شارع الصحافة نُشر

الصحافة البريطانية تكشف وثائق الأكاذيب قبل احتلال العراق

اتفقت صحيفتا "الغارديان" و"ميل أون صندي" على ان رئيس الوزراء البريطاني

السابق توني بلير استخدم اساليب مخادعة تصل الى "الكذب" لتمرير شن الحرب على العراق واحتلاله.

وذكرت صحيفة "الغارديان" الاحد في تقرير لها تحت عنوان " الرقص على قرع الطبول الأميركية" إن توني بلير أُبلغ قبل عشرة أيام من بداية الحرب على العراق بأن أسلحة الدمار الشامل لدى الرئيس العراقي صدام حسين، كان قد جرى تفكيكها والتخلص منها.
واضافت "لقد تم إبلاغ الوزراء مرارا وتكرارا خلال فترة الاستعداد للحرب بوجود فجوات استخباراتية كبيرة".
وعززت صحيفة "ميل أون صندي" الشكوك المتصاعدة بشرعية احتلال العراق عبر تقرير مطول استدعت فيه التواريخ والاحداث منذ عام 2002.
وكشفت الصحيفة عن رسالة سرية اثبتت أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير كذب بشأن شرعية الحرب على العراق التي قادتها حكومة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش من دون موافقة الأمم المتحدة.
ووجه المدعي العام البريطاني السابق اللورد غولدسميث الرسالة السرية إلى بلير في تموز- يوليو 2002، أي قبل ثمانية أشهر من غزو العراق، لتحذيره من أن الإطاحة بنظام صدام حسين ستكون خرقاً صارخاً للقانون الدولي.
وقالت الصحيفة إن الهدف من وراء رسالة المدعي العام كان دفع رئيس الوزراء البريطاني السابق إلى إلغاء خطط غزو العراق، غير أن بلير تجاهلها وقام بدلاً من ذلك باصدار تعليمات لاسكات اللورد غولدسميث ومنعه من حضور اجتماعات الحكومة، وأمر بالتستر على القضية كي لا تصل إلى الجمهور البريطاني.
وأخفى بلير الرسالة عن وزرائه خشية اثارة تمرد مناهض للحرب، واطلع حفنة من أنصاره على مضمونها بعد أن أقسموا على الحفاظ على سريتها.
واستاء المدعي العام البريطاني السابق من الطريقة التي تعامل بها بلير معه بعد الرسالة، وهدد بالاستقالة من منصبه وتعرض لحملة تخويف من قبل بلير وأنصاره جعلته يفقد قسماً كبيراً من وزنه، ونشرت الصحيفة صورتين لغولدسميث قبل وبعد التهديد لاظهار تأثره الجسدي.
وحصلت صحيفة "ميل أون صندي" على أدلة جديدة حول الطريقة التي تعرض من خلالها اللورد غولدسميث لحملة ضغط وتخويف لاجباره على تأييد غزو العراق، اظهرت أن المدعي العام السابق جرى استدعاؤه إلى مكتب رئاسة الحكومة البريطانية لحضور اجتماع اقتصر على بلير ورئيس مجلس اللوردات والرئيس الأعلى للقضاء اللورد فالكونر والبارونة سالي مورغان كبيرة مستشاري بلير.
وأكد مصدر مطّلع للصحيفة "أن فالكونر ومورغان ضغطا على اللورد غولدسميث وطلبا منه أن يفعل ما يريده بلير".
ورفض متحدث باسم بلير تفسير أسباب احجام رئيس الوزراء البريطاني السابق عن الكشف عن مضمون الرسالة السرية التي وجهها له المدعي العام السابق اللورد غولدسميث عام 2002.
ويشير مضمون الرسالة التي وجهها اللورد غولدسميث الى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك الى انه سينتهك القانون الدولي ويقوم بحرب غير شرعية على العراق.
وتكشف الرسالة التي قدمت الى بلير بعد ستة أيام من اجتماع لمجلس الوزراء البريطاني في 23 تموز- يوليو 2002 والذي تم سرا وتداول الخطة المشتركة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتغيير النظام في العراق، النيات المبيته للحرب.
وكتب اللورد غولدسميث الرسالة بخط اليد على ورقة قياس " A4" بصفته مقرباً من بلير مخاطباً اياه بعزيزي توني وفي الختام كتب "تفضلوا بقبول فائق الاحترام ، بيتر".
وأكد في رسالته ان الحرب على العراق غير شرعية، لا يمكن تبريرها على أساس تغيير نظام الرئيس العراقي صدام حسين.
وذكر "على الرغم من أن قواعد الأمم المتحدة تسمح بالتدخل العسكري للدفاع عن النفس، الا ان هذه القواعد لا تنطبق على الحرب على العراق، لان بريطانيا لا تتعرض لتهديد من العراق".
وأثارت الرسالة غضب بلير الذي رفض طريقة كتابتها والاراء المثبتة فيها وطالب كاتبها الا يفعل ذلك مستقبلا الا اذا طلب منه ذلك.
واستذكرت صحيفة "ميل أون صندي" في تقريرها المطول الاحداث وتداعياتها قبل احتلال العراق وكيف كان يشار الى ان الهدف من الحرب هو تجريد حكومة الرئيس العراقي السابق صدام من أسلحة الدمار الشامل التي لم يعثر عليها.
وعرجت على استقالة وزير الخارجية روبن كوك من حكومة بلير احتجاجاً على شن الحرب على العراق.
