اقتصاد يمني نُشر

30 عاماً من الحراك التنموي غير المسبوق

Imageلقد كانت الفترة من 78 إلى 84م تتطلب رؤية جادة لفهم الواقع وإحداث نهضة اقتصادية وتنموية تجتاح سلبيات الماضي واخفاقاته فالحاجة إلى الاستقرار السياسي وتحقيق الأمن برزت واضحة المعالم منذ قيام الثورة المباركة في شمال اليمن عام 1962م، كما أن الحاجة إلى بنية تحتية كالطرق والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الحكومية وغيرها مثلت عبئاً كبيراً أثقل كاهل الفترة من 78 إلى 84م وهذا بالنسبة للمحافظات الشمالية فكان أمام الرئيس علي عبدالله صالح أن يولي تلك المتطلبات جل الاهتمام من أجل ترسيخ الدعائم الاقتصادية للدولة ووضع رؤى للنهضة المستقبلية والاتجاه صوب التنمية الشاملة وقد استطاعت اليمن في ظل تلك الرؤية أن تحقق نجاحاً ملموساً في مختلف المجالات حيث حققت نمواً مستمراً يزيد عن «6 ٪» خلال «6» سنوات انعكس ذلك على مستوى دخل المواطن وازدهار النشاط التجاري وتطور الحركة العمرانية. مراحل النمو تأثر أداء النمو في «الجزء الشمالي من اليمن» بصورة رئيسية بعوامل رئيسية متعددة منها الصدمات الداخلية والصدمات الخارجية واصلاحات السياسة الاقتصادية، وتتفاوت الأهمية النسبية للمؤثرات الأساسية السابقة في تحديد معدل النمو تبعاً للمرحلة الاقتصادية، فالتقلبات الداخلية كان لها أثر فاعل في إعاقة نمو الاقتصاد المحلي ومن تلك الصدمات التي بدأت بعد تحقيق الثورة اليمنية الحاجة إلى بنية تحتية تشمل العديد من المرافق العامة «صحية-تعليمية-مؤسسات حكومية.. وغيرها» إضافة إلى المشاكل الداخلية وعدم الاستقرار والتي نجم عنها تعاقب عدد من الرؤساء إلى عام 1978 والمرحلة التي تولي فيها فخامة الرئيس علي عبدالله مقاليد الحكم وكانت الفترة من 1978 إلى 1990 فترة استيقاظ واتجاه نحو تشكيل بنية تحتية قادرة على تجاوز الأزمات والصعوبات حيث شهدت تلك الفترة العديد من الانجازات الاقتصادية كالزيادة في الدخل القومي إلا أن ذلك صاحبه هجرة كثير من الأيادي العاملة اليمنية لتحدث تلك الهجرة آثاراً سلبية بعيدة المدى نتج عنها تدني معدل نمو الناتج المحلي الذي لم يتجاوز خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي «5 ٪»، وفي ذلك بذلت الحكومة جهوداً حثيثة للوصول إلى «10 ٪» من خلال البرنامج الانمائي الثلاثي في الفترة «73-1975م» والخطط الخمسية الثلاث في الفترة «76-1991م». كما كان لنفس الفترة من 1978-1990 صدمات خارجية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد اليمني صغير الحجم وتحديداً صدمات الدخل من الخارج فكان لها دور في تفسير جزء كبير من حركة النمو وتقلباته في اليمن رغم أن اليمن تمتلك مؤهلات ومقومات داخلية تتمثل بالأراضي الزراعية الخصبة والمخزون النفطي والثروة السمكية والغاز والمعادن بما يمكنها من تجاوز أزماتها الاقتصادية إلا أن الأمية التي عاشتها اليمن إلى قيام الثورة كان لها الدور في تذبذب الاستخراج والانتاج المحلي مما جعل اليمن عرضة لأية صدمات خارجية، وفي منتصف الثمانينيات أصدرت الحكومة اليمنية قراراً يمنع استيراد الخضروات والفواكه والاتجاه إلى الزراعة المحلية واستطاعت أن تحقق نجاحاً ملموساً في هذا الجانب ونتج عنه الاكتفاء الذاتي ثم التصدير إلى العديد من دول الجوار ومنحت أولوياتها التنموية لدعم القطاع الزراعي بعد أن منحتها للقطاع الصناعي فالقطاع الصناعي لم يحقق نجاحات ملموسة جراء اعتماده على المدخلات المستوردة لتنخفض قيمته المضافة وظل عاجزاً عن امتصاص البطالة واستيعاب العمالة المحلية لذا كان القطاع الزراعي هو الأمل الوحيد أمام الحكومة لتمنحه الدعم والسياسات الاقتصادية. إقتصاد دولة الوحدة في عام 1990 تحققت الوحدة اليمنية لتوحد شطري اليمن لينتج عن ذلك اقتصاد جديد انعكاساً لاقتصاديات الشطرين محملاً بمشاكل وهموم أكثر تعقيداً كالبطالة والتضخم والركود الاقتصادي والديون الخارجية، فعملية دمج اقتصادين مختلفين يعد مسألة صعبة فالمحافظات الشمالية تعمل بنظام اقتصاد السوق الحر في حين كانت المحافظات الجنوبية تعمل بنظام اقتصاد مركزي ولم تقف المشكلات عند ذلك الحد فقط بل ان الاقتصاد الجديد تعرض لصدمات أكثر