمكن ان تقوم الجهات المعنية بتسجيل المفطرين على كل مائدة، اذ يحضر الصائم اليوم ولا يحضر مرة اخرى.

المصدر : القبس


 

مواضيع ذات صلة :