جدل وتحقيقات نُشر

خبراء يطالبون الحكومة بتصحيح السياسات الاقتصادية..

أجمع خبراء اقتصاديون محليون على أن البنك المركزي اليمني عاجز عن إيقاف الانخفاض المستمر للريال اليمني الذي هبطت قيمته مقابل الدولار إلى (205) ريالات ما ينذر بالتهاب الأسعار وخلل بالموازين الكلية للاقتصاد اليمني وتأكل الاحتياطي النقدي وذلك ناتج عن جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية الخاطئة التي أصبحت غير مجدية في المرحلة الراهنة.

يجب سحب الوفورات المالية الموجودة في الخارج

دعا خبير الاقتصاد المعروف الدكتور عمر عبد العزيز البنك المركزي اليمني إلى سحب الوفورات المالية الموجودة في الخارج بوصفها مدخرات ودائع بفوائد، لأنها تتآكل في ظل وجود أزمة التآكل المالي الدولي، وقال أن جملة التدابير التي يفترض أن يتخذها بنك البنوك واضحة المعالم الإسراع في إطلاق الخزانة العامة للدولة وهو مشروع مكتوب من عدة سنوات، وهي الغرفة الرقابية الرئيسية للمال العام وهي الضابط الأساسي لدور المال ومنع التلاعب بالمال العام، وأضاف أستاذ الاقتصاد الدولي في حديث خاص نشرته «مال وأعمال» أن من أهم التدابير للخروج من تآكل الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية هي تفعيل اللامركزية المالية والإدارية، وأن تكون هناك مسؤولية شخصية بما يتعلق بالتصرف الإداري المالي من قبل أي موظف موقعه يعلم ما يفعل من خلال الملف الدوري لأي مرفق وأيضاً تفعيل البعد القانوني في الآلية المالية، و لا يجوز في حال من الأحوال أن تصدر ورقة ائتمان باعتبارات فردية، وهي ورقة مكشوفة لا غطاء لها. وهناك من يحررون شيكات بالملايين والمليارات ولا يحاسبون لأن هذه الشيكات غير قابلة للدفع، وهناك من يستفيد من المال العام بطرائق مختلفة، إلى ذلك أشار عبد العزيز أن الخطط الخمسية الثلاث التي نفذت لم تتحقق بنسبة مثالية والمشكلة أن الفساد لعب دوراً كبيراً في حرف مسارات الخطط، و رغم كل هذا تمت انجازات على مستوى البنية التحتية، وأن هناك أشياء أنجزت ولكنها لن تنجز بنفس الرؤية التي كانت مخططه لها، ومن الإشكالات كبر هامش التآكل بالمشاريع ولابد أن هذا الهامش يصغر، منوهاً إلى أن اليمن تحتاج إلى تطبيق الأدبيات والقوانين الموجودة فيها بشكل فعال وبدرجة أولى الشروع نحو اللامركزية الحقيقية وهو مفتاح الحلول كلها.

الإقتصاد اليمني ليس منتج

ويرى الدكتور محمد الميتمي أن تراجع تدهور الريال أمام الدولار محصلة لمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية وضعف القاعدة الإنتاجية وزيادة الواردات مع انخفاض الطاقة الإنتاجية، وبين ان تراجع الريال أمام الدولار ليس بالأمر السهل لما يترتب على ذلك من سلبيات تمس الأسعار وقال: لو رجعنا إلى الهيكل الاقتصادي اليمني وقارناه بهياكل اقتصاديات الدول الأخرى ونمو العلاقة بين الريال والعملات الرئيسية الأخرى فإنها علاقة مباشرة تعكس العلاقة الحقيقية لهيكل الاقتصاد اليمني وهياكل اقتصاديات الدول الأخرى لأن الاقتصاد اليمني غير منتج لذلك ارتفاع الأسعار يزداد على الدوام، بيد أنه خلال الفترة الماضية مابين 1990 إلى 2006م نجد أن ارتفاع الأسعار زادت بحدود 1900 ٪ وهذا رقم كبير ويعكس العلاقة بين الاقتصاد اليمني والاقتصاديات للدول الرئيسية الأخرى. واستطرد الميتمي بالقول أن العلاقة بين الريال والدولار علاقة عرض وطلب كلما زاد الطلب على الدولار ينخفض سعر الريال وبالتالي تزداد أسعار السلع، والدولار لا يأتي الا عندما تكون منتج ونحن مستوردون لا ننتج إلا سلعة واحدة وهي النفط التي تمثل 98 ٪ من صادرات اليمن ولا يوجد الآن تحسن بالارتفاع الطفيف لأسعار النفط لتراجع حصة اليمن من عائدات النفط إلى أقل من 300 برميل، فحصة اليمن من النفط الذي يصدرا نحسر إلى النصف والذي أدى بدوره إلى تراجع قدرات اليمن من الحصول على العملات الصعبة نتيجة انخفاض قدرات اليمن التصديرية في الوقت الذي تتصاعد فيه واردات اليمن من السلع الخارجية نظراً لزيادة السكان ومتطلباتهم، الأمر الذي يزيد الطلب على الدولار لضعف العرض وتسابق الناس على شرائه وبذلك يرتفع سعره وتنخفض قيمة العملة الوطنية.