شراسة سواء كانت داخلية أو خارجية ومن الصدمات الداخلية حرب صيف 1994 إضافة إلى الديون الخارجية التي تحملتها دولة الوحدة جراء انهيار الاتحاد السوفييتي سابقاً وانقطاع الدعم الذي كان يمنح لشطر اليمن الجنوبي لترث روسيا ذلك الدين الذي وصل إلى «7» مليار دولار لتبلغ ديون دولة الوحدة «11» مليار دولار إضافة إلى حدوث ازدواج في العمالة وظهور العمالة الفائضة جراء تشابه الأجهزة الحكومية، كما أن الصدمات الخارجية تمثلت بالتطورات التي شهدتها منطقة الخليج العربي والانتعاش الاستخراجي للبترول مما أحدث فجوة بين تلك الدول واليمن إضافة إلي حرب الخليج الثانية في عام 90م والتي نتج عنها انعكاسات محلية بعودة أكثر من «800» ألف مغترب يمني في دول الخليج لينتج عن ذلك أزمات متعددة كالبطالة وأزمات السكن والتنافس على الناتج المحلي ليدخل الاقتصاد الجديد في منعطف حرج استوجب على اثره التدخل السريع واتخاذ اجراءات صارمة لانتشال الاقتصاد من وضعه المتردي، فكان أمام الحكومة خيار واحد يتمثل بتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، حيث كان الوضع الاقتصادي والمالي مع نهاية 1994 ينذر بأزمة عجز في الموازنة ويسير في الاتجاه السالب ليصل إلى «48» مليار ريال بما يعادل «17 ٪» من الناتج المحلي الاجمالي صاحب ذلك تدهور في سعر صرف العملة الوطنية وعجز في ميزان المدفوعات، فكان برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والإداري نقطة مهمة لإحداث اصلاحات اقتصادية وهيكلية تهدف إلى إيجاد قاعدة جديدة للنشاط الاقتصادي وفقاً للمتغيرات الدولية ومواكبة للتطورات الحاصلة في الاقتصاديات العالمية ينتج عنها اقتصاد يتمتع بالقوة والاستقرار، ومع منتصف العام 1995 بادرت الحكومة بإعداد الخطة الخمسية 96-2001م ووضع استراتيجية اقتصادية على كافة المستويات حيث ركزت الخطة على أهمية بناء مؤسسات الدولة وتحسين أدائها وفق العمل المؤسسي وما من شأنه تطوير النشاط الاقتصادي والتنموي، وحسب ماتشير التقارير الاقتصادية، فإن الحكومة اليمنية نجحت في تنفيذ عدد من الاصلاحات الضرورية خلال الفترة 1990-2001، وذلك في مجالات السياستين النقدية والمالية وسياسة سعر الصرف والأسعار والتجارة الخارجية، لتحقق في ذلك تقدماً ملموساً برز من خلال الاستقرار الاقتصادي الكلي ورفع معدلات النمو وتحرير الأسعار والتجارة الخارجية، وتوحيد وتحرير سعر الصرف، كما أن الحكومة بذلت جهوداً من أجل تطبيق إصلاحات في المالية العامة والعمل بالأدوات غير المباشرة في الإدارة النقدية وتغذية الرقابة المصرفية ومن خلال هذه الاصلاحات التي اتخذتها الحكومة استطاعت أن تحصل اليمن على منح من المجموعة الدولية تضمنت اعفاءها من ديونها الخارجية. ومع بداية القرن الحالي شهد النصف الأول منه تباطؤ مسيرة الاصلاح الاقتصادي جراء ارتفاع عائدات النفط الذي صاحبه تخفيف القيد المالي على الحكومة إضافة إلى ظهور معارضة داخلية لبعض جهود الاصلاح الاقتصادي تسببت كل تلك في عدم إحراز تقدم كافٍ في مجالات إصلاح حيوية مثل تخفيض دعم الوقود وتطبيق الضريبة العامة على المبيعات واصلاح الخدمة المدنية وإدارة الانفاق العام حسب ماورد في تقرير صندوق النقد العربي لعام 2008م. وأضاف التقرير: لقد أدركت الحكومة اليمنية أهمية مواصلة وتعميق الاصلاحات لتهيئة البيئة المناسبة والمشجعة للاستثمار وتحقيق النمو المستدام وتخفيض البطالة لتزيد من مضاعفة الجهود لتسريع وتيرة الاصلاحات التي خلصت بتبني أجندة توعية للاصلاحات في بداية 2006م بدعم من شركاء التنمية الدوليين استهدفت تحسين المناخ الاستثماري وتحسين الشفافية ومحاربة الفساد بصورة تتكامل مع أهداف الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشمل الفترة 2006-2010. حيث استطاعت اليمن أن تحظى بدعم ومساندة المانحين من الدول الشقيقة والصديقة ومن المؤسسات الدولية والاقليمية جراء نجاحاتها في الاصلاحات التي قامت بها لينتج عن ذلك عقد مؤتمر المانحين لليمن في نهاية 2006 وتوفير دعم ميسر يفوق «4.7» مليار دولار أي مايقلص الفجوة التمويلية لبرنامج الاستثمار خلال الفترة 2007-2010 بنسبة «86 ٪»

Email:n_aladofi@hotmail.com


 

مواضيع ذات صلة :