جدل وتحقيقات نُشر

سوق الأوراق المالية.. مولود طال انتظاره !

اقتصاد منهك ودعوات متناقضة لإقامة سوق أوراق مالية وخطط لتنفيذ برنامج للإصلاحات الاقتصادية ‏والمالية متعثرة وتشريعات غائبة ونظام مصرفي عاجز وفساد مالي وإداري يمد يده ليعانق السماء وتقارير ‏دولية تشير إلى أن اليمن احتل مرتبة متقدمة في الفقر، وسط ذلك كله يقف اليمن حائرا بانتظار مولود جديد ‏اسمه "سوق الأوراق المالية" الذي طال انتظاره.‏

منذ عام 2004 ونحن نسمع تصريحات أطلقها مسؤولين حول استعدادات اليمن الإنشاء أسواق للأوراق ‏المالية، إيمانا منها بما تقوم به تلك الأسواق من دور هام في تهيئة المناخ الاستثماري الملائم، وكقناة لجذب ‏وحشد المدخرات، وتوجيهها نحو الاستثمارات المنتجة.‏

‏"السياسية" كان لها وقفة لمعرفة إلى ابن وصلت تلك الاستعدادت والخطوات الجادة لإنشائها وماذا إذا كانت ‏اليمن مهيأة بالفعل لإقامة تلك السوق أم أنها مجرد كلام للاستهلاك "الإعلامي".‏

بداية ‏
قبل الخوض في مسالة تهيئة اليمن للسوق نحاول الاقتراب قليلاً لمعرفة ماهية السوق المالية حتى نكون على ‏بينة منه ويعرف المفهوم التقليدي الشائع للسوق بأنه مكان البيع والشراء وأما المفهوم الاقتصادي للسوق يكمن ‏في كونه المكان الذي يلتقي فيه البائع والمشتري لتبادل سلعة أو خدمة معينة وقد اقتصر مفهوم سوق الأوراق ‏المالية على المكان أو السوق الذي يتم فيه تداول الأوراق المالية بأشكالها المختلفة كالأسهم والسندات أو ‏الشيكات المالية وتنظمه قوانينه وأنظمة ولوائح تضمن إتمام المبادلات بيعا وشراء بسرعة وسهولة وأمان إذا ‏سوق الأوراق المالية هي سوق التعامل بالأوراق المالية بيعا وشراء أو هي سوق الأوراق المالية (الأسهم، ‏والسندات بكافة أنواعها وأشكالها).‏

أين اليمن ؟؟
بحسب رسالة ماجستير للباحث نبيل العلفي في عام 2005 حول المتطلبات اللازمة لإقامة سوق الأوراق ‏المالية في اليمن ومدى ملائمة الأوضاع السائدة حالياً في اليمن لإقامة هذه السوق خرجت الدراسة بمجموعة ‏من التوصيات لإقامة سوق الأوراق المالية وأهم تلك التوصيات: استكمال بقية مراحل إنشاء السوق المحددة ‏في هذه الدراسة ووفق تقارير صندوق النقد العربي ، واختيار الكادر الذي سيعمل في السوق وتدريبهم ‏وتأهيلهم بالاستفادة من تجارب وخبرات بعض الدول العربية، وكذا مواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادي ‏والمالي والمحافظة على تحقيق نتائج ايجابية في تخفيض معدل التضخم، ومحاصرة عجز الموازنة ، ‏والمحافظة على استقرار أسعار الصرف، وتطوير الجهاز المصرفي وتشجيع إنشاء مؤسسات الوساطة المالية ‏وصناديق الادخار و الاستثمار، ودعم إنشاء الشركات المساهمة وتشجيع الاستثمار في الأوراق المالية.‏
‏ ‏وبرغم أن النتيجة التي توصلت لها الدراسة إلى أن الوضع أصبح مهيئاً لإقامة سوق الأوراق المالية اليمنية ‏لتصبح أحد مكونات النظام الاقتصادي اليمني القائم على مبدأ الحرية الاقتصادية إلا أننا لم نشهد ونحن في ‏‏2010 أي انطلاق لتلك السوق.‏

