جدل وتحقيقات نُشر

المشاريع المتعثـرة.. مليارات مهدرة!!

المشاريع المتعثرة.. صيغة اقتحمت مؤخراً قاموس مفرداتنا وأدرجت في التقارير الرسمية، وكذا في الصحافة موحية  أن هناك خللاً ما قد اعترى سير التنمية.. وليؤلف صورة عن اهتزاز عمل مؤسسات عامة، وأداء شركات خاصة طالها هذا الاتهام، وفتح الباب على مصراعيه لتساؤلات مشروعه أفصحت عن تعدد المسؤوليات في الوصول إلى حالة ما اصطلح على تسميته: «المشاريع المتعثرة»..
ونحن نسلط الضوء على واقع مشاريع خدمية متعثرة التي كان يفترض إنجازها، والمتأمل لدراما تعثر هذه المشاريع التي تكبد الدولة خسائر من موازنتها تقدر بمليارات الريالات لاستكمال الأعمال التنفيذية لهذه المشاريع. وفيما يتعلق بمشروعات الطرق المتعثرة فأننا لا نستطيع أن نقلل من جهود الوزارة المعنية أيضاً والتي عملت خلال السنوات الماضية جاهدة بالتنسيق مع السلطات المحلية على تفعيل العديد من المشروعات المتعثرة. وتنشيطها وحققت بذلك نجاحا لا باس به لاستئناف العمل في بعض المشاريع المتعثرة حيث عملت وزارة الأشغال العامة والطرق على إيجاد معالجات لأسباب التعثر وقد تركزت جهودها في تبنيها آلية لتجاوز تأخير دفع مستخلصات المقاولين وعدم إسناد أي مشاريع جديدة بالتكليف المباشر تحت أي مبرر كان وكذا أعدادها مشروع القائمة السوداء بالشركات التي تباطأت في انجاز أعمالها سعيا منها لدفع الشركات إلى انجاز المشروعات المتعثرة وكما أن إصدار لائحة القائمة السوداء للمقاولين قد فعلت الكثير ممن لديهم مشروعات متعثرة ولكن يبقي الحديث عن المشاريع المتعثرة لن ينقطع كوننا بحاجة إلي مزيد من الاهتمام والدعم والرعاية ووضع الحلول الممكنة.
مستحقات المقاول
مشروع مبنى وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» تم البدء فيه بتاريخ 2004/8/29 بموجب العقد الذي قدرت قيمته بحوالي «612499925» وتقدر فترة تنفيذه بثلاث سنوات، حصلنا على معلومات أولية عن هذا المبنى المتعثر التي لخصت على أن الوزارة المشرفة علية قامت برفع تقرير فني حول نتائج الدراسات والأوليات الخاصة بالمبنى والذي تضمن وضع مقترحات للمعالجات والإجراءات للتسوية والتصفية الودية للمبنى المذكور على أساس أن يراعى فيه النظر في جوانب ما تم تنفيذه من المبنى بحسب الواقع المنفذ، والنظر في مستحقات المقاول وفق النظام والقانون والفصل في الاختلاف القائم فيما يخص مطالبات المقاول ومطالبات الجهة المالكة للمبنى «وكالة سبأ اليمنية للأنباء»، كما أوصت المعالجات التي تضمنها التقرير إلى سرعة فسخ العقد مع المقاول المنفذ للمشروع وتم أخطاره في أوائل شهر رمضان المبارك بالرد على ما جاء في قرار المعالجة سواء بالموافقة أو الرفض مع وضع ملاحظة أنه في حالة عدم استلام الوزارة أي رد من قبل المقاول خلال أسبوع يعني بذلك موافقة المقاول على ما تم إشعاره مع الأخذ بالاعتبار مسألة أعداد قيمة الأعمال المتبقية ليتسنى رفعها إلى اللجنة العليا للمناقصات لإنزال هذا المبنى المتعثر في مناقصة إضافية لإتمام ما تبقى من الأعمال وفقاً للدراسات والتصاميم المعدة له.
تبادل الاتهامات
مشروع مستشفى الكويت الجامعي المرحلة الثانية تم توقيع عقد تنفيذه بتاريخ 2005/7/9م بتكلفة إجمالية قدرت بحوالي 985.418.572 ريال حيث قدرت فترة تنفيذه بـ«36» شهراً تبدأ من تاريخ تسليم المشروع في تاريخ 2008/8/5م إلا أنه لم ينجز منه سوى 17 ٪، ولا تزال الأعمال متعثرة في المشروع، كما أن وضعه حاليا مرشح للاستمرار ما لم يتم الوقوف الجاد من قبل جهات القرار أمام المشاكل والمعوقات التي اعترضت وستعترض سير تنفيذه، ومن الأسباب المؤدية لتعثر هذا المشروع الخلاف القائم بين الوزارة والشركة المنفذة التي لم تفي بالتزاماتها، وتؤكد الوزارة إلى أن الشركة المكلفة بتنفيذ هذا المشروع لم تقم بتغطية الضمانات اللازمة فيما يخص ضمان حسن التنفيذ بواقع 10 ٪، وعدم استئناف العمل في بقية مكونات المشروع كون تنفيذ الشركة  أعمال الشبكات.

