آراء وأقلام نُشر

التهاب في المسالك الأخلاقية

Image

د. عبد الكريم راصع

ان تكون المسئول الاول عن حياة الناس في وزارة يفترض بها الاهتمام بالحياة لاالموت ، ثم لاتلقي بالاُ لاوجاع المرضى وتأوهاتهم ، فهذا يعني ان ضميرك الانساني قد اصيب كلياً بالتلف . والرجل الذي يتمترس هذة المرة خلف خطأ قاتل ثمنة حياة البؤساء هو وزير الصحة العامة ، بوسعك ان ترى حجم صفاقته

وهو يهاجم الصحافة معلقاً بعبارات تهكمية لا لشئ عدا انحيازها الى صف المتجمهرين البسطاء في ساحة الحرية ، وامام مبنى البرلمان، وقد وصل بة الحال الى قذف الاشخاص والشركات ووضعهم على رأس فرازة قوائم سوداء . الصحافة تحولت الى ساحة حرب من طرف واحد ، وتعرضت لهجوم عنيف ، يحصل ذلك لها مراراً في اليمن وهي تدفع ضريبة المصداقية في العادة ، ويتعرض الصحافيون لصفعات همجية ثمناً لقول الحقيقة ، لكن ذلك لايثنيهم ابداً عن مواصلة الدرب ، مهما بدت الخسائر باهظة .
 والحقيقة اننا اعتدنا الجهل بما يدور في دهاليز الصفقات الدوائية واروقة السمسرة الرخيصة ، لكن المرضى هذة المرة اشهروا الغضب ،خرجوا عن الصمت ، رافضين التحول حقلاً للتجارب لصالح ادوية جاءت محمولة على اكتاف مناقصات مشبوهة ، تجارب مفتوحة الاحتمالات ،على النجاح او الفشل، غير انها مضمونة المكاسب قائمة على ميزان الربح والخسارة ، وهي معززة بسيل من عبارات التطمينات المخيفة ، فلأول مرة ومنذ سنوات بعيدة نسمع عن وزيراً للصحة يردد " إطمئنوا نحن نقف على صحتكم " ، كيف لة قول ذلك والرعاية الصحية منعدمة ، والموت المجاني يحيط بحياة اليمنيين من كل جانب .
 لست معنياً بحمى الاستفزاز التي اصابت معالي الوزير فجأة لأن الصحافة قالت كلمة حق لكن المؤكد ان الهجوم الشخصي الخارج عما هو معتاد في الذوق العام ، من قبل مسئول في الحكومة ، بهدف الاساءة لرجال اعمال او شركات محلية وطنية من شأنة الاضرار بالمصلحة العليا للبلاد ، ذلك ان سمعة الاستثمارات تصاب في مقتل حين تحكم بتصرف فردي متهور ، لايستجيب او ينسجم مع رؤية القيادة السياسية العليا في اشاعة اجواء الامان والثقة وتعزيز توجيهات التعامل مع روؤس الاموال على اساس من المسئولية بعيداً عن اساليب التجني والاتهام غير المبرر .
ان سمعة الاستثمارات في الداخل تتأثر، بفعل الانانية والتصرفات التي لاتعبأ بمصالح الناس وغاية استمرار الحياة ، وتحديداً حين تقوم هذة التصرفات على اساس اشاعة الفوضى والخراب .
 يقول الوزير في تصريحات صحافية لة ان الوزارة وضعت عديد من الشركات الدوائية في قائمة سوداء ، منذ مدة طويلة ، والغريب ان هذة القائمة ، لم تضهر من قبل ،الا عند الاحتجاج على صفقة دواء مشبوهة ، وقد سبق لمسئول وزاري ان تحدث قبل ان يعاود تصحيح تصريحاتة بأن العينات الخاصة بشركة " سبلا " الهندية كانت محل شك " لذا قمنا باخضاعها لفحوصات جديدة". والواقع ان اليمنيون من اقصى البلاد الى اقصاها مستعدون للشهادة بنزاهة مجموعة شركات هائل سعيد انعم وابناءة ، كون تجارتهم قامت على مدماك اصيل قوامة السمعة الحسنة والعطف على حياة الناس وعدم اكل اموالهم بالباطل ، وهي سمعة تأسست على سنوات طويلة من المصداقية في حين لايبدي اليمنيون الاستعداد نفسة لتقديم أي شهادة مماثلة لأي مسئول حكومي يثار حول اداءة الكثير من التساؤلات ، سيما ان كانت هذة الصفقات على علاقة بالمناقصات وعقود ماتحت الطاولة .
معالي الوزير هلا تكرمت واجبت ، أي وجة سنقابل بة الاستثمارات الاجنبية ونحن نكيل الاتهامات جزافاً دون ادلة ونقدم على تشوية سمعة شركات وطنية أسهمت ولا تزال في نمو الناتج المحلي ، وقيادة الاقتصاد الوطني الى بر الامان ، حين تضطرب مؤشرات الثبات ان ماهو مؤكد ان التحول من موقف الدفاع الممكن الى الهجوم المستفز ضد رجال المال والاعمال والشركات الوطنية لهو مؤشر خطير، وهو من وجهة نظري سلوك لايعبر في النهاية عن رؤية القيادة السياسية ، بقدر مايمكن اعتبارة نتاج مجازفة فرد ، وتصرفات شخصية وسوء تقدير ، وقد يجد الوزير نفسة محرجاُ للغاية اذا لم يقدم البراهين والادلة الكافية ضد من اسماهم بشركات القوائم السوداء ، تحت حجة الحرص على المصلحة العامة ، وتحويل هذة المقولة شماعة مكاسب في حين أن المتضرر سمعة بلد واقتصاد وطن . ان الرجل بذلك يخسر من حيث لايعلم ، باعتبار انة لايملك مايسند اتهاماته التي لاتليق بشخص هو في موقع حكومي مسئول ، يفترض بة الدقة والمصداقية ، وليس الانزلاق وراء التصريحات والملاسنات ، كونها لاتنسجم مع الاخلاقيات الواجبة ، ولاتتوافق مع منطق الاختلاف والعقل والشعور بالمسئولية .


 

مواضيع ذات صلة :