والدولار هو حركة مصدر لتخزين الثروة في ظل الأزمات «النقود الساخنة» هذه العملات التي تعتبر ثابتة وأيضاً شراء العقارات، ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن السياسة النقدية التي يمارسها البنك المركزي ليست سياسة حكيمة فالسياسة النقدية مع السياسة المالية تشكل المرتكزات الأساسية لنمو التنمية، السياسة النقدية لم تغطي هذا الدور، ويبقى على البنك المركزي أن يعيد النظر في السياسات النقدية التي لا تعتبر في الوقت الراهن أداة من أدوات التحفيز ولكن أداة من أدوات الركود الاقتصادي والسياسة النقدية ليست سياسة ملائمة ويبقى إعادة النظر فيها، وفي الصدد ذاته يتوقع الخبير الاقتصادي الدكتور على الوافي أن البنك المركزي يقلل من تدخله في السوق وخاصة أنه عمل على المحافظة على استقرار الريال العملة المحلية من خلال بيع جزء من الاحتياطي النقدي المتوفر لزيادة العائدات النفطية، موضحا أن البنك المركزي لا يستطيع حالياً الاستمرار في هذه السياسة نهائياً، لأن ذلك يؤدي إلى تآكل الاحتياطي النقدي وبالتالي سوف تظهر عوامل العرض والطلب تعمل بصورة أكبر من السابق،و هذه العوامل تخفض قيمة الريال بسبب تأثير الموازين الكلية للاقتصاد اليمني خاصة الموازين الخارجية، ميزان المدفوعات والميزان التجاري نتائج الأزمة المالية العالمية كون صادرات اليمن النفطية تراجعت.

تقييم غير صحيح

من جانبه يرى الوافي أنة من الأصل أن يترك الآمر بدرجة أساسية للعوامل الاقتصادية وهي عوامل السوق العرض والطلب بمعنى أن يكون هناك عوامل غير اقتصادية تؤدي إلى وجود تقييم غير صحيح للعملة وإن كان في ذلك ميزه للحفاظ على استقرار الأسعار ولكن هذه الميزة تقابلها سلبيات أكبر تتمثل في التقييم الغير صحيح لأسعار عوامل الإنتاج و أشار إلى أن هناك جملة من السياسات التي ينبغي على البنك وعلى الحكومة اتخاذ ها ، تتمثل في سياسات اقتصادية متكاملة تؤدي إلى تحسين ميزان المدفوعات والميزان التجاري وبقية الموازين الكلية وهذا لم يتم إلا في إطار عملية إصلاح الإدارة الاقتصادية لموارد البلاد وتحسين بيئة الاستثمار لأن تدفقات رؤوس الأموال الآن تهرب من اليمن إلى الخارج بشكل يومي وهذا سبب آخر لزيادة الطلب على الدولار وانخفاض سعر الريال.