إضافة إلى مطالبة الوزارة من الشركة تقديم برنامج التوريدات والتركيب الخاص بتنفيذ أعمال الشبكات المقدمة من قبل الشركة المنفذة والمعمدة من الوزارة، وفيما تضمنت مبررات الشركة المنفذة إلى أن إعادة أسباب التعثر بالمشروع يعود إلى أسباب التأخير في أعمال الشبكات والأنظمة وإلى عدم تعيين الاستشاري.. وفي حين أوضحت الوزارة أن الشركة قد تجاهلت دور الوزارة كاستشاري، وبأنها سبق وأن قامت الشركة من تعميد للتصاميم المقدمة من قبلها وفق التزاماتها التعاقدية وبحسب ما نصت عليه من إعداد للدراسات والتصاميم للأنظمة والشبكات، وكان اشتراط الشركة المنفذة من حيث التفاهم على المعالجات الجذرية الشاملة لتنفيذ الأعمال المتاحة مثل الألمونيوم بسبب التغيير في المواصفات في حين ترى الوزارة أن هذا التغيير كان جزئياً وكما هو معروف أن مثل هذه الأعمال سوف تعالج بصورة نمطية من خلال تقديم عرض سعر في الأعمال المطلوبة من قبل المقاول على أن يتم التفاوض عليه ومن ثم يقر اعتماده، من جانب آخر كانت اشتراطات الشركة المنفذة أن يتم التوصل إلى المعالجات النهائية والشاملة قبل تقديمها ضمان التنفيذ وضمان حسن الأداء في حين توضح الوزارة أن تقوم الشركة المنفذة بتوفير هذا الضمان مسبقا كونه من الشروط التعاقدية الأساسية التي لا تقبل التعديل أو التغيير، وعن مطالبة الشركة بتسليمها نسخة رسمية متكاملة من المخططات وجداول الكميات لأعمال الشبكات والتي أعدت الشركة هذه المخططات كانت مطالبة الوزارة بتسليمها نسخة متكاملة من هذه المخططات لغرض دراستها ومراجعتها والتشييك عليها ومن ثم تقوم باعتمادها هذه المخططات إلى ذلك طالبت الشركة بتكليف لجنة لدراسة خسائرها المادية والمعنوية ابتداء من تاريخ العقد وهو ما أكدت علية الوزارة بأنها سوف تعمل علي تشكيل هذه اللجنة لغرض دراسة خسائر الشركة المادية والمعنوية وكذلك فيما يخص أيضاً خسائر الجهة المالكة للمشروع المادية والمعنوية من جراء توقف وتعثر هذا المشروع الحيوي الهام، وبينت الوزارة إلي انه من خلال الرجوع إلى العقد المبرم بين الشركة المنفذة ومحضر الاتفاق الخاص بمعالجة تعثر هذا المبني والموقع في تاريخ 2006/9/11م والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من العقد ونظراً لعدم التزام الشركة المنفذة بالمادة رقم «4» فيه وكذلك بحسب المادة «63/ب» و«63/د» مما ينص عليه العقد فإن الوزارة قد أكدت مطالبتها بتطبيق المادة رقم «5» من المحضر. وبعد ذلك قامت الوزارة باتخاذ إجراءاتهما بإشعار الشركة التي تتولى تنفيذ مبنى المستشفى منوهة فيه إلى أن الجهة المالكة للمبنى ستعلق حق استخدام العقد خلال 14 يوماً، و طالبت الشركة بما يترتب عليها بشأن إعداد جداول بقية الأعمال لغرض رفعها للجنة العليا للمناقصات. ومن جانب آخر كان مدير عام مستشفى الكويت الجامعي قد تلقى إشعاراً من الشركة المنفذة للمشروع أبدت فيه رغبتها باستئناف العمل في استكمال توسعة مبنى المستشفى التي أكدت الشركة في رسالتها بشأن الحلول اللازمة لمعالجة التوقف والتعطيل الذي واجهته الشركة وأعاق تنفيذ أعمال المشروع، ورغبتها في سبيل إنجاح هذا المشروع الهام وإخراجه إلى حيز الوجود. فقد أشعرتهم الشركة بجملة من الإجراءات التي ستتبعها وهي استئناف العمل في مكونات المشروع المتاحة