ويتصاعد كشف المعلومات مع استمرار لجنة التحقيق المستقلة حول حرب العراق برئاسة جون تشيلكوت جلساتها العلنية في لندن، وستستمع خلالها إلى افادات دبلوماسيين ومسؤولين استخباراتيين بريطانيين سابقين حول أصول الأزمة.
وستقوم اللجنة باستدعاء مسؤولين سياسيين وعسكريين واستخباراتيين لتقديم افاداتهم، وستستدعي في بداية العام المقبل سياسيين بارزين من المتوقع أن يكون على رأسهم رئيس الوزراء الحالي غوردون براون وسلفه توني بلير.
وسيحاول بلير ان يبرر قراره المشاركة في الحرب، الذي جاء مخالفا لارادة اكثرية البريطانيين وبدون موافقة الامم المتحدة.
وتوقعت تقارير صحفية بريطانية بأن يمثل امام اللجنة شهود اجانب كالامين العام للامم المتحدة السابق كوفي عنان وكبير مفتشي الوكالة الدولية للوكالة الذرية في العراق سابقا هانس بليكس.
وسيعلن رئيس اللجنة تعليق التحقيق في مارس/آذار 2010 قبل انطلاق حملات الانتخابات العامة، ويعلن استئنافه في تموز- يوليو أو آب -أغسطس، على أن يصدر التقرير حول نتائج التحقيق أواخر العام 2010 أو مطلع العام 2011.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت" إن لجنة التحقيق شكلت وعين أعضاؤها وحددت مرجعيتها ومن ثم وجب أن تشرع في إجراء تحقيق جدي بشأن الأسباب الحقيقية التي قادت إلى الحرب بما فيها شهادات صانعي القرار المعنيين بقرار الحرب.
وشككت الصحيفة في ملاحظتها على خلفية شيلكوت في مجال الوظيفة العامة وكون زملائه اختيروا من قبل الحكومة البريطانية، ملقية بظلال من الشك على عمل اللجنة ومرجحة أن تصوغ تقريرا يتعاطف مع الحكومة.
وقالت الصحيفة إن عمل اللجنة سيقيم في ضوء قدرتها للاجابة على عدد من الأسئلة المثيرة عن المعلومات الاستخبارتية التي كان الوزراء يملكونها بشأن التهديدات التي شكلها العراق؟ وهل تم تحريف الأدلة عمدا لحشد الرأي العام لصالح الحرب؟ وهل كانت الأزمة مستعصية في المراحل الأولى على الحل الدبلوماسي؟
وتساءلت "الإندبندنت": هل كانت السياسة الخارجية البريطانية مستقلة عن السياسة الأميركية؟ وما هي النصائح التي تلقاها الوزراء بشأن مدى قانونية غزو العراق؟
ويواجه رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون مطالب لتغيير قواعد التحقيق الذي أمر بفتحه حول حرب العراق وسط مخاوف من أن غالبية الوثائق الحسّاسة التي تفسّر أسباب مشاركة بريطانيا بها لن تكون علنية.
وذكرت صحيفة "أوبزيرفر" الأحد إن براون ومع دخول التحقيق أسبوعه الثاني، يتعرض لضغوط متزايدة لتقديم أدلة عن النقاشات التي اجرتها حكومة سلفه توني بلير حول غزو العراق وجعلها علنية، ومن بينها محاضر جلساتها التي تظهر كيف غيّر النائب العام آنذاك اللورد غولدسميث رأيه حول شرعية الحرب.
واضافت الصحيفة أن المطالب ضمّنها زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نك كليغ في رسالة وجهها إلى براون، وأصرّ فيها على أن تحقيق حرب العراق الذي يقوده جون تشيلكوت سيفشل في ارضاء الجمهور ما لم يتم رفع غطاء السرية عن الوثائق الحسّاسة.
وذكر كليغ في الرسالة "إن الحقيقة الكاملة لا يمكن معرفتها ما لم يتم الكشف علناً عن المشورة القانونية التي قدّمها النائب العام السابق اللورد غولدسميث للحكومة في الفترة التي سبقت الحرب على العراق، وكذلك الرسائل الإلكترونية والإتصالات الأخرى المتعلقة باستدعائه من قبل مكتب رئاسة الحكومة البريطانية يوم الثلاثين من آذار-مارس 2003، والذي سبق اعادة صياغة تلك المشورة حول مشروعية الحرب".
وطالب زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار براون أيضاً بالسماح بنشر الوثائق المتعلقة بالإجتماع بين بلير والرئيس الأميركي السابق جورج بوش، التي اتفقا فيها على غزو العراق، محذراً من "أن ثقة الجمهور في النتيجة النهائية لتحقيق حرب العراق ستتدمر ما لم يوفّر براون للجنة التحقيق الحرية التي وعد بأن يزوّدها بها".
وكانت تقارير صحافية كشفت أن براون منح وزاراته الحق في عرقلة تسليم وثائق سرية حول حرب العراق إلى اللجنة التي تجري تحقيقاً حولها، وقالت إن هذا الحظر يعني أن بعض الوثائق التي ستدقق بها لجنة التحقيق لن تكشف عنها علناً لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وستكون وثائق أجهزة الاستخبارات السرية البريطانية، التي تعد حيوية لكشف الحقيقة حول قيام حكومة بلير بالمبالغة في قضية الحرب، مغطاة أيضاً بهذا الحظر.

 


 

مواضيع ذات صلة :