تأخر ‏
أسئلة كثيرة تدور حول سبب تأخر تلك السوق واستفسار يدق أجراسه ليسأل هل اليمن ليس مؤهلا ليكون ‏سوقا للأوراق المالية كبقية الدول، كانت البداية مع رئيس جامعة تونتك الدولية الماليزية للتكنولوجيا الدكتور ‏محمد المتيمي، الذي يشير إلى أن سبب تأخر إنشاء السوق يعود إلى الأوضاع التي يشهدها اليمن حالياً، ‏ويضيف أن تلك الأوضاع فرضت نفسها بقوة فادت إلى أن الحكومة أجلت النظر في السوق إلى أن تنتهي من ‏تلك الأزمات.‏
ويتابع: "التأخر ليس معناها نسيان أو رفض تلك السوق وإنما يحتاج إلى متطلبات وشروط فهناك شروط ‏مؤسسية وقانونية ومادية ونظام مصرفي في اليمن يحتاج إلى تعديل وهناك أسباب لضعف النظام المؤسسي ‏الإنمائي في اليمن وهذا يجعل في وجود سوق أسهم وسندات في ظل غياب قدرة مؤسسية فاعله إلى حد ما ‏عائق ضمن العوائق التي تعيق إنشاء سوق المالية".‏
هل اليمن مؤهلا ليكون سوقا للأوراق المالية فعلا؟ سؤال كررناه على كثيرا من المختصين في شؤون ‏الاقتصاد في البلاد، وبرغم أن تصريحات المسؤولين الحكوميين توحي بان هناك خطوات جادة اتخذتها ‏الحكومة لإنشاء تلك السوق تساؤلاً طرحنا بداية على جلال يعقوب بصفته احد وكيل وزارة المالية لشؤون ‏الخارجية احد المعنيين عن أمر تلك السوق عن أمرها لكن مع ذلك لم نستطع التواصل معه بسبب ازدحام ‏وقته لكنه وجهنا إلى مدير الوحدة سوق الأوراق المالية في الوزارة عباس الباشا الذي قدم لنا تفاصيل ‏وتوضيحات حول أسئلتنا.‏
ويقول الباشا: "بذلت جهود في عام 2000م لإنشاء سوق أوراق مالية وتم القيام بالعديد من الدراسات في ‏إمكانية وجود سوق الأوراق المالية دراسة جدوى اقتصادية وكل هذه الدراسات أشارت إلى إمكانية إنشاء ‏وإطلاق هذه السوق في اليمن طبعا كان فيه العديد من الجهود وكان هناك لجنة فنية لدراسات إنشاء سوق أوراق مالية وقاموا بجهود وانجازات من ضمنها إعداد مسودات قانون سوق الأوراق المالية أولية إلا أنها ‏توقفت عام 2002م حتى 2006م وفى نفس العام أعادت الجهود من جديد وقد تم تشكيل لجنه إشرافية عليا ‏بأمر مجلس الوزراء برئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد و وزارة التخطيط والتعاون الدولي ‏وعضوية كلاً من مدير المالية ووزير الشؤون القانونية ووزير الاتصالات هذا بالإضافة إلى محافظ البنك ‏المركزي ورئيس الهيئة العامة للاستثمار ورئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس اللجنة الإشرافية على أعمال ‏إنشاء سوق الأوراق المالية في اليمن كما تقوم وزارة المالية بالإشراف المباشر على تأسيس السوق فقد قامت ‏بإنشاء وحدة مشروع السوق المالية في وزارة المالية وهى وحدة مستقلة ضمن وزارة المالية تقوم بتنفيذ خطة ‏إنشاء سوق المالية في اليمن ضمن هذه الخطة إعداد مسودة قانون للسوق ومراجعة جميع القوانين ذات العلاقة ‏مثل القوانين التجارية وقانون الشركات وغيرها من القوانين مثل قانون البنوك والمصارف وقانون الضرائب ‏لإيجاد بيئة مالية داعمة وبيئة مالية مساعدة لإنشاء السوق كما تقوم بتأسيس وتجهيز المؤسسات الرئيسية التي ‏ترغب في هذه السوق وهى تتضمن مركز للإيداع المالي كمرحلة أولية كما نهتم باستقطاب وتأهيل وتدريب ‏الكوادر التي ستعمل في هذه المؤسسة هذا جانب كبير من الجهود التي تبذلها كما نهتم بزيادة الوعي حول ‏أهمية وضرورة هذه السوق في اليمن ستقوم الآن الوحدة بتنظيم العديد من الندوات في المستقبل في اليمن أهم ‏تطور حصل في العام السابق وما تم التوصل إلى مذكرات تفاهم مشتركة مع هيئة الأوراق المالية الأردنية ‏ومركز الإيداع المالي.‏