بما فيها أعمال الألمنيوم التي لا يرتبط تنفيذها بأعمال الشبكات التخصصية، وكذا المضي في تنفيذ هذه الأعمال مشترطة ضمان حقها المالي من قيمة الأعمال الإضافية والتغيرية والجديدة ذات العلاقة بمكونات هذه البنود طبقاً لما هو سائد وفق التنفيذ، وكما أشارت إلى ذلك الجهة الاستشارية، متعهدة بمضاعفة العمل بشكل أكبر بدءاً من 20 شوال القادم. -فيما يخص أعمال الشبكات والأنظمة التخصصية فسيتم تقديم برنامج التوريد والتركيب الخاص بتلك الأعمال والإعداد لها عقب إجازة عيد الفطر المبارك بالاشتراك مع المهندس مدير المشروع ممثل الجهة الاستشاري «وزارة الأشغال العامة والطرق» وسيتضمن الرؤية المشتركة للجهة الاستشارية والشركة في تنفيذ المعالجات التي تكفل إزالة كل الإشكالات التي اعترضت عملية التنفيذ في ذلك الخصوص. -وأكدت الشركة على تمكينها من الخسائر التي تكبدتها، وكذا طالبت بالتعويضات المستحقة المترتبة عن الأضرار البالغة التي لحقت بها من تاريخ التعاقد، وهي مطالب مستندة إلى الوقائع التي لا يمكن أن يحتاط لها المقاول المتمرس ولم تكن متوقعة على الإطلاق بالإضافة إلى مطلب رد الاعتبار للشركة عما لحق بسمعتها وما تستحقه من تعويض لجبر الضرر المترتب من ذلك الجانب.
اعتراضات على المشروع
(مشروع طريق(صنعاء-أرحب حزم الجوف - رجوزه) الممول جزئيا من الصندوق السعودي ضمن اتفاقية قرض رقم (23-402 ويبلغ طوله بـ(204 )كم، والتي تقدر تكلفته ب(35 ) مليون دولار، ويعتبر من أهم المشاريع الحيوية الإستراتيجية الذي كان يتوقع منة بان يساهم بحل الكثير من وعورة التضاريس ومعاناة كافة المواطنين من أبناء مديريات صنعاء وأرحب وحزم الجوف وممن يساعد علي وصول الموصلات إلى كل منطقة وبيت إلا أنه للأسف الشديد لم يكتمل العمل بهذا المشروع المتعثر حاليا، وذلك نتيجة عدم قدرة الشركة المنفذة على الوفاء بتحمل التزاماتها التعاقدية تجاه تنفيذها المشروع وهذا من أبرز مشاكل بقائه متعثراً طوال هذه الفترة بالإضافة إلى جانب الاعتراضات المتكررة التي يواجهها هذا المشروع من البعض والذين يعمدون إلى افتعال المشاكل التي تعيق تنفيذ المشروع وفق الرؤية والبرامج المعدة وبموجب ما نصت عليه التصاميم والدراسات فالجهود التي بذلت لم تثمر في الحد من تعثره وعلى ضوء ذلك فقد اتخذ المجلس الأعلى للطرق في اجتماعه في تاريخ 2009/7/22م قراراً بان يدرج المشروع ضمن الطرق الممولة من الموازنة العامة للدولة. وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة ممثلة بالجهات الحكومية تجاه تنفيذ المشاريع الخدمية إلا أن الواقع يكشف لنا من جانب آخر عن تعثر جملة من هذه المشروعات، لأسباب أهمها أن تعمل بنظام ترسيه عقود التنفيذ على أساس السعر الأقل وليس الجودة ، وسرعة الانجاز، وعدم تهيئة المقاولين المحليين لحجم المشروعات المنفذة مع ما يعنيه ذلك من بروز هذا الأثر السلبي اقتصادياً واجتماعياً.. وبقاء هذه الأوضاع أمر لا ينبغي الرضوخ له، ويجب أن تبحث أسباب هذه المشكلة سواء كان أطراف الاختلاف فيها (المقاول، الجهة الحكومية المنفذة، المكتب الاستشاري للمشروع)، من خلال وضع المعالجات الرئيسية للأسباب الرئيسية والثانوية لتعثر تلك المشاريع الخدماتية التي أهدرت بسببها إمكانيات ومقدرات كبيرة.


 

مواضيع ذات صلة :