آراء وأقلام نُشر

مفتاح التنمية الاقتصادية..

يعتبر الاستثمار الركيزة الأساسية للتنمية ، وإذا أخذنا بعين الاعتبار محدودية موارد البلد وعدم قدرتها على تأمين البنية التحتية المطلوبة فلن يستطيع الوطن القيام بنهضة اقتصادية وتحسين معيشة مواطنيها والتخفيف من الفقر إلا متى ما استطاع جذب المزيد من الاستثمارات في شتى القطاعات الاقتصاديه والتي لن تأتي طالما وأن بيئة العمل والاستثمار لم تتحسن ، وبالتالي أصبح تحسين بيئة العمل والاستثمار الحلقة الأساسية الأولى لإحداث نهضة فعلية في الوطن.
وقد برهنت العقود الأخيرة أن الموقع الاستراتيجي و توفر المواد الخام عاملان مهمان لجذب الاستثمارات ولكنهما غير كافيان لضمان جذب الاستثمارات بل إن تجارب العديد من الدول أشارت بوضوح أن توفر بيئة استثمارية مشجعه وإدارة كفؤة عاملان أكثر أهمية من توفر المواد الخام والموقع الاستراتيجي ... وهو ما ينطبق على مدينة عدن التي يتغنى ليس فقط اليمنيون بها بل والعالم أجمع أنها تمتلك موقعا استراتيجيا فريدا لو تم استغلاله لأثرت البلد كله .. ولكن مع الأسف دون جدوى بسبب عدم توفر بيئة الاستثمار المناسبة.
لقد اصبح التسابق بين دول العالم في جذب الاستثمارات يقوم على توفير بيئة الاستثمار المناسبة.... ودول كسنغافورة , ماليزيا , دبي ... وغيرها خير دليل على ذلك.
وحتى نتمكن من جذب الاستثمارات فلابد من إصلاح البيت من الداخل إصلاحا حقيقيا , فمهما أوتيت السلطة من قوة إعلامية ورغم المؤتمرات التي تنظم إلا أن جميع المستثمرين لديهم قنواتهم الخاصة في الوصول الى المعلومات الصحيحة ، وفي حالة قدوم مستثمر الى اليمن وحدوث إشكاليات لديه في تنفيذ مشروعه الاستثماري , سيصبح هذا المستثمر الوسيلة الإعلامية لكشف وأقع البيئة الاستثمارية في البلد على المستوى الإقليمي والدولي.
إن أبرز إختلالات البيئة الاستثمارية في عدن والوطن عموما تتمثل في :
1. ضعف الاستقرار السياسي والسياسات الاقتصاديه.
2. المعوقات القانونية على اثبات ملكية الأرض والعقارات والبسط عليها من قبل المتنفذين وتعدد جهات إدعاء ملكية الأراضي في عدن واشكاليات الصرف المتكرر للأراضي لأكثر من جهة مما يؤدي الى تردد المستثمرين الآخرين في التفكير بشراء الأراضي والعقارات والأقدام على الاستثمار.. وفي هذه الحالة يعد الاستثمار مخاطرة كبيرة بالنفس والمال.
3. ضعف البناء المؤسسي لأجهزة السلطة المحلية ومحدودية خبرات وقدرات الكوادر المحلية في التعامل مع الشركات الاستثمارية الأجنبية وافتقارها الى المهارات الاساسية في التعامل مع الحاسوب وكذا اللغة الانجليزية التي تعد أساس التعامل مع الشركات باعتبار أن أكثر الشركات الاستثمارية أجنبية المنشأ.
4. ضعف البنية التحتية كشبكات الاتصال والطرق الحالية مقارنة مع حجم ومستوى الأنشطة المتوقعة ،كما أن ارتفاع أسعار الطاقة يعد عاملاً لايستهان به كأحد معوقات الاستثمار ، إضافة إلى ذلك لاتوجد مناطق صناعية مخدومة أسوة بالدول المجاورة حيث يقيم المستثمر منشآته على أرض كاملة الخدمات فالانقطاع المستمر للكهرباء والأضرار الناجمة عنه يعد مشكلة بحد ذاتها.
5. يصدم المستثمر سواء المحلي أوالعربي أو الأجنبي بواقع القضاء عامة والقضاء التجاري خاصة باعتباره القضاء المتخصص للبت في قضايا الاستثمار ، حيث يتجلى ذلك بشكل واضح في محدودية معرفة القضاة باللغة الانجليزية وبقواعد القانون الدولي إضافة إلى البطء الشديد في الإجراءات والتي تأخذ في بعض القضايا الى أعوام عدة ، كما أن سمعة عدم استقرار القوانين في اليمن كان عاملا مساعدا في زيادة مخاوف المستثمرين من زيادة مخاطر الاستثمار في اليمن.
6. ضعف مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني في رفد سوق العمل بالكوادر المؤهلة والمدربة بالشكل المطلوب.
7. ضعف شبكة خطوط الملاحة والطيران التي تربط اليمن بالعالم الخارجي من ناحية قدوم المستثمرين والأفواج السياحية إلى مناطق هامة مثل عدن لا يتم مباشرة كما هو الحال في مناطق أقرب من المنطقة ونأخذ على سبيل المثال شرم الشيخ أو الغردقة اللتين يصلها السياح مباشرة بواسطة رحلات خاصة تنظمها وكالات سياحية بغض النظر عن دبي التي تعتبر سماء مفتوحة للطيران .. فهل يعقل أن يهبط المستثمر أولاً في مطار صنعاء ،ثم يأخذ رحلة برية أوطيران آخر إلى عدن؟ لذا يأتي أهمية الرجوع إلى القرار الغائب الذي أتخذ في محافظة عدن لجعل أجواء عدن سماء مفتوحة للحركة وحرية الطيران المباشر.
بالرغم من كل المغريات والحوافز والمزايا والموقع الجغرافي الهام الى ان حجم الاستثمارات القادمه الى اليمن وعلى وجه الخصوص الى عدن لازالت محدودة طالما وهذه الأسباب والمعوقات التي تلوث بيئة الاستثمار تحول دون انسياب المستثمرين إلى اليمن ، فهل آن الأوان للدولة أن تظهر بجد وحزم في تحسين بيئة الاستثمار ومعالجة هذه المعوقات ؟ وهل أن الأوان لكي تستفيد الدولة وتستغل مؤتمر عدن الاستثماري (عدن .. بوابة اليمن للعالم) الذي سيشارك فيه وفود تجارية واستثمارية على مستوى العالم.
لقد وهبنا الله جوهرة نفيسة يحسدنا العالم أجمع عليها.. وهي مدينة عدن ... فمتى نصقلها وننظفها من الاتربة العالقة عليها ونسوقها للعالم ؟!

 

 


*رئيس مؤسسة بيت الخبرة للدراسات والإستشارات.


 

مواضيع ذات صلة :