آراء وأقلام نُشر

مفاهيم إدارية.. (وأمرهم شورى بينهم) صناعة القرار الإداري

عبد القوي حسان

خلد القرآن الكريم الموقف الخالد لـ بلقيس اليمن إذ رفضت أن تستبد برأيها، وطلبت المشورة من الملأ الذين هم بدورهم أكدوا لها ثقتهم بقدراتها، وتركوا القرار النهائي لها (قالت يا أيها الملأُ أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعةً أمراً حتى تشهدون).

مفاهيم إدارية.. (وأمرهم شورى بينهم) صناعة القرار الإداري

صناعة القرار قبل اتخاذ القرار

أهم صفات القائد الناجح أن يصنع القرار قبل اتخاذه، والفرق كبير بين صناعة القرار واتخاذ القرار. فصناعة القرار: عملية معقدة تشترك فيها أطراف مختلفة، تمر بمراحل عقلانية رشيدة لا تقتصر على الاختيار فقط، ولكنها تتبلور في عمليات فرعية ثلاث: البحث والمفاضلة والمقارنة بين البدائل والاختيار. أما اتخاذ القرار فهو النتيجة الحتمية لعملية الصناعة، ويكون بواسطة القيادة أو النخبة.

تكمن أهمية عملية صناعة القرار أننا نعيش في عالم مضطرب وغير منضبط، فهي عملية خطيرة تمس الحاضر، وتغير الواقع، وتمتد آثارها إلى المستقبل، لذلك يجب أن تسبقها دراسة متأنية تستند إلى قاعدة واسعة من المعلومات المتخصصة والدقيقة فيما يتعلق بموضوع القرار المزمع إصداره. وفي كتاب "تحسين صنع القرارات في عالم مضطرب" يؤكد مؤلفه تشارلز ب. رايز (Charles P. Ries) أن لكل رئيس أمريكي نظام لصناعة القرارات يعتمد على القدرات الكاملة والحكمة المتراكمة للحكومة الأمريكية ولأصحاب الشأن في الأمة.

في المجال الإداري، تعد عملية صناعة القرار قلب الإدارة، وجوهر العملية الإدارية، والمنطلق الرئيسي لجميع العمليات الأخرى، لأنه من خلال صنع القرار تحقق الإدارة أهدافها. فالإدارة تُعرَّف بأنها عملية صنع القرار.

إن مقدار النجاح الذي تحققه أية مؤسسة إنما يتوقف في المقام الأول على قدرة وكفاءة القادة الإداريين وفهمهم للقرارات الإدارية ومراحل صناعتها وأساليب اتخاذها، وبما لديهم من مفاهيم تضمن رشد القرارات وفاعليتها، وتدرك أهمية وضوحها ووقتها، وتعمل على متابعة تنفيذها وتقويمها.

ولصناعة قرارات رشيدة وصحيحة على القادة الإداريين عدم الاستعجال في اتخاذ أي قرار، بل عليهم التريث وفهم المعطيات والبيانات والمقارنات بين الخيارات المتاحة. كما على المرؤوسين تقديم بيانات ومعلومات واضحة وصحيحة ودقيقة لصانعي القرارات.

صناعة القرار عملية جماعية

إن عملية صنع القرار الصائب، عملية جماعية، وأن فعالية الجماعة ضرورة حتمية في نحاج فعالية القرار وسهولة تطبيقه، فالقرار الصائب هو الذي يمثل إرادة الجماعة، أي يتماشى القرار مع مصلحة الأغلبية لا مصلحة الفرد.

 فمن الضروري اشراك المرؤوسين والمواقع التنفيذية في عملية صناعة القرار التي تؤثر فيهم وفي أعمالهم، وذلك ضمانا لوضوح الرؤية وتبادل الرأي فبل أن تتخذ القرارات. إذ أن اشراك المرؤوسين في عملية صناعة القرار يضمن تعاونهم الاختياري والتزامهم بتنفيذها، كما أنه يحقق ديمقراطية الإدارة.

فالتشارك في صناعة القرار من أهم سمات الرقي الإداري والنضح المؤسسي، وهو ما يكسب الموظف والمرؤوس الراحة في أداء عمله، والحافز على الإبداع فيه، والسعي إلى تطويره، من خلال إعطائه الفرصة لاكتشاف مكامن الأخطاء، والمشاركة في وضع الحلول، بناء على خبراته ومعارفه، ومشكِّلا أحد أهم دوافع الولاء التنظيمي والاندماج المؤسسي.


 

مواضيع ذات صلة :