تقارير اقتصادية نُشر

"حدث الأسبوع".. دراما البريكست تواصل زعزعة استقرار أوروبا

 أيام قليلة فقط تفصلنا عن مرور نحو 30 شهراً على استفتاء المملكة المتحدة لمغادرة عضوية الاتحاد الأوروبي، لكن مع ذلك لا تزال حالة عدم اليقين بشأن اتفاق البريكست تلوح في الأفق بقوة.

وشهد الأسبوع الماضي عدة تطورات كانت المشهد الأبرز الذي تصدر اهتمامات الأسواق العالمية، والتي من بينها تأجيل تصويت البرلمان البريطاني على صفقة البريكست وتصويت سحب الثقة من رئيسة الوزراء تيريزا ماي.

لمحة تاريخية

في 23 يونيو 2016، قرر 51.9% من البريطانيين أن الممكلة المتحدة يجب أن تغادر الاتحاد الأووربي في مقابل 48.1% معارضاً للبريكست بمشاركة حوالي 72% في الاستفتاء من أصل أكثر من 30 مليون صوت ناخب في البلاد.

وكانت إنجلترا وويلز يؤيدان بفارق أصوات ملحوظ لصالح البريكست في حين رجحت أيرلندا الشمالية وإسكتلندا كفة البقاء في الاتحاد الأوروبي.

لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة، حيث يجب أن تقوم المملكة المتحدة بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة والتي تمنح الجانبين عامين للموافقة على شروط الخروج.

وبدأت تيريزا ماي إجراءات البريكست يوم 29 مارس 2017 ما يعني أن عملية المغادرة ستتم يوم 29 مارس 2019، وهو الموعد الذي يمكن تمديده بموافقة كافة الدول الأوروبية والبالغ عددهم 28 دولة.

وبما أنه لا يوجد في الوقت الحالي حديث بشأن أيّ تمديد، فإن البريسكت سوف يتم تنفيذه مارس المقبل بغض النظر عما إذا كان هناك صفقة تنظم عملية الخروج أم لا.

وما لا يمكن تجاهله في هذا الشأن أنه بات يحق للمملكة المتحدة إلغاء البريكست دون الحصول على إذن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 والبقاء داخل نطاق الكتلة بشروطها الحالية وذلك بعد قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في 10 ديسمبر 2018.

فتيل الأزمة

بعد أن حازت مسودة اتفاقية البريكست المقترحة من جانب ماي على دعم الاتحاد الأوروبي في أوائل الشهر الجاري كان من المفترض أن تطرح على مجلس العموم البريطاني للتصويت عليها يوم 11 ديسمبر لكن ماي أعلنت تأجيل هذه الخطوة.

ويأتي تأجيل تيريزا ماي لتصويت البرلمان على صفقة البريكست، والمقرر أن يُجرى قبل 21 يناير المقبل، وسط مخاوف أن تلقى الرفض من جانب أعضاء البرلمان بفعل قضية الحدود الأيرلندية التي لا تزال تُشكل مصدراً للقلق.

صراع على الساحة

وتناضل رئيسة وزراء بريطانيا من أجل تنفيذ البريكست في ظل وجود صفقة، حيث أن سيناريو عدم وجود صفقة قد يكون الأسوأ بالنسبة للوضع الاقتصادي في البلاد.

لكنها في الوقت نفسه تواجه صراعاً من نوع آخر، وهو إعادة الاستفتاء على البريكست نفسه مرة أخرى، وسط انقسامات داخل حزبها (المحافظين) إضافة إلى مطالبات حزب المعارضة (العمال) بإجراء انتخابات عامة وربما مغاددرة منصبها.

وترى رئيسة وزراء بريطانيا أن اقتراحات تنفيذ استفتاء ثان على البريكست ربما تؤدي لانقسام المملكة المتحدة كما حذرت من أن البريكست بدون صفقة ذو آثار سلبية على المناطق الفقيرة في البلاد.

وتعرضت "ماي" بالفعل لتصويت سحب الثقة، بعد 48 ساعة من إرجاء التصويت على صفقة البريكست بعد أن تلقى رئيس لجنة المحافظين بالبرلمان البريطاني 48 خطاباً من الأعضاء يستهدف سحب الثقة من ماي.

لكنها لم تستلم، حيث تعهدت بمقاومة هذا التصويت بكل ما تملك مشيرة إلى أن سحب الثقة منها يعرض مستقبل البلاد للخطر ويخلق حالة عدم اليقين.

وتمكنت من انتزاع أغلبية حزب المحافظين في التصويت على الثقة (200 صوت مقابل 117 آخرين ضدها)، ما يعني استمرارها في قيادة الحزب والحكومة معاً، إلا أنها قدمت تنازلاً بعدم قيادة حزب المحافظين في الانتخابات المقبلة.

ويعتقد بنك جولدمان ساكس أن نجاح ماي في اجتياز تصويت أعضاء البرلمان المحافظين بشأن سحب الثقة يزيد احتمالات إلغاء البريكست.

ونقلت ماي نبرة حذرة إلى أعضاء البرلمان المحافظين مفادها أن التصويت ضد الاتفاقية التي توصلت لها مع قادة الاتحاد الأوروبي في وقت مبكر من الشهر الجاري يخاطر "بعدم وجود بريكست على الإطلاق".

الموقف الأوروبي

كانت حجة ماي لتأجيل تصويت البرلمان البريطاني هي إعادة التفاوض مع قادة الاتحاد الأوروبي بشأن المسألة محل الخلاف.

وفي رد فعل سريع على التطورات في بريطانيا، استبعد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إعادة التفاوض حول البريسكت مجدداً مشيراً إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو أفضل خيار.

وبعد الفوز الصعب لماي في سحب الثقة، توجهت إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي وسط سعيها لإدخال تغييرات بسياسة المصد الأيرلندي.

وعلى الرغم من أن القادة الأوروبيين قاموا بإلقاء كرة "صفقة البريكست" في ملعب بريطانيا، إلا أنهم اجتمعوا على أنه لا مجال لمزيد من المناقشات وأن الاختيارات غير ممكنة.

ومع ذلك صرحت ماي بأنها أجرت نقاشاً قوياً مع "يونكر" في مسعى للحصول على تأكيدات قانونية إضافية بشأن قضية حدود أيرلندا.

وبدأت مؤسسات مالية حكومية في بعض الدول الأوروبية بالفعل في الاستعداد لسيناريو البريكست بدون اتفاق، وهو الأمر الذي يهدد بتبعات كبيرة على مختلف المستويات الاقتصادية والمالية.

الوضع المالي

بعد أن خيم التقلب على سوق الأسهم العملة المحلية للبلاد طوال جلسات الأسبوع الماضية، نجحت البورصة في حصد المكاسب.

فبالرغم من أن المؤشر البريطاني "فوتسي"أنهى تعاملات الجمعة داخل النطاق الأحمر لكنه حقق مكاسب في الأسبوع المنقضي بلغت 1%.

وعلى صعيد الجنيه الإسترليني فشهد انخفاضاً أمام الدولار الأمريكي يتجاوز 1.1% هذا الأسبوع لتصل خسائره منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 6.88%.

 

 

مباشر


 

مواضيع ذات صلة :