مؤكدا أن البنك المركزي ليس لديه بدائل حقيقية وحلول لسيطرة على الأمر، والبدائل لا تأتي عن طريق تصحيح السياسات الاقتصادية بشكل عام وهذا ما يجب على الحكومة أن تقوم به ومن الصعب إيجاد حلول آنية مباشرة، لأن العجز والطلب يحدد قيمة العملة وخاصة في غياب التدخل لأن المسائل تعتمد على سير التطور عالمياً.والاحتياطي النقدي لا يعززه إلا إذا ارتفعت أسعار النفط عالمياً.ودعا الوافي الحكومة أن تتجه نحو سياسة اقتصادية في إطار منظومة كاملة وأن تتجه هذه السياسات نحو إيجاد البدائل المناسبة لتحسين الوضع الاقتصادي بشكل عام وتحسين وضع ميزان المدفوعات بشكل خاص. وفي السياق ذاته يبين مصطفى نصر- مدير مركز الإعلام الاقتصادي- إن السبب الرئيسي وراء وصول سعر صرف الدولار إلى 205 ريالات أن هناك انحدار في سعر الريال مقابل الدولار ، معتبرها نتيجة طبيعية لحالة الاقتصاد اليمني الذي يشهد حاله من التدهور . وأضاف مصطفى نصر أنه سبق وقد حذر المركز من هذه الخطورة وقال أنه يتوقع أن يتراجع سعر الريال مقابل الدولار إلى 210 بحلول 2010، واعتبرها نصر نتيجة طبيعية لضخ مزيد من العملة الريال إلى السوق دون أن يواكب ذلك نموا اقتصادي .

وقال نصر من المعروف أن اليمن لديها وسيلتين للحصول على النقد الأجنبي وهى العائدات النفطية والصادرات ، وأيضا ما تحصل علية من منح ومساعدات ، وكل هذه الوسائل في تراجع خلال هذا العام. وما يحدث حالياً كان قد توقعه تقرير البنك المركزي الذي رفعه إلى مجلس الوزراء مسبقاً والذي ضمّن أن تكون الموازين الخارجية غير مواتية بشكل واضح، وتوقع التقرير أيضاً وصول عجز الميزان الكلي في ميزان المدفوعات إلى رقم قياسي مقارنة بالسنوات السابقة والذي قد يصل حوالي من 1-5 إلى 2 مليار دولار وسيتم تمويل ذلك من رصيد الاحتياطات الخارجية للبنك المركزي وهو ما يعني انهيار العملة الوطنية. وقال التقرير أن انخفاض الاحتياطات الخارجية قدرت بـ900 مليون دولار، جراء تلبية البنك المركزي لطلبات البنوك لشراء العملة الأجنبية، وأن استمرار البنك في إتباع ذات السياسة حتى نهاية العام الحالي سيترتب عنه انخفاض الاحتياطات بحوالي 1100-1200 مليون دولار ويرى التقرير أن الانخفاض المتوقع الكامل لعامين حوالي 2.1 مليار دولار، وفيما قال البنك المركزي أنه اتخذ إجراءات وقائية للحفاظ على سعر الصرف وإيقاف الانخفاض السريع في الاحتياطات النقدية بالعودة إلى انتهاج السياسة السابقة بالنسبة لسعر الصرف والتدخل عند الحاجة وإيقاف سياسات النافذة المفتوحة لأن هذا الإجراء ضاعف من انخفاض الاحتياطات النقدية الخارجية حيث بلغ اجمالي مبيعات الدولار خلال شهر واحد فقط «يونيو الماضي» 720 مليون دولار، في حين أصبح سعر الصرف في حدود 205 ريال للدولار، خلال الشهر ذاته، والذي تجاوز حالياً 205 للدولار مقابل الريال.

وأوضح التقرير الذي تداولته وسائل الإعلام المحلية أن حجم ماضخه البنك خلال العامين من عملة أجنبية إلى السوق بلغ 2.4 مليار دولار، غير المبالغ التي تم بيعها مباشرة للبنوك، والتي بلغت خلال العام المنصرم 383 مليون دولار، كما كشف التقرير عن تعاظم التعقيدات التي توجهها بلادنا والذي أكد أن تحويلات المغتربين ستقل، وهي تدعم الاقتصاد المحلي يوازيه انخفاض في الاستثمارات الخارجية المباشرة، الأمر الذي يعني تعاظم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة.


 

مواضيع ذات صلة :