صعوبات ‏
وبرغم تلك الخطوات الايجابية يقر الباشا ببعض الصعوبات التى وجهت تلك السوق ومنها عدم وجود الكفاءة ‏اللازمة في البلاد لشغل المناصب وتسيير العمل في هذه الهيئة وبالتالي نحن نعمل بشكل متوازي مع جميع ‏العمليات والمهام الاخرى لإنشاء السوق، لنقوم باستقطاب وتدريب وتأهيل الكوادر وهذا جزء رئيسي التي ‏توجهنا فيها نحو إخواننا في المناطق العربية للاستفادة من خبراتهم التي هي ليست موجودة في اليمن .‏
وبعدها حطت رحال عند وزارة التخطيط والتعاون الدولي لنتحدث مع وكيل وزارة التخطيط قطاع الدراسات ‏والتوقعات الاقتصادية الدكتور محمد الحاوري، لنسأله هل اليمن مهيأ بالفعل لإنشاء تلك السوق؟ ويشير إلى أن متطلبات إنشاء السوق يحتاج إلى إصلاح اللبنة الأولى الاستثمارية ويضيف: "في اعتقادي انه يمكن تهيئة ‏هذه الظروف وتوفير المتطلبات المختلفة لإنشاء هذا السوق وبالتالي يمكن أن يشكل ويبدأ في شكل محدود ‏حتى يمكن دراسة الإشكالات عن هذا السوق ومتابعتها أولا بأول".‏
ويشير إلى أن المتطلبات الأساسية لإيجاد سوق الأوراق المالية يمكن توفيرها في اليمن مثل متطلبات ‏اقتصادية وتشريعية ومتطلبات متعلقة بتحسين البيئة الاستثمارية ومتطلبات قضائية ومن بين الأفكار ‏المطروحة أن يكون هناك محكمة خاصة بالبورصة حتى يتجنب السوق الإشكالية المتعلقة بالقضاء ‏
ويؤكد الحاوري أن تلك الخطوات تبدأ تأخذ وجهها الصحيح والقضية ليست مستعجلة كثيرا ولا نتباطئ وإنما ‏إعداد الترتيبات وتوفير المتطلبات الكافيةالتى تسمح لهذا السوق أن يحقق أهدافه وبالتالي يكون لبنة وإضافة ‏حقيقية للاقتصاد.‏

متطلبات أساسية ‏
من جانبه يؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور محمد عبد الحميد فرحان، أن هنالك ‏متطلبات لإنشاء سوق الأوراق المالية هذه المتطلبات متوفرة على ارض الوقع مثلا استكمال آلية التشريعية ‏واستكمال من قانون الودائع ونظامها ،هل استكملت آلية التشريعية أولا.
ويشير إلى أن إنشاء السوق في ظل الظروف الراهنة الآن والتطورات المستجدات والأحداث التي طرأت ‏على اليمن تحتاج إلى دراسة جديدة وتقييم للوضع العام.

ونحن نبحث عن معلومات حول سوق الأوراق المالية أعطتنا وزارة التجارة والصناعة أرقام عن عدد ‏الشركات اليمنية المساهمة ذات الاكتتاب العام المقفلة والمسجلة لدى الوزارة حوالي 9 شركات اكتتاب عام ‏و180 شركة مساهمة مقفلة والفاعلة منها من 80 إلى 100 شركة.‏
ليست العبرة هنا بعدد الشركات لدينا فالكل يؤكد انه يمكن بدء السوق بثلاث شركات كما فعلت سلطنة عمان، ‏لكن المشكلة في اليمن ليست في عدد الشركات إنما في إيجاد المتطلبات الأساسية القضائية والتشريعية ‏والإصلاح المصرفي اليمني من أجل إنشاء هذه السوق.‏

وهذا ما أكده لنا رئيس جمعية البنوك اليمنية احمد الخاوي، الذي رافق أحد المستشارين القانونيين في مجال ‏الأسواق المالية لزيارة اليمن لبحث استعدادات اليمن لإنشاء السوق فيقول:" ووجدنا حقيقة أن هناك حاجة لنشر ‏الوعي فيما يتعلق بإنشاء سوق الأوراق المالية، ويشير إلى أن الجهاز المصرفي وشركات اليمن لها حجم ‏كبير كهيئة المعاشات الحكومية والخاصة في حاجة إلى تأهيل كوادرها، إذا قامت سوق مالية وفكرة استثمار ‏هذه السوق تكون لهم الكفاءة والإدارة المطلوبة".‏

ويضيف كذلك وجود مستوى قضائي يمني وبالدرجة الأولى المحاكم التجارية ليس في المستوى المطلوب ‏الشيء الذي يؤخر وجودها كما أن نسبة الفساد في اليمن نسبة كبيرة لهذه العوامل كان برأي البنك الدولي عالياً أن تأهل مصارف وشركات التأمين حتى تكون مهيئة للقيام سوق مالية وإيجاد المؤسسات للتمويل وإصلاح ‏القضاء كانت وجهة نظر البنك الدولي والخبراء أنه يمكن الإصلاح في مجال القضاء والبنوك في الشركات ‏تسير بخطى متوازية مع قيام السوق خاصة إذا قام السوق سوف نجد أنفسنا في حاجة إلى سنوات من التدريب ‏الكوادر وتدريب العاملين وتقييمهم وتعريفهم ما هي أهمية السوق وسنحتاج إلى سنوات وهذه السنوات تعتبر ‏كافية تحديث بيئة البنوك والشركات وإعادة ترميم في وجهة نظرة، أن الأمور لا تتحمل الانتظار يجب أن ‏تسير بخطوط متوازية بعد تقرير البنك الدولي وبعد إقرار اللجنة التي تسهل الإعداد لسوق.‏

سبأ


 

مواضيع ذات صلة :