اقتصاد يمني نُشر

السياسة التي أفسدت الإصلاح الاقتصادي فـي اليمن

 Imageمن مرحلة حرب صيف 1994 إلى العام 97 مرت اليمن بتجربة أولى للاصلاح الاقتصادي.. ثم بدأت في غمار مكثف من تجارب الديمقراطية وصراع الأحزاب السياسية وصولاً بالمصالح الشخصية الضيقة للقطاع الخاص وبعض الفاسدين في القطاع العام.. مرت اليمن خلال هذا كله بتجربة فاشلة للإصلاحات الاقتصادية والتي أنهك رمقها الأخير ضغوطات المؤسسات الدولية وصندوق النقد.. إليكم أبرز العوامل السياسية التي أثرت سلباً على سياسة الإصلاح الاقتصادي في اليمن.
تحاول هذه الدراسة تتبع أثر العوامل السياسة على سياسة الاصلاح الاقتصادي في اليمن، حيث شرعت اليمن في تبني برنامج الاصلاح الاقتصادي في عام 1995 بعد حرب صيف 1994 التي نتجت عن أزمة سياسية متفاقمة بين شركاء الوحدة.
وتنقسم الدراسة إلى خمسة فصول، يهتم الفصل التمهيدي بتناول مفاهيم واستراتيجية الاصلاح الاقتصاي بأبعادها السياسية، بالإضافة إلى تناول العوامل والظروف السياسية التي تحيط بسياسات الاصلاح الاقتصادي ويتناول الفصل الأول المدخلات والعوامل السياسية الداخلية والخارجية «السياسية والاقتصادية» المرتبطة بالبيئة المحلية والاقليمية والدولية.
بينما يتناول الفصل الثاني دور الأحزاب السياسية وجماعات المصالح «القطاع الخاص»، ودور المؤسسات المالية الدولية في سياسات الاصلاح الاقتصادي. ويتناول الفصل الثالث آلية صنع القرار الاقتصادي في الدولة في إطار الموسسات الرسمية،
من خلال معرفة السياسات والخطط التي تتخذها الدولة بغرض تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي، ومعرفة البيئة التشريعية التي تم في إطارها تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي،
 ويتضمن الفصل الرابع سياسات الاصلاح الاقتصادي خلال الفترة من 1995 إلى 2005، وتقييم نتائج الاصلاحات الاقتصادية، ومانتج عنها من آثار اجتماعية وسياسية بهدف معرفة تأثير تلك الآثار على تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي. وعلى اعتبار أن اليمن صنف من ضمن البلدان العربية منخفضة الدخل،
حيث تعتبر مسألة تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي أكثر تعقيداً، فهي تعتمد اعتماداً كبيراً على عدد محدود جداً من السلع، ومن ثم فهي أكثر تعرضاً للصدمات الخارجية، وتعاني مديونيات خارجية ثقيلة وحجماً من عبء خدمة الديون الخارجية لا يتناسب مع قدراتها الاقتصادية، فإن الأهداف العامة لبرنامج الاصلاح الاقتصادي قد تمثلت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، والوصول بالاقتصاد إلى وضع التوازن الداخلي والخارجي،
والاصلاح الهيكلي. وقد تطلب تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي اليمني تقسيمه اجرائياً إلى مرحلتين، المرحلة الأولى: مرحلة التثبيت الاقتصادي «أبريل 1997-1995: وهي المرحلة التي تمت بد حرب صيف 1994، التي نتج عنها خروج الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة، وتم تنفيذ هذه المرحلة في ظل ائتلاف ثنائي «المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح»،
 وانتهت هذه المرحلة بخروج حزب «الاصلاح» من السلطة، إثر ثاني انتخابات برلمانية بعد الوحدة في ابريل 1997م. المرحلة الثانية: سياسات الاصلاح الهيكلي «يوليو 2000-1997: وقد بدأت هذه المرحلة بعد الانتخابات البرلمانية 1997، التي بموجبها حصل المؤتمر الشعبي العام على الأغلبية المريحة،
مما مكن الحكومة من تطبيق هذه المرحلة في ظل وجود معارضة برلمانية ضعيفة. ونتيجة لتعثر تنفيذ بعض الاجراءات الاقتصادية للمرحلتين السابقتين، نتيجة لعدد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد استمر تنفيذ بعض تلك الاجراءات، خاصة الاصلاحات السعرية حتى عام 2005، وهي ما يمكن اعتبارها كمرحلة ثالثة.
وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج منها مايلي: -لعبت الأزمة الاقتصادية التي شهدها اليمن في النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين دوراً أساسياً في اضطرار اليمن لتبني برنامج اصلاح اقتصادي، وفقاً لمشروطية المؤسسات المالية الدولية، خاصة بعد تأكد عدم قدرتها على معالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وفق برنامج وطني.
وفقد ساهم الإجماع السياسي في تلك الفترة ف يحد التأييد الشعبي لبرنامج الاصلاح الاقتصادي. -لعبت القيادة السياسية دوراً مؤثراً في المبادرة في تبني الاصلاحات الاقتصادية،
خاصة في المرحلة الأولى، وتراجع هذا الدور مع تصدر القضية الأمنية أولوية القضايا الأخرى. -اقتصر دور المؤسسة التشريعية على اقرار الموازنات العامة وبرامج الحكومة، التي تضمنت الاصلاحات الاقتصادية،
واصدار التوصيات التي لم تنفذها الحكومة رغم التزامها بها. وقد نتج عن عدم قدرة السلطة التشريعية على محاسبة ومساءلة الحكومة، في ظل الاغلبية البرلمانية، وتنامي ضعف البرلمان وزيادة نفوذ الحكومة التي تمكنت من تمرير سياساتها الاقتصادية. -بدأت أدوار الأحزاب السياسية غير موثرة،
فقد ساهم انقسامها في البرلمان، خاصة في المرحلة الأولى من تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي، في عدم قدرتها على توحيد معارضها لبعض الاجراءات الاقتصادية، حيث طغت الحسابات السياسية والمصالح الحزبية في تلك المرحلة. ورغم تنامي المعارضة السياسية في المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادي وفي السنوات الأخيرة، إلا أن تأثيرها يكاد ينعدم، وتجلى ذلك في عدم قدرتها على فرض رؤاها في البرلمان، خاصة مع حصول الحزب الحاكم على الأغلبية المطلقة في الدورتين البرلمانيتين 1997 و2003م. -بالرغم من الأدوار والمواقف التي اتخذها القطاع الخاص، إلا أن تلك المواقف قد جاءت في فترة متأخرة من مراحل برنامج الاصلاح الاقتصادي، وتركزت مواقف القطاع في معارضته للاصلاحات الاقتصادية التي تمس مصالحه ونشاطه، واقتصر تأثيره من خلال معارضته لتطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات،
وقدرته على إجراء تعديلات على القانون وتأجيل نفاده عدة مرات. -تفاوت الدور الذي لعبته المؤسسات المالية الدولية. ففي بداية تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي، وفرت الأزمة الاقتصادية الفرصة الملائمة لتلك المؤسسات لأن تلعب دوراً محدوداً، تمثل في تحذير الحكومة اليمنية من مخاطر عدم تبنيها في برنامج اصلح اقتصادياً،
وفقاً لمشروطيتها، وتعاظم هذا الدور، خاصة في المرحلة الثانية من خلال استجابة الحكومة لضغوط المؤسسات المالية الدولية، خاصة بعد تراخي الحكومة في تطبيق تلك الاصلاحات في السنوات الأخيرة. -يتطلب الأمر لنجاح أية اصلاحات اقتصادية جديدة مواكبتها للاصلاحات الإدارية وتوافر الاجماع الشعبي والسياسي على ضرورة الاصلاح الشامل بكافة أبعاده السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، وهو مايبدو غير ممكن بمعزل عن تفعيل القوانين التي أقرتها السلطة التشريعية، مثل قانون الإقرار بالذمة المالية، وقانون مكافحة الفساد، وقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية،
وتمكين هيئة مكافحة الفساد من عملها، كمنظومة مكمله لقوانين الاصلاح الاقتصادي، بالإضافة إلى إجراء تعديلات دستورية تتضمن تحديد صلاحيات ومسؤوليات السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتضمن استقلال السلطتين التشريعية والقضائية والتوازن بين السلطات. ¼ المصدر: السياسة الدولية فبراير 2009

 

مواضيع ذات صلة :